هناك ما يقارب من 50 مليون مشرداً حول العالم، منهم لاجئون يبحثون عن الأمن في بلد آخر، ومنهم نازحون داخل حدود بلدانهم، نصفهم من الأطفال. وعلى مدى عقود عديدة ظلت معاناة النازحين داخلياً تقابل بالتجاهل والنسيان إلى حد بعيد، إلا أنهم مجتمعون، ربما يشكلون أكبر مجموعة من الأشخاص المستضعفين في العالم. ففي الوقت الراهن هناك ما يقدر بنحو 23,7 مليون شخص منهم يعيشون في ظل الحروب والاضطهاد في 50 بلداً على الأقل، وهم لا يتمتعون إلا بقدر محدود من الحماية القانونية والشخصية ويواجهون مستقبلاً يكتنفه الغموض إلى حد كبير، وهم منبوذون داخل بلدانهم نفسها. وبطريقة بيروقراطية يتم وصفهم باعتبارهم «أشخاص نازحون داخلياً»، بينما هم في الواقع أشخاص مدنيون غالبيتهم من النساء والأطفال، أجبروا على هجر ديارهم نتيجة الصراعات أو الاضطهاد سعياً وراء الأمان في مكان آخر. ويعد 25 مليون شخص آخرين، أيضاً نازحين داخلياً، وهم ضحايا للكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات. وعندما يعبر المدنيون حدوداً دولية إلى دولة ثانية في مسعى للفرار من الاضطهاد فإن الدولة المضيفة تقدم لهم بصفة عامة الغذاء والمأوى، كما أنهم يتمتعون بحماية القوانين الدولية، ويتم تصنيفهم من الناحية القانونية باعتبارهم لاجئين. بينما يصبح الآخرون الذين لديهم نفس الظروف لكنهم لأي سبب من الأسباب ظلوا مقيمين في دولهم نفسها، أشخاصاً نازحين داخلياً ولا ينالون إلا قدراً محدوداً من التدابير الوقائية والمساعدات المقدمة للاجئين، ويظلون تحت حماية حكومات معادية في الغالب أو يصبحون فريسة في براثن الميليشيات المتمردة. وفي غضون السنوات الأخيرة شرع المجتمع الدولي في نقاش أكثر نشاط حول القضايا الرئيسة الخاصة بالأشخاص النازحين داخلياً، وفي العام 2005 تم الاتفاق على اتباع نهج أكثر تنسيقاً وتماسكاً للتصدي للمشكلة. وفي الوقت الذي تعتبر فيه حقوق الأطفال على الورق معترف بها عالمياً إلى حد ما، فإنها مازالت تواجه أشكالاً عديدة من الاضطهاد، والواقع أن الكثير من الأزمات التي تحيق بالأطفال تتفاقم بشكل أسرع من توفر الموارد اللازمة لمعالجتها. ففي أوروبا هناك ما يقارب 100 ألف طفل مشرد يهيمون بالقارة في حين تختلف المواقف الرسمية بين الحماية القصوى للقاصرين إلى وضعهم بكل بساطة في مراكز الاعتقال. ومن المرجح أن يصل عدد الأطفال المنفصلين عن أسرهم في أوروبا الشرقية وحدها إلى 100 ألف، بينما يتقدم حوالي 20 ألفاً منهم بطلبات اللجوء كل عام في أوروبا وشمال أميركا وأوقيانيا. وفي العام 1996 باتت كندا الدولة الأولى من حيث تطبيق نظام تحديد وضع اللاجئ وإصدار سياسة خاصة عن باحثي اللجوء من الأطفال. يفر معظم الناس من ديارهم بسبب الحروب ويقدر عدد الأطفال الذين قتلوا جراء النزاعات في العقد الأخير بأكثر من مليوني طفل، ويعتقد أن ستة ملايين آخرين تعرضوا لإصابات بينما تيتم مليون آخرون. ويعيش الأطفال في عشرات البلدان بين 60 مليون لغم أرضي، ومازال هناك 10 آلاف ضحية تسقط سنوياً نتيجة هذه الألغام. وهناك أكثر من 200 ألف طفل، الكثير منهم تحت سن العاشرة يخدمون حالياً كجنود أطفال حول العالم، وتجبر غالبية البنات المجندات على ممارسة أشكال مختلفة من الجنس. وقد قتل الإيدز أكثر من 3,8 ملايين طفل، ويتم 13 مليوناً آخرين. فإن كان الأطفال يمثلون المستقبل ويموتون هكذا، فلن يكون هناك مستقبل. وبالرغم من سخاء المجتمع الدولي في الماضي فإن الحقبة الحالية المتسمة بسياسة شد الحزام تجد منظمة مثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نفسها مجبرة على إعادة النظر في برامجها بما فيها مشروعات الأطفال بهدف إلغاء أو تحديد بعض منها، حتى أن الحكومات يمكن أن يكون موقفها متأرجحاً حيال الأطفال المشردين. وقد أصدرت كل من كندا والولايات المتحدة الأميركية من بين دول أخرى مناهج حول التعامل مع مشكلة الأطفال المشردين ممن يطلبون اللجوء، إلا أن هناك عدة آلاف من الصغار الذين استطاعوا الوصول إلى أميركا يقبعون في الحجز، ويواجهون إمكانية الترحيل. وتحمل السنوات المقبلة في طياتها كما العقود الماضية تحدياً في محاولة مد يد العون لملايين القاصرين المحتاجين حول العالم.
مشاركة :