لم يكن الاقتصاد بمعزل عن المتغيرات المتسارعة التي تعصف بالعالم بين حين وآخر، وأسعار النفط تبعاً لذلك أصبحت أقل استقراراً، ولهذا نجد كثيرا من التحليلات تتجه صوب التوقعات التي سبقت توقع ميزانية هذا العام من خلال الربع الأخير وانخفاض سعر البرميل للنفط السعودي. وهو ما دعم توقع العديد من الأراء التي ارتبطت صلابتها النظرية بالفعل المتوقع الذي أخبر عن عجز بقيمة 145 مليار ريال في ميزانية هذا العام. وهي توقعات تناقلتها قبل إعلان الميزانية، العديد من المواقع الإلكترونية فضلاً عن الصحف والقنوات الفضائية. وذكرت بالنسب المئوية حجم عائدات النفط في 2015 والتي تقدر ب1،05 تريليون ريال في ميزانية هذا العام، كما أن 90%من إجمالي إلإيرادات نفطية، علماً أن الاحتياطيات المالية السعودية 308(تريليونات) ريال واحتياطي الثروة النفطية 268 مليار برميل. ومع كل هذه التوقعات التي يشير بعضها إلى احتماليات استمرار انخفاض أسعار البترول إلا أن المملكة بثت الطمأنينة من خلال الإشارة إلى استمرار الصرف على المشاريع القائمة وإن مما يدل على الاهتمام بأولوية التنمية رغم المتغيرات أو العجز تأكيد الالتزام بتكاليف المشاريع القائمة ضمن الميزانية، ومن ثم كيف سيكون دعم المخصص لميزانية قطاعي التعليم والصحة ب 217 مليار ريال بزيادة 3% على العام الماضي. وهذه المصروفات يجب أن نميزها عن غيرها لما (لهذين)القطاعين من أهمية قصوى في حياة المواطن ومستقبل نهضة البلاد. وميزانية هذا العام جاءت استثنائية باعتبار الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالمي، فقد أعرب صندوق النقد عن قلقه من استمرار اضطراب الأسواق وأعدها في وثيقة للعرض منذ العام 2013 وقد زادت مخاطر التطورات السلبية لأجل تفاقم تواترات الجغرافيا السياسية وعودة المخاطر والتقلب في الأسواق المالية، بعد أن شهدت انخفاضاً في الآونة الأخيرة. وكذلك الحال من المخاطر متوسطة الأجل مثل الركود وانخفاض النمو الممكن في الاقتصادات المتقدمة وتراجع النمو الممكن في الأسواق الصاعدة، بالمقابل ليس لهذه المسارات وتيرة تشير بالتعافي العالمي بل مخيبة للآمال حسب ما لخصه الاقتصاد العالمي للعام 2014 وخاصة فيما قبل السنوات الأخيرة. ومن الواضح أن المملكة قررت الحفاظ على حجم إنتاجها وتحمل انخفاض الأسعار وساهمت في خفض أسعارها الخاصة في المبيعات التعاقدية، وبالتالي فإن التفسير الاقتصادي لهذه المنهجية هو إبعاد المنافسين العالميين الذين يستخدمون أساليب إنتاج ذات تكلفة أعلى مثل الشركات الكندية التي تنتج النفط الرملي والشركات الأمريكية التي تنتج النفط الصخري، وأن الحفاظ على الأسواق مهم جداً للرياض. ويمكن القول إن تشديد الضوابط على الصرف من الميزانية على المشاريع القائمة يدل على أولوية التنمية رغم المتغيرات أو العجز وتأكيد الالتزام بتكاليف المشاريع القائمة ضمن الميزانية. وحسب رؤية سايمون هندرسون أيضاً أنه يرى أن السعودية تحتسب مكاسبها السياسية بدقة عندما تؤثر على أسعار النفط. فعندما يفكرالانسان مع نفسه بصوت عقلاني يجد ان المعطيات جميعها تصب في صالحه العام إذا افترضنا مسبقاً وجود مجتمع واع، ولقد أردنا في هذا المجال عرض غاية العمل السياسي والاقتصادي وتفسير المتغيرات على الفرد والمجتمع حيث يجب أن يكون المتلقي جيد الفهم والتصور، يفهم ما يُراد تعليمه وتعميمه دون شرط أو قيد فإن التنمية مستمرة ورفاهية المواطن هدف الدولة .
مشاركة :