الدوحة - الراية : منذ اليوم الأول للحصار وعلى مدار 500 يوم حتى الآن نجحت الدبلوماسية القطرية بجدارة في كسب احترام العالم والتعبير عن الموقف القطري العادل في مواجهة الاتهامات والادعاءات الباطلة التي تسوقها دول الحصار، وذلك تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي أدار الأزمة منذ اليوم الأول بحكمة واقتدار كبيرين كانا محط تقدير وإشادة الداخل والخارج. وقد كان التحرّك السريع لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى على الصعيد الدولي له أكبر الأثر في شرح أبعاد الأزمة الخليجية وتوضيح الصورة الحقيقية بشفافية للرأي العام العالمي. في المقابل فشلت دول الحصار في تحزيب الأمم ضد قطر ولم تنجح في حشد أي قوى إقليمية أو دولية خلفها ضد قطر وهو ما جعل دول العالم أجمع تطالب بالحوار لحل الأزمة واستبعاد أي خيار آخر مع ضرورة رفع الحصار عن قطر. وقد أدركت قطر منذ اللحظة الأولى لإعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع العلاقات معها في 5 يونيو 2017 أن الأزمة مفتعلة ضدها ولا يوجد ما يبرّرها، ولذلك اختارت نهجاً ثابتاً في التعاطي مع التطوّرات يقوم على عدد من المرتكزات بعيداً عن أي انجرار إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة تحت وطأة ضغط الأزمة. وأعلنت الدبلوماسية القطرية منذ اللحظة الأولى مراراً تمسّكها بثوابتها وفي الوقت نفسه استعدادها لبحث أي خلافات على طاولة الحوار مقابل رفض أي محاولة لفرض إملاءات عليها أو المس باستقلالية سيادتها الوطنية وسياستها الخليجية، وهو ما أدى إلى تجاوبها مع مختلف الجهود التي طرحت لتفكيك الأزمة مع التمسّك أيضاً برفض أي محاولة لفرض تبعية عليها بما في ذلك رفضها لقائمة الإملاءات الـ 13. كما كثّفت قطر من تحرّكاتها الدبلوماسية لكسر الحصار ودحض ادعاءات دول الحصار تحديداً فيما يتعلق بمزاعم دعم الإرهاب، وقد جاءت هذه التحرّكات الدبلوماسية على أعلى مستوى بداية من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وصولاً إلى سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء والمسؤولين بوزارة الخارجية القطرية. كما نجحت التحرّكات الدبلوماسية القطرية في عرض الموقف القطري أمام المسؤولين الدوليين الذين زاروا الدوحة، أو من خلال سلسلة الزيارات المكوكية لحضرة صاحب السمو وسعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والتي شملت عدداً كبيراً من أبرز العواصم الغربية. دعم واضح للموقف القطري في أنقرة وباريس وبرلين حظي الموقف القطري بدعم واضح من أنقرة وباريس وبرلين، وأفلحت الدبلوماسية القطرية في كسب أو على الأقل تحييد مواقف دول كبرى مثل روسيا والصين وبريطانيا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي، كما أبقت دولاً إفريقية أيضاً على الحياد وهو ما جعل هناك حالة من الإجماع بالمجتمع الدولي على عدالة الموقف القطري وعلى زيف الادعاءات التي تسوقها ضدها دول الحصار، ومن ثم كانت الدعوة إلى الحوار للخروج من الأزمة، وهو ما دفع دول الحصار لإرسال مسؤوليها إلى العواصم الكبرى للتشويش على حراك قطر الدبلوماسي، ولكن دون جدوى. وعندما طرحت تلك الدول 13 مطلباً رفضتها الدوحة جميعاً ودعت إلى حوار دون إملاءات، ودون تدخل في سيادتها وفي حريّة الرأي والتعبير على أراضيها، كما التقطت الدبلوماسية القطرية مطلب إغلاق قناة الجزيرة ومزاعم تمويل الإرهاب، فكشفت النوايا المبيتة لقمع حريّة الإعلام ووقعت مذكرة تفاهم مع واشنطن لمكافحة تمويل الإرهاب، ما وضع دول الحصار أمام عاصفة من التنديد الإعلامي الغربي، لا سيما مع فتح ملفات انتهاكات حقوق الإنسان ودعم الإرهاب في تلك الدول. صاحب السمو زار أكثر من 21 دولة خلال الحصار خلال العام الأول للحصار قام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بزيارات وجولات خارجية لم تتوقف ولم يتبدّل جدول أعمال سموه بل زاد نشاطاً واتساعاً حيث نجح سموه في التعبير عن الأزمة الخليجية بصدق وشرح أبعاد الموقف الخليجي والموقف القطري الذي يتعرّض للتشويه وقد نجح سموه في كسب مواقف الكثير من الدول التي زارها سموه وتكللت باتفاقيات وبروتوكولات تعاون دولية بين قطر وهذه الدول. وخلال العام الأول للحصار زار حضرة صاحب السمو نحو 20 دولة في آسيا وإفريقيا وأوروبا وحقق نجاحات كبيرة؛ فضلاً عن انطلاقات الدوحة الاقتصادية التي نجحت في صياغة منظومة تحد رائعة حطمت سلاسل الحصار وهزمته باعتراف المجتمع الدولي. وهكذا عبّرت قطر بكبرياء وشموخ عامها الأول من الحصار الجائر على عكس ما يحاول إعلام دول الحصار تصويره لتثبت للعالم وفي مقدمته الدول المحاصرة أنها عصيّة على الانكسار بعد أن التف شعبها حول قيادته، فأذهلت قطر العالم وحازت إعجابه وتعاطفه وهي تنتصر للحق في مواجهة الباطل. وسائل الإعلام العالمية تشيد بالدبلوماسية القطرية لعل ما يدل على قوة الموقف القطري هو ما أكدته صحف ووسائل إعلام غربية ومنها صحيفة فورين أفيرز الأمريكية التي قالت إن الجهود الدبلوماسية التي بذلتها قطر نجحت في مواجهة الحصار الاقتصادي والسياسي من دول الحصار وذلك من خلال تأكيد الحكومة الأمريكية على دعمها للدوحة ودعوتها جميع الأطراف إلى التوصل إلى حل للأزمة الخليجية، مؤكدة أن الجهود القطرية أتت ثمارها عبر الحوار الاستراتيجي القطري الأمريكي في واشنطن والذي أكد فيه كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية على العلاقات الوثيقة مع قطر. ورغم استمرار الدول المُحاصرة في تعنّتها وانتهاكها لكافة القوانين الدولية ذات الصلة يؤكد مراقبون انتصار الدوحة في هذه المعركة بكشفها غطرسة الطرف الآخر وضعف موقفه المستند على مزاعم وأقاويل بلا أساس، كما ينص القانون الدولي أنه لا يحق فرض حصار على أي دولة إلا بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي، ولا يمكن منع سفن من العبور باتجاه قطر إلا بقرار من المجلس نفسه. ورغم أحقية الدوحة في رفع شكوى للأمم المتحدة ومطالبة مجلس الأمن بعقد جلسة لمناقشة الموضوع، واستصدار قرار أممي بخصوص فتح الحدود، إلا أنها تُبقي الباب مفتوحاً أمام الوساطة الكويتية. توسيع الشراكات الاقتصادية والسياسية في أكتوبر من العام الماضي قام صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بجولته الخارجية الثانية في ظل الحصار، وقد شملت ثلاث دول آسيوية هي ماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا، وما يُبرهن على نجاح الجولة أجواء المحبة والصداقة العميقة والمتجذرة التي جرت فيها مباحثات سموه مع قادة الدول الثلاث والحفاوة والاستقبال الكبيرين اللذين حظي بهما سموه، فضلاً عن ما تم من توسيع الشراكات الاقتصادية والسياسية والاستثمارية والعلمية والثقافية والتقنية وغيرها، بتوقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين قطر والدول الثلاث، ما ينقل العلاقات الوثيقة معها إلى آفاق أرحب ومرحلة جديدة عنوانها التفاهم والتعاون والشراكة الاستراتيجية وتنسيق المواقف والرؤى في كافة المحافل الإقليمية والدولية إزاء القضايا والملفات محل الاهتمام المشترك. الدوحة وواشنطن شريكان في مكافحة الإرهاب توافق قطري أمريكي على حل الأزمة بالحوار في ديسمبر الماضي قام سموه بجولة خارجية أخرى شملت ست دول في غرب إفريقيا، وتوافقت معظم الآراء على أن هذه الجولة تُعد جزءاً من توجه الدوحة من أجل فتح أسواق في بلدان تتمتع بإمكانات اقتصادية قوية ومن هذا المنطلق أكدت دولة قطر وفرضت صورتها من خلال هذه الجولة كفاعل دولي ملتزم بقوة بتنويع علاقاته مع دول العالم وقد نجحت قطر من خلال الجولة الإفريقية في كسب موطئ قدم جديد لها في غرب إفريقيا، وذلك من خلال الشراكات واتفاقيات التعاون الثنائي التي جرى توقيعها أثناء الجولة، كما أنها نجحت في كسب الموقف الإفريقي من الأزمة، حيث عبّر الاتحاد الإفريقي أنه يؤيد الحوار وأنه لن يكون طرفاً في الأزمة مع طرف ضد آخر. وفي مارس الماضي قام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بزيارة إلى كل من بلجيكا وبلغاريا وفي أوائل أبريل الماضي قام سموه بزيارة للولايات المتحدة الأمريكية أجرى خلالها مباحثات صريحة وبناءة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تناولت العلاقات الثنائية ومسائل إقليمية حيوية، وجرت الزيارة وسط توافق مشترك بأن الأزمة الخليجية تضر بجميع الأطراف وبجهود ملاحقة الإرهاب وأن الحوار هو السبيل لحلها. تعزيز العلاقات مع دول أمريكا اللاتينية كما قام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في أكتوبر الجاري بزيارة دولة إلى عددٍ من الدول الصديقة في أمريكا اللاتينية، شملت كلاً من جمهورية الإكوادور وجمهورية بيرو وجمهورية الباراجواي وجمهورية الأرجنتين، وذلك تلبية لدعوة من رؤسائها، وذلك عقب مشاركة سموه في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقد بحث سموه خلال الجولة مع رؤساء الدول وكبار المسؤولين بها سبل تعزيز العلاقات والتعاون الثنائي في مختلف المجالات، كما تبادل سموه معهم وجهات النظر حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. مخاطبة مراكز صنع القرار العالمي مازالت التحركات الدبلوماسية التي تتبناها قطر تسير بهدوء واتزان وبخطاب إعلامي متوازن، وهو ما جعلها تنجح في سحب البساط من تحت أقدام دول الحصار، ما دفع الأخيرة بعد أول شهرين فقط من التصعيد والوعيد للتحول إلى الدفاع والتبرير، خصوصاً بعد أن اتضح أن الأزمة بنيت على دوافع ملفقة. كما حافظت الدبلوماسية القطرية في خطابها على الهدوء والترفع والمحاجة القوية المبنية على الوقائع للرد على الادعاءات، بينما كانت دول الحصار تمارس سياسة الضغط، أملاً في تحقيق الانفجار فأخرجت أوراق قوتها جميعاً ولكن سرعان ما استوعبت الدوحة الصدمة، وأوجدت بدائل حالت دون إحداث خلل في حياة المواطنين، وبالسرعة ذاتها طرق المسؤولون القطريون أبواب مراكز صنع القرار العالمي شرقاً وغرباً. جولات سامية عززت الشراكة الإستراتيجية تركيا وألمانيا وفرنسا.. نقطة الانطلاق المتتبع لأنشطة وزيارات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، خلال العام الأول من فرض الحصار يرصد قيام سموه بجولة خارجية في سبتمبر 2017 لتركيا، وألمانيا وفرنسا، وهي الجولة الأولى بعد الحصار على دولة قطر، وهي الجولة التي أثارت الدهشة لدى الكثيرين خارج قطر بسؤال تكرر من الكثير وهو كيف لدولة محاصرة وتمر بأزمة دبلوماسية وسياسية واقتصادية مع دول الحصار، وأميرها الآن يقوم بجولة خارجية لتركيا وألمانيا وفرنسا لتوطيد الحراك الدبلوماسي وبحث آخر التطورات والمستجدات السياسية والاقتصادية وتعزيز التعاون المشترك بينهم وبين دولة قطر ويتبعها بحث القضايا الإقليمية والدولية، كما قام سموه بالمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك وألقي خطاباً تاريخياً عبّر فيه عن اعتزازه بشعبه والمقيمين على أرض قطر لموقفهم ضد الحصار وشرح أبعاد الموقف القطري من الأزمة أمام العالم.
مشاركة :