في هذه الأيام وصل معدل الشائعات التي نسمعها كل يوم مستويات قياسية، بل إننا أصبحنا نعيش في عصر يمكن أن نطلق عليه عصر (الشائعات) والتي أصبحت تسيطر بشكل كبير على كثير من مجريات الحياة خصوصًا في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعية، فهناك شائعة بتعيينات جديدة في دائرة معينة وشائعة بإعفاء آخرين وأخرى بتعديل بعض الأنظمة وبالأمس كانت هناك شائعة حول رفع أسعار البنزين وتم الرد عليها من قبل الجهات المختصة.. وهكذا أصبحت الحياة عبارة عن مسلسل شائعات تحيط بنا من كل جانب. أصوات تلك الشائعات أخذت في الارتفاع مؤخرًا وبشكل فج فيه الكثير من الهوس وحب التشفي والانتقام من قبل البعض خصوصًا مع حادثة اختفاء المواطن جمال خاشقجي إذ ظهرت تلك الشائعات في أشكال متعددة ومن مصادر متنوعة وبحماس غير معهود ليس حرصًا على معرفة وضع ذلك المواطن بقدر ما هي رغبة في المبادرة بتلفيق الاتهامات والتسرع في الحكم والاستنتاج والتحليل والاعتماد على أدلة وشواهد غير رسمية أو موثوقة وتصديق أخبار وكالات إعلامية تسرب بعض الأكاذيب والأوهام وتنسب ما تقدمه من شائعات لا إلى مصادر رسمية بل إلى مصطلحات وهمية مثل (يقولوا) أو (مصدر مطلع) أو (مقربين) أو (وكالات) وفي بعض الأحيان يقال بأنه (شخص يفضل عدم ذكر اسمه). عندما تكون الشائعات تتعلق بأفراد أو شخصيات مرموقة أو منظمات فيمكن أن يتم التأمل فيها والتأكد من صحتها والحرص على معرفة حقيقتها أما عندما تمس تلك الشائعات الوطن ومكانته فيجب على الجميع أن يقوم برفضها رفضاً تاماً وعدم قبولها جملة وتفصيلاً ومحاربتها ومن يقف خلفها والامتناع حتى عن سماع صوتها إذ لا صوت يعلو على صوت الوطن، ولا حياد يقبل تجاه الوطن، فلا يجب أن نسمح لحاقد أو حاسد أن يمس الوطن بسوء ولا أن يفتري المزاعم والأكاذيب ويختلق القصص بل يجب علينا أن نتمسك بتراب هذا الوطن ولا نفتح آذاننا وعقولنا إلا للبيانات الرسمية والتي تصدر عن الجهات الحكومية في وطننا. الشائعة ليست شيئاً جديداً بل هي قديمة وقد عانى منها كثير من الأنبياء بمن فيهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما عانت منها العديد من الأمم، فهي مرض من أمراض المجتمع نحتاج أن نحصن أنفسنا منه أولاً بأول وذلك من خلال حسن الظن في الآخرين والسماع للمصادر الرسمية وعدم التحدث بما يتم سماعه من مصادر وهمية ونقله للآخرين، ومحاصرة مثل هذه الشائعات برفضها تماماً وعدم ترويجها والمشاركة في نقلها.
مشاركة :