ما طعم الحب... أيمكن أن يتطعّم الحب أحدٌ... الحب طعم في الفم واللسان... ما ذائقة الحب... «من ذاق عرف» أَلَهُ طعم يتخلّق وشيًا في وجدانية الروح... أيمكن لاحدٍ أن يتلمّض الحب بروحه في شعر ابن الفارض... أكنتُ يومًا تلفّتُ بروحي طربًا وجدانيًا في شعر ابن الفارض وهو ينشد «متعبدًا» (شربنا على ذكر الحبيب مُدامة * طربنا بها من قبل أن تخلق الكرم).. هو أبو حفص شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي، رسول الحب شعرًا عذبًا إلى دنيا الناس أجمعين، والذي عرف بسلطان العاشقين عند جمهور المتصوفة (!). أبرقٌ بدا من جانب الغور لامع أم ارتفعت عن وجه ليلى البراقع أنار الغضا أضاءت وسلمى بذي الغضا أم ابتسمت عمّا حكته المدافع يقول: (سيد طنطاوي) في مجلة روز اليوسف: «ابن الفارض ممن أرّخوا لتلك الحالة الوجدانية بأشعارهم فقدم الحب في كلام موزون مُقفى دحض به كل ميل للتطرف، فصار علمًا يتحاكى به الناس ويهتدون بهدايته. لو عرف القلب والعقل مسحةً من الحب ما أدركتهما ذرة من إرهاب أو تطرف، ولو عرف الناس سيرة المتيّمين والعاشقين ما استطاع أن يغويهم أحد إلى التطرف. ولم يسلم أبن الفارض من نيران المتطرفين إذ هاجمه أحدهم بضراوة وقال عنه إنه من أهل الإلحاد القائلين بالحلول والاتحاد ووحدة الوجود، لكن أنصفه السيوطي: بين معانيه التي لم يُدركها المتشدد، ولم يستوعبها عقله، وكان عصر ابن الفارض مهدًا مناسبًا فتلألأ كنجمة في سماء الشعر الصوفي: أوميضُ برق بالاُبَيرق لاحا أم تلك ليلى العامرية أسفرت ليلًا فصيّرت المساء صباحًا يا راكب الوجناء وُقيْت الردّى ان جبت حزنًا او طويت بطاحا وسلكت نعمان الأراك فعج إلى وادٍ هناك عهدته فيّاحا يُؤول المتصوفة ظواهر المعاني الشعرية عند شعرائهم خلاف معاني بواطنها وضمن أسرار وحيثيات «إلهية» خاصة بهم دون غيرهم ويرفضون التوغل في فتح باب النقاش في مثل هذا الموضوع. ولا يُمكن إخفاء صدقية قوافي الكثير من شعرائهم شكلًا ومحتوى فمثلًا الشعرُ عند جلال الدين الرومي واضح الجلالة الشعرية شكلًا ومحتوى في حب شمس الذي يغشاه عشقًا آناء الليل وأطراف النهار (!). فالموهبة الشعرية تفرض توهج قوافيها الشعرية في صدقية موضوعية تتجلى وضحًا في عين «الشمس» ولا يمكن إخفاء جمالية صدقيتها الشعرية في سيطرة الموهبة عندها (!). سقتني حُميّا الحب راحة مقلتي وكأسي مُحيّا من عن الحُسن جلّة وبالحدق أستغنيت عن قدحي ومن شمائلها لا من شمولي نشوتي فالشعر في لذّة حُسن الشكل الموحي والجوهر.
مشاركة :