«طفيل الأحلام» | د. عائشة عباس نتو

  • 8/29/2013
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

لقد استَيْقَظَت، وليتها لم تستيقظ على أنين والدتها من شدة النزف، نزيف الشريان الذي أصبح شأنه شأن صنبور الماء العتيق في حديقتهم، مازال ينتظر قبلة الحياة من ميكانيكي ماهر.. وكان ذلك الشريان تحوّل إلى أكبر مستثمر في مجال تصنيع الخلايا المهاجمة للجسم. وجوه الأسرة الصغيرة تشهق من هول نتائج التحاليل.. الابنة الطبيبة الحالمة في اكتشاف طفيل ترطن بلغات، وتبحث في الشبكات العنكبوتية والمكتبات عن ذلك الشريان الذي سيحرمها من أمها، تحاول أن تضع أذنها على زجاج شاشة الكمبيوتر الباردة فقد تسمع نبضها!!، إنها تعرف حقيقة معنى الفقد، فهي تعيش في مهنتها كل يوم، وتعيش مع أسرة الفقيد الألم والفقدان، هل كُتب عليها أن تكتب تقرير موت أمها التفصيلي.. إنها شديدة الحزن والانكسار.. ماذا لو كانت نتائج تقارير والدتها صحيحة؟! لا تحتاج الطبيبة إلى التنقيب لتتعرف على حجم الخلايا وكثرتها، «فالمُنقِّبون» في معامل التحاليل كتبوا مصير أمها بتقرير تحمله بين طيات يديها.. تسأل الطبيبة: هل ما تشاهده لقطات من فيلم سبق وأن شاهدته، التقارير تشير إلى تكاثر الخلايا وواقع مرعب.. تزحف كالأفاعي تتقافز في مسرح العرائس، يُحرِّكها ذلك النزيف السلطوي كما يشتهي. في رحلة العلاج التي كانت بين الأمل والفقدان، وصورة التابوت الذي لا يُفارق خيال الطبيبة بعد صراع بين الأمل والألم، عادت مع أمها، وفي مقعد الطائرة تُحدِّق في التقارير التي حملتها معها، كتبت سؤالاً مريرًا تقول فيه: «لماذا نُغادر مستشفياتنا للعلاج للخارج؟!»، امتلأت عيني بالدموع وأنا أقرأ تعليق الشابة الطبيبة التي تحلم باكتشاف "طفيل الأحلام" الذي اقترحه لها صديق ساندهم في رحلة الألم والأمل، صوتًا وحرفًا. علَّمنا هذا الصديق الجدير بالحب أن برد الحياة لا يزداد وطأة حين لا يتوفر الغطاء، بل عندما نفتقد حرارة دعم الصديق. بكيت.. نعم.. البكاء ليس صفة مشينة، بل هو الدافع إلى تغيُّر الظروف والدوافع التي سبَّبت ذلك البكاء.. أن تبكي فذلك إحساس عالٍ بالألم.. إنها صرخة مكتومة لا تجد طريقًا للخروج من نفسك، فأي عتاب لا يرضي، وأي كلام لا يكفي للطبيبة الحالمة باكتشاف "طفيل الأحلام". أهذي بهذا الكلام إليكم كمحمومٍ خرف، لا يعرف كيف يشرح المعاناة.. أحتضن جبيني بكفي.. أناظر التقرير الطبي الذي قلَّص الآمال لتلك الطبيبة كخرقةٍ باليةٍ.. أتأمَّل الصورة وحالة من الإحباط تربكني، وألم قاسٍ يمضي، ويتسلل إلى رئتي سؤال: أمَا آن لهذا العرضِ أنْ يتوقف؟! A.natto@myi2i.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (77) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :