حيوانات سجلوا أسماءهم بحروف من ذهب في تاريخ غزو الفضاء، ولكن للأسف الشديد سقط غالب هؤلاء الرواد في غياهب النسيان. قبل ستين عاما، في 3 من نوفمبر من العام 1957، بعد شهر واحد فقط من وضع القمر سبوتنيك 2 السوفياتي في مدار فضائي، قرر علماء الفضاء الروس إرسال الكلبة لايكا إلى الفضاء بهدف اكتشافه، وبالنسبة للزعيم السوفياتي آنذاك نيكيتا خروتشوف، كان الهدف هو إظهار تفوق الاتحاد السوفياتي على الولايات المتحدة الأمريكية. وبذلك أصبحت الكلبة لايكا اول حيوان يدخل تاريخ الفضاء، ووفقا للقرارات الروسية الرسمية، كانت لايكا ستبقى على قيد الحياة لمدة ثمانية الى عشرة ايام، لتموت بعد ذلك، بعد ان قام الخبراء بتسميم طعامها لتجنب الموت المؤلم. وكان من الضروري الانتظار الى غاية العام 1980 لمعرفة الحقيقة، في الواقع توفيت لايكا بعد بضع ساعات بسبب الجفاف داخل كبسولة بلغت بها درجة الحرارة 40 درجة مئوية، بالإضافة الى عدم وجود حماية كافية ضد الإشعاع الشمسي. الكلاب السوفياتية والقردة الأمريكية خبراء الفضاء الأميركيين كانوا يفضلون إجراء الاختبارات على القردة، لأوجه الشبه الفسيولوجية مع البشر، وقامت الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء “ناسا” بين عامي 1948 و1951، بإرسال ستة قردة، ألبرت الاول أختنق أثناء الرحلة، ألبرت الثاني تمكن من الوصول إلى الفضاء، لكنه مات في تحطم كبسولته، ألبرت السادس (أو يوريك) هو الوحيد الذي نجى وبقي على قيد الحياة لبضعة أيام، لكنه توفي بدوره بعد فترة، بسبب الإجهاد الحراري. من الجانب الروسي، الكلاب تسيجان وديزيك أصبحا أول الناجين من رحلة وصلت إلى 100 كلم من الارتفاع في العام 1951. بعدها قام الخبراء السوفيات بالرحلة المدارية مع لايكا، ومع الكلاب بيلكا وستريلكا، وهما أول من تمكنا من العودة على قيد الحياة من هذه الرحلة. وكان ذلك في العام 1960، قبل أشهر قليلة من أول رحلة سوفياتية بشرية، والتي قام بها يوري غاغارين في 12 أبريل من العام 1961. في العام 1957، كانت بيكر أول قردة تنجو من رحلة فضائية. ليظهر بعدها برنامج الزئبق، مع القرد هام، الذي جلب من الكاميرون ونقل إلى ولاية فلوريدا لتدريبه. والذي أرسل في العام 1961 من قاعدة كيب كانافيرال في رحلة دامت سبع دقائق، على ارتفاع 250 كيلومترا فوق مستوى سطح البحر. بعد بضعة أشهر، جاء دور القرد إينوس، الذي أرسل هذه المرة في رحلة الى المدار حول الأرض، ولكن تعطل نظام التحكم الإلكتروني جعله يتلقى العشرات من الصدمات الكهربائية، وبعد ثلاث ساعات من السفر ومدارين حول الأرض، يسترجع بعد سقوطه في المحيط الأطلسي، ويموت بعد ستة أشهر من الزحار. الفأر هيكتور، البطل الفرنسي أما البدايات الفرنسية في مجال الفضاء، ابتدأت في العام 1961، وكانت تعتمد على ارسال الفئران فقط. مثل ما حصل مع الفأر هيكتور، الذي تم تدريبه في مركز الدراسات والبحوث الفضائية، مع ستة مرافقين آخرين. وكان لديه بدلة فضائية خاصة، واقلع على متن الصاروخ فيرونيك، مع أقطاب كهربائية مزروعة في دماغه، وبعد خمس دقائق من انعدام الوزن، وارتفاع 200 كلم فوق مستوى سطح البحر، يعود بسلام وامان. بعد هذا النجاح قرر الفرنسيون ارسال فأرين آخرين هما: كاستور وبولوكس. بعد عامين، أعيدت التجربة ولكن هذه المرة مع القطة فيليسيتي. والتي لا تزال الى يومنا هذا القطة الوحيدة التي تم ارسالها إلى الفضاء. وكانت مهمتها رحلة عودة مدارية قصيرة مدتها عشر دقائق من قاعدة هاماجوير في الصحراء، وبعدها تم قتلها بما يعرف بحقنة الموت الرحيم بعد بضعة أشهر. الأسماك والعناكب على متن مهمة سكيلاب في العام 1973، يتم إرسال الأسماك الأولى إلى الفضاء على متن رحلة بعثة سوباسيلاب لمعرفة ما إذا كانت الأسماك يمكن أن تكون مشوشة في انعدام الوزن، وخصوصا إذا علمنا بأنها تنمو في محيط ذي ثلاثة أبعاد تحت الماء. وتم أيضا ارسال اثنين من العناكب، أرابيلا وأنيتا، في هذه الرحلة، واللذين توفيتا من الجفاف. في العام التالي، يرسل الروس السلاحف إلى الفضاء لمدة تسعين يوما، والتي تعد الى يومنا هذا أطول مهمة حيوانية في الفضاء. وقد أرسلت هذه الزواحف بالفعل لعدة سنوات لاختبار تكيفها. خلال مهمة زوند 5 في العام 1968 في رحلة حول القمر، قبل أن يعثروا عليهم على قيد الحياة في المحيط الهندي. كما أرسلت حيوانات أخرى لأغراض الأبحاث الأساسية، مثل قناديل البحر أو حتى بيوض الضفادع. حيوانات للبعثات الطويلة الأجل أرسلت إيران قرد على ارتفاع 120 كيلومترا في كانون الثاني-يناير من العام 2013. وذكرت دراسة فرنسية ان نوعا من السمندل، كان قادرا على ان يولد على متن محطة الفضاء الدولية بين عامي 1996 و1998.. ولدراسة عواقب الإقامات الطويلة على البشر، وخاصة على سطح المريخ أو على سطح القمر، قام علماء وخبراء معهد المشاكل الطبية الحيوية في موسكو في العام 2013، بإطلاق صاروخ سويوز، والذي كان على متنه 45 فأرا، و8 جرابيع منغولية، و15 سحلية، و20 من القواقع، والعديد من الكائنات الحية الأخرى. أرسلت ناسا أيضا عشرين فأرا على متن محطة الفضاء الدولية في العام 2015 لإجراء دراسات حول ضمور العضلات وفقر العظام في الفضاء. وكخلاصة لكل ما سبق، يمكن ان نتصور انه رغم النتائج الوخيمة لهذه الرحلات الحيوانية في الفضاء يمكننا الجزم بأنها قد تكون ايضا فرصة أخيرة للبشرية والحيوانات من الانقراض، لأنه بفضلها يمكن للانسان والحيوان السفر والعيش في الفضاء، ولما لا التنقل والعيش في كواكب أخرى.
مشاركة :