حفظ الحدود البرية بين الدول قضية ليست سهلة، خاصة في حال تباين الأحوال الاقتصادية بين دولة وأخرى. وتزداد القضية صعوبة في حال تشابك الحال السياسي وازدياد الكيد المبني على عقائد منحرفة وأطماع متأصلة وأفهام سقيمة. التباين الاقتصادي المؤدي إلى استفحال تهريب البشر عبر الحدود بين الدول مكلف جداً بالنسبة للطرف المتضرر الذي يعيش بحبوحة اقتصادية مقارنة بالطرف الفقير. ولعل الولايات المتحدة وجارتها المكسيك تمثلان نموذجاً واضحاً لمعاناة طرف على حساب آخر. وللمعلومية فإن طول الحدود بين الدولتين يزيد على 3000 كيلومتر، وتوظف الولايات المتحدة قرابة 20 ألف رجل أمن لحراسة الحدود فضلاً عن العديد من التطبيقات والتجهيزات التقنية والرادارية والاستخباراتية وغيرها. ومع كل ذلك الكم الزاخر من الرجال والعتاد، فإن كل الدلائل تشير إلى خسارة الجار الشمالي حربه ضد القادمين من الجنوب المتطلعين لفرص معيشية أفضل. وأما قوانين الهجرة الأخيرة التي تهدف إلى حل مشكلة المهاجرين غير الشرعيين، فتشترط إنفاق قرابة 50 مليار دولار لشراء مزيد من التطبيقات والتجهيزات التقنية وإضافة 20 ألف رجل أمن جديد لدعم عمليات مراقبة الحدود. ومع ذلك يرى كثير من الخبراء أن النجاح لن يكون بالدرجة المأمولة، وستستمر المعضلة. ولو أنفقت الولايات المتحدة كل هذه الأموال الضخمة التي ربما تجاوزت 500 مليار دولار (خلال السنوات الأربعين الماضية) على مساعدة الاقتصاد المكسيكي وتطويره لما حاولت أعداد هائلة من المكسيكيين الهرب من بلادهم إلى بلاد جيرانهم الأغنياء، لكنها ربما الأثرة من جانب الولايات المتحدة، وربما الفساد المستشري في الجانب الآخر. وهي على كل حال معادلة صعبة وعملية معقدة. الاقتصاد هو لب كل مشكلة، ولذا لم يسمع يوماً عن محاولة هرب كندي إلى الولايات المتحدة، فكلتا الدولتين في رخاء. خلاصة القول إن الاستثمار في بناء سياجات شائكة طويلة، أو حتى أسوار من الخرسانة بين أمريكا والمكسيك لن يقضي على المشكلة. ربما حدّت منها قليلاً! لكن يظل الحل الأمثل إنسانياً واقتصادياً وعقلانياً. هكذا فعلت أوروبا الغربية حين ضمت دول أوروبا الشرقية (الفقيرة بمقاييس الغربية) عبر اتحاد اقتصادي قوي ومنظم، فكان لها ما أرادت من قوة بشرية ومنعة عسكرية ووحدة اقتصادية. salem_sahab@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain