أسكتوك يا خالد!! | عبدالله بن يحيى المعلمي

  • 8/14/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قبل بضعة أيام عقد مجلس الأمن اجتماعاً غير رسمي لمناقشة الأوضاع في حلب، استمع المجلس والحضور الى شهادات مباشرة من إحدى الإعلاميات في شبكة سي إن إن ومن اثنين من الأطباء من منظمة الأطباء السوريين الأمريكيين ممن يتناوبون على الذهاب إلى مواقع القتال في سوريا للمساعدة على إنقاذ المصابين وإسعاف الجرحى، ولكن أكثر الشهادات تأثيراً كانت الشهادة التي سجلها في اليوم السابق للاجتماع شاب سوري يدعى خالد حرح، يبلغ من العمر خمسة وثلاثين عاماً، كان خالد يسجل شهادته من أحد الشوارع الضيقة في حلب، وكان ضجيج الطائرات الحربية السورية والروسية ودوي قنابلها المتفجرة يملأ القاعة ويحجب عن الحضور صوت خالد، لولا أنه كان كلما زاد الضجيج حوله صدح بصوته عالياً وكأنه يتحدى الظالمين المعتدين. قال لنا خالد إن أهالي حلب يواجهون الحصار ويطل عليهم شبح المجازر العرقية على غرار حمص وسربرنيتشا، وحكى لنا عن الممرضة الشابة براءة التي ترعى في المستشفى طفلاً اسمه محمد يبلغ من العمر عاماً ونصف، وأن براءة تناشد العالم أن يهرع لإنقاذ محمد الذي يحتاج إلى دم وإلى رعاية لا تتوافر في أنقاض مستشفيات حلب، لاحظوا أن خالداً وبراءة لم يطلبا شيئاً لأنفسهما ولم يطلبا وقف إطلاق النار أو سقوط النظام أو حتى مجرد إيصال إمدادات الغذاء إليهما وإلى أسرهما، بل طلبا إنقاذ طفل رضيع يحتاج إلى الإخلاء الطبي. تجول بنا خالد في ردهات أحد المستشفيات حيث تجرى العمليات الجراحية في السراديب والممرات لأن النظام وحلفاءه قد استمرأوا قصف المستشفيات فلم يعد فيها مكان آمن سوى الأقبية، حدثنا خالد عن الضربات المزدوجة التي احترفها النظام وحلفاؤه فتأتي الغارة ثم تتبعها بعد قليل غارة أخرى تستهدف جمهور المنقذين والمسعفين. لم يحدثنا خالد عن بطولاته هو وزملائه من أعضاء جماعة الخوذات البيضاء التي تخصصت في العمل على إخراج الضحايا من بين الأنقاض بعد غارات الطيران السوري والروسي، ولم يحدثنا عن المعجزة الإلهية التي تحققت على يديه عندما استخرج من بين الأنقاض طفلاً رضيعاً عمره عشرون يوماً بعد أن أمضى أكثر من عشرين ساعة تحت الركام، ولم يكن خالد يتذمر عندما كان يقول لنا أنه وزملاءه أمضوا أكثر من سبعين ساعة وهم يبحثون عن الشهداء والمصابين بين حطام المباني دون أن يذوقوا لقمة واحدة. قبل أيام حملت لنا الأخبار استشهاد خالد في غارة روسية أصابته وهو يمارس بطولته في إنقاذ المصابين تاركاً وراءه زوجة وطفلين.. لقد أزعجهم صوتك يا خالد فأسكتوك!! ولكن يا لبؤسهم وشقائهم، فإنهم لا يدركون أن صوتك يا خالد، خالدٌ في ضمير الأمة ووجدانها، وأن صوتك تُغنِّي معه أصوات الملائكة والشهداء، وأن صوتك سوف يردده ملايين الشرفاء ممن يؤمنون برسالتك ويعرفون أن الله حق وأن الظلم باطل. afcar2005@yahoo.com

مشاركة :