خالـد العنقـري .. الإنسـان | عبدالله بن يحيى المعلمي

  • 1/19/2015
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

لم أتعود أن أكتب ممتدحاً شخصاً بعينه سواء كان على رأس العمل أو خارجه، ولكنني أستميحكم العذر اليوم لأتحدث عن رجل خدم الوطن على رأس واحدة من أهم الوزارات قرابة ربع قرن، ذلكم هو الدكتور خالد العنقري الذي ترجل عن صهوة التعليم العالي قبل بضعة أسابيع، وسأحدثكم عن موقفين استشعرت من خلالهما نقاء هذا الرجل وأصالة معدنه. بعد أسابيع قليلة من تعييني أميناً لمحافظة جدة وردني اتصال من معاليه يبدي فيه رغبته في زيارتي في مكتبي، رحبت به وعرضت عليه أن أذهب إليه تقديراً لمكانته وعلمه وفضله فأبى وأصر على الحضور، طلبت من زملائي في الأمانة أن يبحثوا عما إذا كان لمعاليه موضوع معلق في أرض أو مبنى أو منحة يتعلق به ظناً مني أن ذلك يمكن أن يكون سبب الزيارة التي لم يرغب الدكتور العنقري في إيضاحه لي فأكد لي زملائي أنهم لم يجدوا في سجلاتهم شيئاً. استقبلت الدكتور العنقري ورحبت به وبعد أن استقر به المقام بادرني بالحديث قائلاً إنني أردت أن آتي لأقدم لك التهنئة شخصياً ولكن عندي ما هو أهم منها وهي النصيحة عملاً بقول الله تعالى "وتواصوا بالحق" ونصيحتي إليك هي أن تتقي الله في السر والعلن فأنت في هذا الموقع سوف تتعرض إلى العديد من الضغوط وإلى الكثير ممن سوف يحاولون استمالتك إلى أهوائهم والوظيفة العامة ليست باقية لأحد ولا هي مسجلة باسم أحد وما يبقى هو السمعة العطرة والذكر الحسن. أكبرت الدكتور العنقري كثيراً لأنه لم يكتف بإرسال تهنئة تقليدية أو بتوجيه نصيحته عبر الهاتف أو البريد، بل اختار أن يقتطع من وقته وجهده ليبلغني إياها وجهاً لوجه، وقدرت رسالته مقتدياً بقول سيدنا عمر رضي الله عنه: "لا خير فيكم إن لم تقولوها..! ولا خير فينا إن لم نسمعها". الموقف الثاني هو أنني زرته في مكتبه قبل عامين فحدد لي موعداً صباحياً مبكراً وسألته عما إذا كان قد تعمد معاقبتي بهذا الموعد المبكر فضحك قائلاً إنه قد حدد الموعد مع الرأفة، ثم علمت أن معاليه يبدأ يومه العملي في داره مبكراً ويصل إلى مكتبه قبل السابعة والنصف صباحاً !! تحدثت إليه عما جئت بشأنه مبتدئاً بالاعتذار عن الشفاعة التي كنت أقوم بها فقال لي: لا تعتذر، فالشفاعة في أمور العلم وتيسير دروبه لطالبيه محمودة !! فعرفت أن الرجل ينطلق في عمله وسلوكه من قيم ومبادئ وأن الوظيفة عنده ليست مغنماً ولا وجاهة. لم أتحدث عن خالد العنقري الوزير، مع أن عهده قد شهد توسع التعليم الجامعي حتى أصبح لكل راغب في الالتحاق بالجامعة مقعد في جامعة قريبة من موقع إقامته في أي منطقة في المملكة، وفي عهده أيضاً نما وترعرع برنامج الابتعاث الى الخارج حتى بلغ عدد المنتمين اليه ما يقارب المائة وخمسين ألفاً، ولئن كان لي ولغيري ملاحظات حول التعليم العالي في بلادنا إلا أن ذلك لا يحجب حقيقة أن الدكتور العنقري كان وزيراً ناجحاً وانه كان وسيظل انساناً نبيلاً. afcar2005@yahoo.com

مشاركة :