المنيا (مصر)- في أجواء غاضبة، شيّع أقباط المنيا في وسط مصر صباح السبت ضحاياهم الذين سقطوا في اعتداء مسلّح تبنّاه تنظيم الدولة الاسلامية، فيما طالب أسقف عام المنيا الأنبا مكاريوس بـ"معاقبة الجناة". وقُتل سبعة أقباط الجمعة في هجوم مسلّح استهدف حافلة تقلّ مسيحيّين كانوا عائدين من زيارة إلى دير الأنبا صموئيل في المنيا (قرابة 250 كيلومتر جنوب القاهرة). وتبنّى تنظيم الدولة الإسلامية هذا الاعتداء، الأوّل الذي يستهدف الأقباط منذ نهاية ديسمبر 2017. في مايو2017، تبنّى تنظيم الدولة الإسلامية هجوماً على حافلة كانت تقلّ حجّاجاً أقباطاً على الطريق نفسه الذي حصل عليه اعتداء الجمعة، اذ كانوا متّجهين الدير نفسه. وأسفر ذلك الاعتداء عن سقوط نحو 28 قتيلاً. ومنذ فجر السبت، احتشد مئات من الأقباط الغاضبين داخل وحول كنيسة الأمير تادرس في مدينة المنيا والتي انتشر حولها رجال أمن ملثّمون وأكثر من عشر سيارات إسعاف، لحضور جنازة الضحايا. وبعد انتهاء الصلاة، أُخرجت ستّة جثامين في توابيت بيضاء وضعت عليها زهور بيضاء كذلك، وسط هتافات "بالروح، بالدم نفديك يا صليب". وسيتمّ دفن الجثامين الستّة في مقابر الأقباط بإحدى ضواحي مدينة المنيا. أما القتيل السابع، وهو مسيحي انغليكاني، فتم تشييعه مساء الجمعة في قرية سودا الواقعة أيضاً بمحافظة المنيا. وقال الأنبا مكاريوس في كلمة ألقاها بعيد انتهاء القدّاس الجنائزي "نحن لا ننسى وعود المسؤولين، بمن فيهم رئيس الجمهورية، بمعاقبة الجناة". وكان الأنبا مكاريوس ووجه بصيحات احتجاج من الحضور الغاضبين عندما قدّم الشكر خلال الكلمة نفسها إلى مسؤولي الامن . ونعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ضحايا الهجوم مساء السبت في تغريدة على "تويتر" قائلاً "أنعي ببالغ الحزن الشهداء الذين سقطوا اليوم بأيادٍ غادرة تسعى للنيل من نسيج الوطن المتماسك... وأتمنّى الشفاء العاجل للمصابين وأؤكّد عزمنا على مواصلة جهودنا لمكافحة الإرهاب الأسود وملاحقة الجناة". ومساء السبت، خيّمت أجواء من التوتّر أمام مستشفى المنيا العام حيث بقي أهالي الضحايا المحتجيّن حتى الساعات الأولى من صباح السبت، ما حمل قوات الأمن على الإبقاء على انتشارها في الشوارع المحيطة خشية وقوع حوادث. وجلست سيدة مسنّة على الأرض الترابية في فناء المستشفى قرب باب المشرحة، تنتظر خروج جثمان ابنها وهي تبكي وتصيح "كان أحسن أولادي .. لن أراه ثانية"، قبل أن يتدافع الحاضرون لحمل نعش أحد الجثامين ووضعه داخل سيارة إسعاف لتتمّ الصلاة عليه في الكنيسة. وفيما كانت سيارة الإسعاف تنطلق، نظر إليها شاب قبطي هازّاً رأسه وقال بنبرة ملؤها خيبة أمل "لا جديد ولن يحدث جديد، سيتمّ دفنهم وسينتهي الأمر". ويدعى هذا الشاب ميشال (23 عاماً) وهو جار لأحد ضحايا الهجوم وقد قال "هل يفترض أن أحمل سلاحاً معي عند ذهابي للصلاة أم أمكث في منزلي لأنّني قد أموت إذا قرّرت الذهاب إلى الكنيسة؟"، متسائلاً "ماذا يريد هؤلاء الإرهابيون؟ أن نكره المسلمين؟!". ونشر المتحدّث الرسمي باسم الكنيسة القبطية على صفحته الرسمية على فيسبوك أسماء الضحايا الأقباط الستة وهم ينتمون كلّهم الى أسرة واحدة ومن بينهم ثلاثة أشقّاء وطفلة صغيرة. وكان عام 2017 دامياً بالنسبة إلى الأقباط الذين يُمثّلون نحو 10% من سكّان مصر البالغ عددهم 100 مليون نسمة، وقد تعرّضوا خلاله لاعتداءات أوقعت أكثر من مئة قتيل وعشرات الجرحى.
مشاركة :