نتائج إيجابية عديدة خرجت بها قمة دول البريكس العاشرة بجوهانسبرج –جنوب أفريقيا-والتى عقدت خلال الفترة من 25 إلى 27 يوليو الجارى، أهمها أنها أرست دعائم هذا التجمع الهام الذى يضم الدول الصاعدة اقتصاديًا وهي (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) وذلك منذ إنشائه عام 2006 بمبادرة ثلاثية من روسيا والصين والهند وانضمت لها البرازيل، ثم انضمت إليها جنوب افريقيا عام 2010، وانعقدت قمتها الأولى عام 2009 فى مدينة يكاترينبرج الروسية تحت شعار "نحو عالم متعدد الأقطاب".. أيضا فإن هذا التجمع قد يكون أكثر عدالة ومرونة وتوازنا فى معالجة القضايا الآنية خاصة فى الشرق الاوسط وافريقيا وقد يدعم بشكل أوضح قضايا مكافحة الارهاب والتطرف بعد أن أصبح العالم يئن من مساوئ النظام العالمى الجديد أحادى القطبية و تعاملاته التى توصف بالاختلال والتى أدت بلا شك لإحداث ما يسمى بالفوضى الخلاقة خاصة فى المنطقة العربية والشرق الاوسط..لذا فإن البريكس ورغم محدودية الدول المنضمة له وهى 5 دول فقط..لكنها دول واعدة وهو ما جعله يمثل بصيص أمل وطاقة نور قد تلقى الضوء ولو من بعيد على المنظومة العالمية الحالية التى باتت تعانى من الألم ولا تكف من الشكوى فى السنوات الاخيرة. خصائص تجمع بريكس:يوصف تجمع "بريكس" ومجموعة "77 والصين" رغم ضعف الأخيرة نسبيا بأنهما يتشاركان مبادئ التنوع والعدالة التي يجب أن تسود في نظام عالمي متعدد. كما أن ثراء التنوع بين دول تجمع "بريكس" ومجموعة "77 والصين" من شأنه المساهمة في تحقيق نظام دولي أكثر عدالة. "بريكس" عملاق اقتصادى وسياسى يتحدى الغرب بحكم كون مجموعة دوله توصف بأنها صاحبة أسرع معدلات نمو فى العالم، وقد اتفقت فيما بينها على إنشاء كيان اقتصادى فى مواجهة سياسات الكيانات الاقتصادية الغربية، والأحادية القطبية المهيمنة على الساحة الدولية، والأمر ليس مجرد عداء أيديولوجى، بل هو فى الواقع، رفضا لتوجهات الغرب السياسية والاقتصادية والتجارية، خاصة سياسة "الحمائية" التميزية فى التجارة الدولية، والتى تفرض من خلالها دول الغرب الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة رسومًا وقيودًا على التعامل التجارى مع باقى دول العالم. ويبلغ إجمالى عدد السكان فى دول "بريكس" 2.83 مليار نسمة، أى ما يشكل 42% من سكان العالم، وتحتل دول "بريكس" 26% من مساحة الأراضى فى العالم، وهى تسهم بحوالى 22% من إجمالى الناتج العالمى، وتمتلك احتياطيا نقديا يفوق 4 تريليونات دولار...ولعل انعقاد قمة هذا التجمع فى جنوب افريقيا –للمرة الثانية فى تاريخه -انما يعيد قضايا القارة والتعاملات التجارية الدولية ومسائل التجارة والاستثمار والتعاون معه الى الساحة ويعيد بعثها من جديد.أعمال القمة الأخيرة:لقد ناقشت قمة جوهانسبرج قضايا الاقتصاد والسياسة العالمية، حيث تشكل "بريكس" منصة بديلة للمنصات الغربية التقليدية وتساهم فى التوازن واستقرار العمليات السياسية والاقتصادية العالمية، خاصة أنها تتناول القضايا الدولية السياسية والاقتصادية من وجهة نظر شمولية تعكس مصالح الغالبية من دول العالم، وذلك فى ضوء ما يشير اليه المحللون من زيادة تأثير دول "بريكس" على العمليات الاقتصادية العالمية فى الفترة الأخيرة. وصدر عن القمة إعلان مشترك أعربت فيه عن موقف المجموعة من الأزمة السورية والقضية الفلسطينية وغيرهما من أبرز القضايا الدولية، وكان واضحًا من الإعلان رفض المجموعة لمواقف واشنطن من القضية الفلسطينية وإعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل. وأعربت دول "بريكس" عن قلقها إزاء الأوضاع فى الشرق الأوسط وما تشهده المنطقة من توترات، ودعت للامتناع عن استخدام القوة وتجنب أى تدخل خارجي، واحترام استقلال ووحدة أراضى وسيادة كل دولة فى المنطقة، وأكد زعماء دول "بريكس" تمسكهم بالتسوية السياسية فى سوريا من خلال عملية سياسية شاملة يقودها السوريون بأنفسهم، وبما يضمن سيادة واستقلال ووحدة أراضى سوريا وفقا للقرار رقم 2254 لمجلس الأمن الدولى مع مراعاة نتائج مؤتمر الحوار الوطنى السورى فى سوتشي، وأيدت مناقشات سوتشى القادمة التى ترفض واشنطن حضورها. كما أكد الزعماء دعمهم لعمليتى أستانا وجنيف والوساطة الأممية فى التسوية. وشددوا على أهمية الوحدة فى محاربة الإرهاب فى سوريا..ودعت دول "بريكس" إلى استئناف الجهود الدبلوماسية لتحقيق تسوية شاملة وعادلة للصراع الفلسطيني- الإسرائيلى , وتحقيق الأمن والسلام فى الشرق الأوسط على أساس قرارات مجلس الأمن الدولى ومبادئ مدريد والمبادرة العربية للسلام والاتفاقات السابقة بين الطرفين. وشددت على ضرورة تحديد وضع القدس من خلال المفاوضات بين فلسطين وإسرائيل، وتطرقت قمة "بريكس" للأزمة الخليجية بين قطر والدول الأربعة الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) التى تتهم قطر بدعم وتمويل الإرهاب، وأكدت القمة دعمها للجهود الكويتية لتسوية الأزمة داعية كافة الأطراف إلى تجاوز الخلافات عن طريق الحوار.كما دعت دول "بريكس" إلى وقف العمليات القتالية واستئناف المفاوضات فى اليمن من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع. وأعربت عن قلقها إزاء الأزمة الإنسانية الحادة المستمرة فى البلاد. كما أكدت "بريكس" الالتزام بنزع السلاح النووى من شبه الجزيرة الكورية والحفاظ على السلام والاستقرار فى منطقة شمال غربى آسيا، مؤكدة تمسكها بالتسوية السياسية، ودعا الإعلان المشترك لقمة "بريكس" المجتمع الدولى إلى تشكيل تحالف دولى واسع حقيقى لمحاربة الإرهاب، مؤكدا على الدور المركزى للأمم المتحدة فى هذا الشأن. كما شدد الإعلان على ضرورة إطلاق مفاوضات دولية متعددة الأطراف حول اتفاقية دولية لمحاربة الإرهاب الكيميائى والبيولوجى. هكذا لم تترك القمة قضية حيوية وساخنة على الساحة الدولية إلا وناقشتها وعبرت عن موقفها منها، وجاءت كل المواقف على النقيض من المواقف الأمريكية، الأمر الذى أحيا الحوار حول نظام عالمى جديد متعدد الأقطاب تسعى مجموعة بريكس فيه إلى دعم الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، ورفض التدخل فى شئون الدول وممارسة الضغوط عليها سواء بالعقوبات أو التهديدات باستخدام القوة أو غيرها من الأساليب التى دأبت واشنطن على استخدامها فى تعاملاتها مع الدول، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف على هامش القمة بقوله: "نحن لا نقبل الكيل بمكيالين، والتدخل العسكري، والتدابير الاقتصادية القسرية الانفرادية والحمائية والمنافسة غير المشروعة. جنبا إلى جنب مع احترام لعدم جواز استخدام القوة العسكرية لحل المشاكل الدولية. وندافع عن أسس نظام تجارى متعدد الأطراف منفتح وشامل وعادل وشفاف ومتبادل المنفعة، ودور منظمة التجارة العالمية كأساس له".المشاركة المصرية:وجدير بالذكر أن مصر شاركت فى قمة "بريكس" العام الماضى 2017 فى مدينة شيامن الصينية بحضور الرئيس السيسى، ويدور الحديث حول ترشح مصر لعضوية هذه المجموعة العملاقة، وحيث تمتلك مقومات اقتصادية وسياسية تؤهلها للانضمام، فقد بلغ حجم الناتج المحلى الإجمالى المصرى خلال عام 2015 نحو 1.82 تريليون جنيه (نحو 230 مليار دولار أمريكي). وتحتل مصر المركز الـ44 فى ترتيب الناتج المحلى لاقتصادات العالم، وفقا لتقرير البنك الدولى الصادر فى عام 2016، وتهدف الرؤية الاستراتيجية لمصر 2030 إلى احتلال الاقتصاد المصرى مركزا بين الـ30 الكبار على مستوى العالم، وتحقيق معدلات نمو سنوية تصل إلى 10%، كما أن تعزيز التعاون الاقتصادى بين مصر ودول مجموعة "بريكس" يفتح آفاقا واسعة أمام مصر، فالناتج المحلى الإجمالى لهذه المجموعة يبلغ نحو 16.8 تريليون دولار، ويشكل نسبة 22.3% من الاقتصاد العالمى، ووصل التبادل التجارى بين مصر ودول "بريكس"، إلى 20 مليار دولار فى 2016، منها 11.3 مليار دولار هو حجم التجارة بين مصر والصين.ومن المؤكد أن انضمام مصر إلى عضوية "بريكس" يحمل كثيرا من الفرص والمزايا، خاصة على صعيد التنمية والتجارة والاستثمار.كما ان المشاركة المصرية المنتظمة فى اعمال هذه القمة انما تؤكد على وزنها الاستراتيجى فى منطقتى الشرق الاوسط وافريقيا وما تمثله مصر من قدرات اقتصادية وبشرية وفنية... وحيث تهتم بتعزيز تعاونها مع تجمع "بريكس" تحقيقًا لرؤيتها للتنمية 2030، وأجندة التنمية الأفريقية 2063.وقد ألقى المهندس "شريف اسماعيل" مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية كلمة "مصر" ومجموعة "77 والصين-ممثلا للرئيس السيسى " أمام قمة "بريكس العاشرة "27/7/2018في إطار "بريكس بلاس"، بصفتها رئيسًا لمجموعة "77 والصين"، والتي تُعد أكبر المجموعات الحكومية في "الأمم المتحدة"، وتضم 134 دولة.وفي كلمته أشار المهندس "شريف اسماعيل" إلى أن تجمع "بريكس" ومجموعة "77 والصين" يتشاركان عددًا من الركائز ويُجسدان مبادئ التنوع والعدالة التي يجب أن تسود في إطار نظام عالمي متعدد الأطراف يهدف إلى تحقيق النمو الشامل والرخاء المشترك، مؤكدأً أن ذلك يتطلب مشاركة تطلعات المجموعتين لإصلاح النظام الاقتصادي العالمي ليحل محله نظام اقتصادي دولي متعدد الأطراف يقوم على الحيدة والإنصاف، مُشيرًا أن ثراء التنوع والاختلاف بين قدرات الدول في تجمع "بريكس" ومجموعة "77 والصين" على مستوى القدرات والحجم وطبيعة التحديات التي تواجهها من شأنه أن يُساهم في تحقيق نظام دولي أكثر عدالة. كما أشار "اسماعيل" إلى الاختلال التنظيمي في النظام المالي العالمي والمطالبة المستمرة بإصلاح الجوانب المؤسسية والهيكلية له، وتعديل نظم اتخاذ القرار في المؤسسات المالية الدولية، مؤكدًا أن ذلك الاختلال تسبب في الماضي بالأزمات الاقتصادية والمالية العالمية وما تبعها من تأثيرات سلبية على الدول النامية، مطالبًا بأن تستجيب الإصلاحات المرجوة لاحتياجات وشواغل الدول النامية بما يؤدي إلى تدعيم قدراتها في ظل توافر بيئة دولية مواتية للتنمية، وعبر المشاركة في الحوكمة المالية العالمية.وفي ذلك الإطار أثنى المهندس "شريف اسماعيل" على دور دول "بريكس" في إنشاء "بنك التنمية الجديد" ومساهمته في دعم قدرات الدول النامية والمساهمة في تطوير بنيتها التحتية.وفي نهاية كلمته، أكد المهندس "شريف اسماعيل" على أهمية تعاون دول جنوب جنوب، مُشيرًا إلى أن استضافة "مصر" للمعرض الأول للتجارة البينية في أفريقيا في ديسمبر 2018 هو تجسيد لهذا التعاون، كما أكد "اسماعيل" على اهتمام "مصر" بتعزيز التعاون مع تجمع "بريكس" في كافة المجالات سواءً على المستوى الوطني تحقيقًا لرؤية "مصر" 2030، أو على الصعيد الأفريقي تحقيقًا لأجندة التنمية 2063.هذا وتحظى دول مجموعة البريكس بعلاقات اقتصادية كبيرة مع مصر، حيث بدأت استثمارات هذه الدول فى التدفق على مصر على مدى سنوات ماضية ليصل عدد الشركات المؤسسة من دول المجموعة فى مصر الى ٢٣١٨ شركه بقيمة رءوس أموال تصل الى ما يقرب من مليارى دولار تعمل فى عدة قطاعات اقتصادية حيوية منها قطاع الصناعة والخدمات والإنشاءات والاتصالات والتكنولوجيا.وتأتى الصين فى مقدمة دول المجموعة من حيث حجم الاستثمارات، وتحتل روسيا الاتحادية المرتبة الثانية بين دول البريكس المستثمرة فى مصر، تليها البرازيل ثم جنوب أفريقيا ...كما يبلغ حجم التبادل التجارى لمصر مع هذه المجموعة 20 مليار دولار كان للصين نصيب الأسد منه.وكما ذكرت ا.د.ماجدة على صالح فى بحث لها عن مصر والبريكس..منشور فى دورية –آفاق آسيوية-العدد الثانى ,والصادرة عن هيئة الاستعلامات ..فان ذلك قد أتى فى اطار سعى مصر فى عهد الرئيس السيسى للقيام بدور ايجابى وفعال ومؤثر فى كافة النواحى الاقليمية والدولية لذا اتجهت مصر لفتح افاق جديدة أرحب وأعمق فى مجال العمل المشترك والاقتصادى منه على وجه الخصوص..تجلت فى حضور الرييس السيسى قمته التاسعة سبتمبر ٢٠١٧ ونظرا لما سيعود على مصر من فوايد جمة خاصة فى الجوانب الاقتصادية سواء المالية والنقدية أو التنموية والاستثمارية والتجارية وحتى السياسية والعسكريةومسائل الطاقة والابتكار.. وذلك فى ضوء امتلاك ٣ دول منها للقوة النووية..وقد اتخذت دول البريكس مواقف سياسية ايجابية محايدة تجاه العديد من الازمات..كما أن لمصر علاقات قوية واستراتيجية خاصة مع روسيا والصين..وبحكم كونها من أهم اللاعبين فى المنطقة...وانها تمارس جهودا غير مسبوقة فى مجال الاصلاح الاقتصادى لذا قد يتم ترشيحها لعضوية البريكس ولمكانتها السياسية والاقتصادية والثقافية وقدرتها المستقبلية على تحقيق معدلات نمو مرتفعة فى ضوء ما تقوم به من اصلاحات..مستقبل البريكس: وقد ازدادت اهمية قمة البريكس الاخيرة من واقع الازمات الاقليمية والدولية التى تؤرق العالم وكون الارهاب الاسود لم يلفظ بعد انفاسه كما أن ازدواجية المعايير الدولية فى التعامل بشكل صارخ ومنحاز لمنظومة القطب الواحد بات يؤرق العالم ولان المنظمة الدولية التى كانت من المفروض أن يوكل لها مهمة انقاذ العالم باتت تعانى هى أيضا من الافلاس بل ويتهدد وجودها...كما ان الكيانات الكبرى الاخرى بما فيها الاتحاد الاوروبى نفسه والنافتا..بل وحلف الاطلنطى باتت تعانى من مشاكل غير مسبوقة..فهل يمثل البريكس مع غيره من التجمعات والفعاليات الصاعدة الاخرى كالآسيان والاتحاد الافريقى والتجمعات الاخرى المماثلة كتجمع العشرين وتجمعات امريكااللاتينية وتجمع الآسيان وشنغهاى -يمثل السبيل لاحداث التوازن المنشود فى عالم اليوم..خاصة بعد ان وهنت مجموعة الـ٧٧ والصين وعدم الانحياز وغيرها من الفعاليات التى كانت تمثل وجهة النظر الاخرى فى عالم القطبين السابق...بل لعله يمثل سابقة جديدة وبداية للتنسيق والتعاون الحقيقى خارج منظومة القوى الغربية التقليدية...ولعل الصعود الذي تشهده عدةّ دول شأن الصين والبرازيل والهند وروسيا وجنوب أفريقيا، قد يطرح أسئلة ملحّة حول مستقبل النظام الدولي ومدى نجاحه في فرض الانتقال إلى قطبية متعددة تجمع بين دول من خارج المعسكر الغربي، كي لا يظلّ النظام الدولي مرتهنا إلى الطابع الأطلسي الذي اتخذه منذ سقوط جدار برلين.وبالرجوع إلى مقدرات هذه الدول، سنجد أنّها دول صاعدة وحاضرة بقوة في جميع مجالات التبادل القائمة؛ فالصين أصبحت القوة الاقتصادية الثانية والقوة التجارية الأولى عالميا، علاوة على تطويرها قوة علمية وتكنولوجية، خاصة ما يتعلق بصناعتها في مجال الإلكترونيك والنسيج، ثم تحولها إلى قوة مالية ضاربة تمتدّ إلى المحيط الهادي، كما أصبحت لها قدرات صاروخية وباليستية وبحرية.وكذلك تحتلّ الهند مكانة متقدمة في تكنولوجيا المعلومات وفي صناعة الأدوية، أمّا روسيا فتحتل هي الأخرى مكانة لا يُستهان بها في مجال سوق المحروقات، وهي لا تزال تملك قدرة الردع النووي المتبادل مع الولايات المتحدة الأميركية، كما أنّها ثاني قوة عسكرية، فيما تحتل البرازيل مرتبة متقدّمة في مجال الصناعة الغذائية والتكنولوجيا الحيوية...وكذا الأمر بالنسبة لجنوب أفريقيا التى تمتلك هى للأخرى قدرات هامة.ويضم هذا التكتّل ممثّلين عن جميع القارات ويقع مركز ثقله في آسيا؛ ورغم حداثته، إلاّ أنّه اتّخذ العديد من المواقف الهامّة في عدد من القضايا الدولية، على غرار موقفه من ليبيا، حين قدّم نقدا سياسيا لاستعمال القوة في ليبيا بعد امتناع ممثليه في مجلس الأمن عن التصويت على قرار التدخل العسكري لحماية المدنيين مع بداية الانتفاضة الليبية سنة 2011. وبعد دخول الأزمة السورية عامها الخامس واشتعال المنطقة بداية من العراق مرورا بليبيا ووصولا إلى اليمن، وكذلك مع احتدام الأزمة في أوكرانيا، اتّخذ قادة دول البريكس في منتصف أبريل الماضي في مؤتمر موسكو حول الأمن الدولي، قرارا يُوجب وضع حدّ لتدخلات الولايات المتّحدة وحلف الشمال الأطلسي. وعلى المستوى الاقتصادي والتجاري، تمّ الإعلان في دلهي، السنة الماضية، عن تأسيس بنك للتنمية، يعهد له بتوفير موارد مالية لتمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في دول البريكس وفي اقتصاديات البلدان النامية، فضلا عن الدعوة إلى إصلاح في المؤسّسات الدولية بناء على الكفاءة، وبما يتنـاسب مع قوتها الديموجرافية والاقتصادية.ورغم وجود معوقات في طريق تكتل البريكس حيث تعاني دول البريكس كغيرها من الدول مشاكل متعددة تؤثر على مسيرتها الاقتصادية ونموها المتوقع، فالأزمة الاقتصادية أثرت بشكل ملحوظ على مستويات نموها، كما أنّها لا تملك لغة مشتركة واحدة تسهل التخاطب والتعامل التجاري في ما بينها أولًا، ومع دول الخارج وأسواقه ثانيًا.كذلك يعاني بعضها مشاكل أمنية داخلية ناتجة عن التعددية الإثنية والدينية في مجتمعاتها في اضطرابات موسمية تؤثر على النمو والاقتصاد وغيرهما من العوامل الضرورية في عمليات التطور وارتفاع الدخل القومي. كما أن الدول الغربية وبخاصة الولايات المتحدة لن تسلّم بسهولة موقعها المتقدم والمسيطر على النظام العالمي الاقتصادي السياسي والعسكري أو تتخلى عنه...من ثم ,فان نجاح المجموعة فى القيام بمهمتها المستحيلة يتطلب تحقيق الاستقرار الداخلى وتجاوز الخلافات المشتركة بين الدول الأعضاء... فهل ستنجح هذه القوى الصاعدة فى تحقيق المعادلة الصعبة؟ خاصة أن «بريكس» لا تركز فقط على السياسة والاقتصاد بل على التنمية الثقافية بين شعوب المجموعة وشعوب الجنوب. وهكذا، تحققت نبوءة الرئيس الصينى بأن «بريكس» تدخل عصرها الذهبي، عبر توسيع دائرة أصدقائها، وكونها صوتا قويا فى مواجهة السياسات الأمريكية. فمنذ عام ٢٠١٥، تمثل دول «بريكس» الخمس أكثر من ٣٫٦ مليار شخص، أى نحو ٤٠٪ من سكان العالم، كما أن جميع الأعضاء الخمسة هم أعضاء فى مجموعة العشرين.وخلال قمة بريكس –يوليو 2014-بشنعهاى تم الاتفاق على انشاء بنك تنميه جديد وصندوق احتياط نقدي جديد بقيمة 50 و 100 مليار عل التوالي ومقرة شنغهاي حيث ان المجموعة لا تمتلك أكثر من % من نسبة التصويت في صندوق النقد الدولي. والذي قد يبدأ عمله بداية عام 2018.وبالاضافة الى ذلك ففي سنة 2041 فإن مجموع مؤشرات الناتج المحلي القائم للدول الاربع سوف يتفوق على المؤشرات المطابقة لدى الدول الصناعية الاكبر، وهي: امريكا، بريطانيا، فرنسا، المانيا، اليابان وايطاليا (اي "السبعة الكبار" القائدة في العالم باستثناء كندا). وهذا يعني انه في سنة 2050 ستتم اعادة هيكلة الاقتصاد العالمي وتبديل مراكز النفوذ العالمي. وسيصبح ترتيب الدول العملاقة اقتصاديا كما يلي: الصين، امريكا، الهند، اليابان، البرازيل وروسيا (ومن اللافت للنظر هنا انه تدخل في هذا الترتيب جميع الدول الاعضاء في البريك). وينتج عن ذلك ان دول البريك لديها جميع الخلفيات الضرورية لتكوين كتلة اقتصادية ثابتة ومتينة، وبالتالي اخذ عَلَم الاولوية من الدول "السبعة الكبار" الحالية. وبصرف النظر عن الاختلافات الملموسة في المستويات الاقتصادية والتطور الاجتماعي، فإن دول البريكس يوحدها طموح جماعي نحو انشاء نظام عادل في العلاقات الدولية، يأخذ في الاعتبار على قدم المساواة المصالح التاريخية للبلدان المتقدمة والبلدان النامية، كبيرها وصغيرها.إن المكانة الاقتصادية التي حظيت بها البريكس والتي شكلت تهديدًا صريحًا للهيمنة الاقتصادية الامريكية لم تأت من فراغ بل جاءت اعتمادًا على جملة من الركائز وهي:ركيزة المال البشري,ً : الركيزة الجغرافية ,و الموارد الطبيعية ( المعدنية )...تحتل دول البريكس الصدارة الدولية في الكثير من الموارد المعدنية .ويفهم من هذا ان دول البريكس تمتلك من المقومات ما يؤهلها لكسر الهيمنة الامريكية وان تؤدي دورًا أكبر في الاقتصاد الدولي من خلال أمداد العالم بالموارد التي تزدهر بها .كما تنافس دول البريكس الولايات المتحدة من حيث حجم الحصص المالية وحصص التصويت داخل صندوق النقد الدولي ، ويتوقع بعض الباحثين بأن تتفوق دول البريكس على الولايات المتحدة بهذا المجال في السنوات القادمة .ونفهم من كل ما سبق أن النظام الاقتصادي العالمي يعيش مرحلة انتقالية تعيد ترتيب اوراقه دول البريكس بعيدًا نوعًا ما عن اللاعبين التقليديين وتعزيز الاقتصاد العالمي ، وان تأسيسها لبنك خاص بها يمكن ان يواجه نفوذ الهيمنة الاقتصادية الامريكية على الاقتصاد الدولي وبالتالي اجبار الاخيرة على التغيير.
مشاركة :