في كل يوم من شهر رمضان الكريم يناقشني أحفادي (9 سنوات و8 سنوات) عن برنامج "خواطر" لابننا أحمد الشقيري، لا يهم ساعة النقاش، سواء كانت مُبكِّرة أو مُتأخِّرة، المهم أن أفتح عيني كل يوم على موضوعٍ جديد، لأجده شيِّقًا في انتظاري، أترك الحرية لأحفادي، وما يجول بالخاطر ليقوداني إلى نهر من الثراء المعرفي، حيث لهفة الصغار للحديث تجعلك تشعر بشيءٍ من الفرح الداخلي، شيء ما يردّك إلى طفولتك الجميلة. لفت انتباهي خبر إقفال مطعم أندلسية الأسبوع الماضي، الذي يملكه الابن أحمد الشقيري، وفجأة ومن دون سابق إنذار، انطلقت أصوات في "تويتر" تشتم بشتائم مقززة كرصاصة اخترقت جدار "تويتر"، وكأن أحمد ملاكًا لا يُخطئ! واصلت كغيري متابعة تلك التعليقات، مع أن الشقيري اختار الردود الحسنة، والكلمة الطيبة كملجأ يحميه من تدفُّق السيل الهادر من الشتائم. فالحدث لا يعطي الحق لأحد بأن يمارس هذا القصف الثقيل والمكثَّف على أحمد الإنسان. أمّا أنا فشعرت بلحم جسدي يقشعر، وقلبي يزداد ضرباته، وكفرج من السماء يضع الابن أحمد بيانًا يُوضِّح فيه، ويقر بالخطأ، ويوعد بقفل مطعم أندلسية لعدم تفرّغه لإدارته. فجأة وكلدغة بعوض في ذراعي، إذا بمَن في تويتر مَن يمحص ويفحص ذلك البيان، ويُحلِّل وينثر النثار، يلوم أحمدنا على محاولته لفتح مطعم أندلسية لنشر المعرفة. فكتبت مع التويتريين كلمة، إلاّ أنني فوجئت بمن يلومني على الكلمة الطيبة، مُبدين ضيقهم وتبرّمهم لتدخُّلي، كنت أحاول أن أقول: هذا ابننا أحمد الشقيري الذي يشاهد برنامجه ملايين من المشاهدين المحليين والعرب.. أحمد الذي ينشر السلوكيات الحسنة. لكن هيهات.. هيهات، كنت أقرأ ما يُكتب بمزيج من المرارة والحموضة.. كنت أحاول يائسة أن أقول لنفسي مَن مِنَّا بلا خطيئة! ظللت طوال نهاية الأسبوع في وجومٍ وخيم، وسؤال ينتصب أمامي: لماذا نُجهض التجارب الناجحة مثل تجربة أحمد الشقيري، ونخلط بين الخطأ الإداري وسلوكيات البشر؟! وليكن أحمد أخطأ في إدارة مطعم أندلسية! ألا يشفع له برنامجه "خواطر" التوعوي؟! ألا يشفع له أن شدَّ أحفادي ليشاهدوا "خواطر" بدلاً من قناة "ديزني"، تهت في دوّامة الحيرة وتعاريج السؤال، إلاّ أنني وجدت أن عقلي سارح بردود أفعال مجتمعنا الإحباطية.. تمنَّيتُ لو أن الله يُلهمني الجواب، ولكن... هل لدى أحدكم جواب؟! A.natto@myi2i.com
مشاركة :