خارج النص وخارج السرب

  • 7/14/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يخرج عن النص فيتخلد المشهد في ذاكرة المتابعين.. والخروج عن النص أسلوب شائع يتبعه عشرات الفنانين على خشبات المسارح الكوميدية، ودائمًا ما يضفي أجواء من الضحكات المضاعفة على المواقف.. فعلها عادل إمام وسمير غانم ووحيد سيف وطارق العلي وخالد النفيسي وسعد الفرج ومحمد العلي والقائمة طويلة.. أعتقد أن هذا الخروج يحدث أحيانًا باتفاق مسبق بين المخرج والممثل، وإيهام الحضور والمشاهدين بأن الكلام الذي يقال في تلك اللحظة لم يكن مكتوبًا في سيناريو المسرحية.. في هذه القاعدة العريضة هناك اسم يغرد خارج السرب ويغرد خارج النص، فعليك رحمة واسعة من ربك ورضوان يا عبد الحسين عبد الرضا.. ما كان هذا الفنان الأسطوري والاستثنائي ضمن ركاب الموجة، وإنما كان حالة خاصة يحتاج الفن العربي سنوات طوال لمعرفة أسرارها.. ويحتاج دهرًا بأكمله حتى يأتي واحد يوازي أو حتى يلامس ما كان أبو عدنان يفعله ويقوله.. الذي انغمس وانكب وتابع عبد الحسين في كل أعماله يعرف أن كل حوار يشارك فيه سواء كان مسرحيًّا أو تلفزيونيًّا إنما هو خارج النص تمامًا.. جسّد عبد الحسين معنى كوميدية الموقف بكل تجلياتها وأساليبها ومزاياها فتشابهت اللغة التي ينطق بها في أي ظهور.. ليس هناك فرق بين درب الزلق والإسكافي والحيالة.. تغيرت أسماء الكتاب والمخرجين وظل عبد الحسين عبد الرضا وحده يظهر للناس بلغته المعتادة ونكتته المتفردة وقفشاته الخاصة وأسلوبه الواحد.. ما كان بحاجة النص حتى يخرج منه أو يدخل فيه.. كان كاللاعب الماهر الذي يتركه المدرب بلا توصيات أو تعليمات أو مهمات.. يقول له فقط المباراة ستبدأ بعد قليل ونحن نريد الفوز فاهبط إلى العشب الأخضر وتول أمر الانتصار.. مسلسلات كثيرة ومسرحيات متعددة يتغير فيها دور أبو عدنان، لكن أبدًا لا يتغير النهر العذب الذي ينهل منه، تلك الأدوات التي زرعت الابتسامات العريضة والضحكات المجلجلة على شفاه الخليجيين طوال أربعين عامًا أو تزيد.. كلما طالعت مشهدًا لأبو عدنان أيقنت أن النص الذي يخرج منه الممثلون ويتباهون ويعتبرون نوعًا من التمرد وكسرًا للمألوف من أجل إضافات فنية ودرامية وكوميدية تذكرت أن عبد الحسين كان طبيعيًّا واعتياديًّا في خروجه المستمر عن النص الذي ليس في قاموسه أصلاً.. رحمك الله يا أبو عدنان، فكم نص تركته لمن حولك، وجئت لنا كما أنت في طبيعتك وشخصيتك التي تعيش بها في حياتك، فعلمتنا أن النص إنما يكتب لوجوه لا تشبهك بأي شيء.

مشاركة :