«قوى الظلام دائما ما تتحرك؛ من أجل القضاء على الضوء اللامع»، عبارة فيها من المصداقية الشيء الكثير، وتزداد واقعية حين ندرك سياسة هذه القوى، التي يقلقها الضوء ويستفزها البياض؛ كونها اعتادت العيش في دهاليز العتمة وكهوف الظلمة الدامسة، وهي نفسها القوى الخفية التي ثارت ثورتها حين رأت مكتسبات حادثة (الدالوة) الأخيرة تتجسد على أرض الواقع بكل جمالياتها وروعتها، لتتحقق حبا لهذا الوطن ووحدته الوطنية، فثارت ثورتها بعد أن أدركت أن الطائفية ومثالبها تحولت إلى وهم على أرض الأحساء، بوصفها النموذج المصغر لوطن يمقت الطائفية ويسعى لتوحيد الصفوف. نعم، وبكل تأكيد، هناك أناس أغاظتهم مشاهدة الصفوف على اختلاف مذاهبها وتوجهاتها، وهي تسير جنبا إلى جنب في المقبرة وفي دار العزاء، وتتوحد بتلقائية، فلخبطت أوراقهم الدنيئة، تلك الشعارات التضامنية التي رمت وراء ظهرها المحاولات الفاشلة لتفرقة القلوب، وبث الضغينة، وتأليب الناس على بعضهم البعض، ولكي تتدارك هذه القوى الظلامية على اختلاف مرجعياتها وانتماءاتها ما يمكن تداركه، حاولت مستميتة التقليل من قيمة الحدث، ومن سمو معانية ودلالاته العظيمة، متناسية أن هذا الحدث العظيم بلغ صداه عنان السماء، وبدا للعالم الخارجي ومنشورات وتعليقات صحفه المشهورة حدثا استثنائيا، يؤكد قوة الجبهة الداخلية في وطننا العزيز، ويبعث برسالة مباشرة لأولئك الذين يتفانون كرها وبغضا ضد هذه الأرض وشعبها الكريم. لقد شهد الـ «واتس أب، تويتر، وفيس بوك» محاولات يائسة بائسة لدق المسامير بين الأطراف، واضرام النيران عبر تغريدات أو رسائل، تهز في داخلنا روعة وجمال اللحظات الأخوية التي شهدتها الأحساء وباركها الوطن وشعبنا العزيز، كأن يعتبر بعضهم هذه الوقفة الموحدة ضد الإرهاب وضد استهداف أمننا ومقدراتنا بأنها مجرد لحظة انفعالية عاطفية صادرة من حماس، أو من ردود أفعال متسرعة، أو أن يبث آخر مقالا استفزازيا يوجه فيه أنظار الشيعة إلى السنة، أو العكس، أو يصور آخر لقطات التضامن وصوره وتعبيراته تصويرا ساخرا للتقليل من أهميته وقيمته، وهكذا...، ولكننا في نهاية المطاف نكتشف حالة مرضية مزمنة لدى قوى الظلام لا شفاء لهم منها، فنفوسهم تربت على الحقد، وعاشت على الكره وإثارة الفتن!! هي رسالة نبعثها واضحة كعين الشمس، لكل من يحاول أن ينال من روعة (الحالة الوطنية) التي عاشتها الأحساء بعد حادثة الدالوة الحزينة، فنقول بصوت جهوري إن النموذج الرائع الذي شهدته الأحساء كامن فينا جميعا كسعوديين، نحيا على أرض نحبها، ونتفيأ ظلالها، وننعم بأمنها وخيراتها، ومحاولاتكم الساذجة لن تدفعنا للتراجع قيد أنملة عن مبدأ التعايش والتضامن والتضحية من أجل الوطن، بل نحن من يوجه الرسالة إليكم، فنقول فكروا جيدا، وتأملوا مليا، وراجعوا حساباتكم، فأنتم - دونما شك - تسلكون الطريق الصعب، والمسار الخطأ، وستبوء محاولاتكم بالفشل الذريع، والسبب ببساطة شديدة، أن صوت الوطن يعلو على كل صوت، ووحدة الشعب ومصيره المشترك هو الشعار الذي لا يُنكس أبدا.
مشاركة :