خلال حياتي كلها سمعت الكثير الكثير فيما يخص النساء، حتى كاد الأمر أن يكون لا شيء هناك غير النساء ولا همّ إلا همهن، وكأن ذلك تطبيق للمثل الفلسطيني(همّ البنات إلى الممات)، بينما هنّ النسمات الجميلة في هذه الحياة؛ هن الأم التي تغني للصغير وتمنحه سر الحياة، هن الأخت التي تحمل الهمّ وتساعد في تضميد الجروح. هن الابنة التي تمنح البسمة والضحكة وتنشر الحب في أرجاء المنزل. وكم من نساء يبنين بيوتاً جميلة بتعبهن وجهدهن. لو جمعنا ما صدر بحق النساء وما جرى لهن عبر عشر سنوات ليس أكثر لوجدنا كماً من الحديث والنقاش والحوار تجاوز المعقول، وكأن النساء قد هبطن من كوكب آخر، فما يعرف كيف التصرف معهن!. الوصاية الذكورية على النساء تأخذ شكلاً من أشكال العبودية، فهناك من يخاف عليها أو منها فقد منع التعليم عنها لزمن طويل كما كان ممنوعاً على العبيد، ومنعت من السفر دون أمر قضائي، فالقضاء يمنح أي ذكر كان ولو كان حفيدها أن يكون وليّ أمرها، يسمح لها بالسفر أو لا يسمح، وليس ذلك فقط؛ فهناك وصايات تتعدد ذواتها من الميلاد حتى الممات، ووصاية من بعض الهيئات وأكثرها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي بعض رجالاتها يتخذون دور الوصي على السيدات فوجود الهيئة بمكان قد يعني أحياناً قرب وجود أمر مؤلم.. ومن أماكن في التعليم ذاته حتى في الجامعات، فقد حرمن في التعليم الجامعي من بعض التخصصات والمجالات. إن مسألة التعيين تصادف الكثير من العقبات، وأما الوصول للمراتب العليا فذلك حلم لا يتحقق غالباً، ففي حين نرى السيدات من حولنا في الدول المجاورة أخذن فرصاً جميلة في المراتب العليا وأصحاب القرار، تأكلنا الغيرة، فلا نجد لدينا - مثلاً - غير نورة الفايز، في مجالات هذه المراتب. مديرات جامعات لا توجد إلا في جامعة نورة، كم طمعنا أن نسمع عن تعيين وزيرة للصحة نظراً للمسيرة الكبيرة لطبيباتنا عبر الكثير من المجالات، سواء ممن درسن في الداخل أو في الخارج. وكان مأمول وزيرة للشؤون الاجتماعية، وهي الأكثر قرباً للسيدات، وإن كنت أرى أن شأن المرأة كشأن الرجل في كل مجال، ولعل وزارة التخطيط وزارة ستبدع فيها المرأة، ولكن ها أنا أشير للمرأة التي وصلت علماً وثقافة نريدها وزيرة وربما رئيسة تحرير صاحبة قرار في حين لا تملك قرارها، وهناك آلاف المطبات في طريق مواصلاتها وسفرها وإقامتها. أصعب شيء أن تولد امرأة، في مجتمع يضع تنظيمات خاصة للمرأة، ويتسلط الذكر عليها، ولا يوجد قانون يمنع عنها التحرش ولا يوقف الوصاية التي تتدرج من داخل الأسرة إلى الفضاء العام. شيء يجلب صداعاً لا ينقطع خاصة عندما تقف سيدات في الستين عند الجوازات ليمنعن من السفر لأنه لا توجد موافقة ولي الأمر، أي وليّ أمر لسيدات في هذا العمر؟! حقا نسوة للصداع.
مشاركة :