عمان - مع بداية فصل الصيف والعطلة المدرسية تبدأ معاناة الأهالي مع أبنائهم الذين يفرغون طاقاتهم البدنية والفكرية إما بنشاطات وألعاب غير منهجية ربما تشكل إزعاجا وضوضاء وضررا لهم ولغيرهم، وإما بالجلوس أمام شاشة التلفاز والإنترنت ساعات طويلة ما يسبب لهم مشكلات صحية ونفسية. وبحسب وكالة الأنباء الأردنية "بتراء"، تعتبر هذه الظاهرة الموسمية مشكلة كبرى خاصة للأسر التي يكون الوالدان فيها من الموظفين، وهو ما يضطرها إلى تسجيل أبنائها في مراكز تعليمية ومؤسسات تربوية تقوم على تنظيم برامج ترفيهية منهجية وإكسابهم مهارات مفيدة، لتتخذ المشكلة بعدا ماليا وشكوى من غلاء أقساط هذه المراكز والنوادي التي تتراوح بين 50 و70 دينارا أسبوعيا للطفل الواحد، إذا كان البرنامج الصيفي ترفيهيا ولا يشمل الجانب التعليمي. وتقول أم أحمد والدة لطفلين (7 و9 أعوام)، إنها مجبرة على تسجيل أطفالها في المراكز الصيفية نظرا لدوامها الطويل خشية من بقاء أطفالها في المنزل وحدهم وتعرضهم للخطر، الأمر الذي يشكل عبئا ماليا إضافيا على أسرتها، وتعبر ربة المنزل أم داوود عن شعورها إزاء بدء العطلة الصيفية قائلة "أعلن حالة الاستنفار في المنزل، وأخرج بأطفالي مرة في الأسبوع لزيارة الأقارب أو الحدائق العامة القريبة لتفريغ طاقاتهم وللترويح عن أنفسهم، لكني ألاحظ عدم رضاهم فأتغاضى عن ذلك لأنني لا أستطيع احتجازهم طيلة اليوم في المنزل ولأنني أيضا لا أملك القدرة على تسجيل ثلاثة من الأبناء في ناد صيفي نظرا لارتفاع أسعاره مقارنة بدخلنا المحدود". وأكدت مسؤولة ناد صيفي في إحدى المدارس الخاصة قائلة "إن البرامج المقدمة للأطفال خلال العطلة الصيفية هي نتاج ما يتم مشاهدته خلال العام الدراسي من نقاط ضعف لدى الطلبة وتحويلها إلى نشاطات وتطبيق على أرض الواقع كدروس تقوية لمواد اللغة العربية والإنكليزية والرياضيات، إضافة إلى النشاطات الترفيهية". وأضافت أن النشاطات تتنوع بين اللياقة البدنية والمسرح وكرة القدم والتايكوندو وألعاب التلي ماتش وزيارات هادفة للمراكز التعليمية وبرسوم اشتراك مناسبة تشتمل على تأمين المواصلات بحسب المناطق للطلبة المشتركين. Thumbnail ويرى أستاذ علم الاجتماع والجريمة في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين أن فترة العطلة الصيفية فرصة لإكساب الطفل مهارات تتناسب ومستواه العمري، وتعويده على الابتعاد عن والديه دون الشعور بالخوف والقلق، والاعتماد على النفس، مشيرا إلى أن النوادي الصيفية يجب أن تغطي أربعة مستويات ثقافية هي البادية والريف والمدينة والمخيمات ضمن برامج تحمل خصوصية مجتمعية، بحيث نحقق في نهاية العطلة الصيفية استثمارا نافعا للوقت الحر من جهة وزيادة المهارات التخصصية للطلبة والأبناء وفق مستويات النمو عند كل فرد. ويوضح محادين أن الأنشطة الصيفية لها أثر إيجابي على اندماج الأطفال مع بعضهم البعض على الرغم من أنهم قد يكونون من مدارس ومناطق مختلفة وبالتالي يكتسبون صداقات ومهارات اجتماعية جديدة، إضافة إلى أن الألعاب التي يتشاركون فيها تعزز من روح الفريق لدى الطفل والعمل ضمن جماعة. وكشف أن الهدف من التحاق الطفل بالنوادي هو عدم إهدار الإجازة الصيفية وقضائها في المنزل أمام التلفاز أو الكومبيوتر، وإشغاله بأدوات وأعمال تنمي مهاراته وترفع معدل نشاطه عند تنظيم وقته خلال الصيف، وعلاوة على ذلك تتيح له فرصة التفاعل مع مجموعات من الأطفال في عمره بشكل منظم، ليتعلم التواصل والتفاعل مع الآخرين. وأفاد محادين بأنه من منظور علم اجتماع الوقت لا بد من التذكير بأنه يجب استثماره بالشكل الأنسب والصحيح، مشيرا إلى أن ميزانية الوقت تقسم إلى ثلاثة أقسام متفاعلة تتمثل بأوقات قضاء الحاجات الأساسية من طعام وشراب، ووقت العمل والقراءة والوظيفة عند الكبار، والأوقات الحرة وهي التي تشكل جزءا من تلك الميزانية، ولكن أصحابها لم يخططوا لاستثمار هذا الوقت. وختم قائلا “الأسر الأردنية وفي ظل ارتفاع نسبة الفقر والبطالة بحاجة إلى أن توفر الحكومة مراكز تفعيل الشباب والأندية بكافة مواقعها، وهنا يكمن تحدي التنسيق بين وزارتي التربية والتعليم والشباب استنادا إلى أهمية استثمار مرافقهما المشتركة”. ويبقى العديد من الأهالي في حيرة من أمرهم بين أهمية إشراك أبنائهم في النوادي وضيق ذات اليد، وبين أمل يداعبهم في أن تبادر الجهات المعنية بفتح مراكز ونواد تعنى بتنمية الفرد وإثراء نشاطاته برسوم رمزية تستطيع الأسر دفعها.
مشاركة :