رغم بلوغ مستوى الاستثمارات الحالية وتلك التي هي قيد التخطيط في قطاع النفط مستوىً آمناً وتزداد جدواه مع التحركات والأسعار الإيجابية التي تسجلها الأسواق، فإنه بإمكان الدول المنتجة للنفط الاستمرار في تعزيز قدراتها الإنتاجية وسط توقعات بارتفاع الطلب وإعادة هيكلة العلاقات التجارية على مستوى الاقتصادات الصناعية الكبرى.فلقد أثبتت اقتصادات الدول المنتجة للنفط قدرتها على قيادة أسواق الاستهلاك واستقرار الأسواق العالمية واقتصاداتها خلال فترة تراجع أسعار النفط وعوائده وخلال فترة الانتعاش وصعود الأسعار وارتفاع الطلب، مما يؤكد أن الدول المنتجة للنفط قد عالجت أعباء ضعف كفاءة أسواق الطاقة بمزيد من الإمدادات في الوقت المناسب، كذلك الاستمرار في ضخ المزيد من الاستثمارات التي تضمن بقاءها في المنافسة من جهة وتأمين الإمدادات للأسواق من جهة أخرى على الرغم من الانعكاسات السلبية التي تكبدتها اقتصادات الدول المنتجة للنفط خلال السنوات القليلة الماضية وحتى يومنا هذا.وقال تقرير نفط الهلال الأسبوعي إنه لا بد من الإشارة إلى أن الحديث عن ضخ الاستثمارات ليس مطلقاً في هذا الإطار، إذ لا بد لها من أن تقوم على توازن المصالح بين اقتصادات المنتجين والمستهلكين، فلم يعد لقواعد العمل السابقة مكان في علاقات الدول طويلة الأجل خلال الفترة الحالية والقادمة، وبالتالي فإن الحاجة إلى زيادة تدريجية على مستويات الإنتاج تبدو فكرة جيدة حتى اللحظة حيث تأتي في ظل كفاءة التعامل مع تخمة العرض التي عانت منها الأسواق وتسجيلها مستويات جيدة من التوازن.ولا شك في أن الهدف الأهم الواجب تحقيقه من قبل كافة الأطراف وليس المنتجين فقط هو الحفاظ على مسارات التوازن القائمة والاستعداد أكثر للتعامل مع تقلبات الأسواق من خلال ضخ استثمارات تدريجية تقوم على أساس الدورات الاقتصادية طويلة الأجل وتتناسب وتوقعات الانتعاش على الطلب في المستقبل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاستثمارات المطلوبة تقدر ب 10 تريليونات دولار حتى العام 2040، وذلك تلبية لمستويات استهلاك ستتجاوز حاجز 110 ملايين برميل يومياً.وليس بعيدا عن أداء أسواق الطاقة العالمية، فإن التوقعات باتت تصب في صالح تماسك الأسعار واتجاهها نحو الصعود خلال الفترة القادمة مدفوعة بزخم كبير على الطلب وتوقعات مرتفعة لمعدلات النمو الاقتصادي العالمي بالإضافة إلى الدور الذي لعبته التوترات السياسية والتجارية مؤخراً في الدفع بالأسعار إلى الأعلى، والثابت الوحيد ضمن حالة التداخل التي تسجلها كافة المؤشرات الرئيسية هو أن الأسعار الحالية والمتوقعة باتت تصب في صالح ضخ المزيد من الاستثمارات باتجاه تعزيز الطاقة الإنتاجية لمصادر الطاقة التقليدية ومن ثم الاتجاه نحو مزيد من الاستثمارات المدروسة على مصادر الطاقة المتجددة، حيث أثبتت التجارب السابقة حالة الارتباط الطردي مع أسعار النفط والأداء الاقتصادي للدول المنتجة للنفط والغاز، ذلك أنه كلما سجلت أسواق الطاقة التقليدية مزيداً من الانتعاش زادت إمكانية ضخ المزيد من الاستثمارات لتنويع مصادر الطاقة المنتجة.
مشاركة :