قبل سنوات كُـنتُ في أحد متاجر الأغذية الكبرى بالمدينة المنورة، يومها أخطأ العَـامِـل الوَافِــد في ركن اللحوم، فَأصابَ جهازُ تقطيع اللحم الكهربائي أصابعَـه، فذهبتُ به مسرعاً للمستشفى الخاص المجاور للمتجر (تماماً)، فَـرفض قسم الطوارئ فيه التعاملَ مع حالَـته؛ بحجة عدم وجود تأمين طبي! وبعد جدال أصرّ المستشفى على موقفه، فَـتَـمّ نقل الـمُـصَـاب لمستشفى حكومي بعيد عن الموقع، وكان نتيجة هذا التأخير أَنْ فَـقَـدَ ذلك الرّجل بعض أصابعه، في وقت كان يمكن الحفاظ عليها لو أُجْـرِيَـتُ عملية عاجلة له كما أكد الأطباء! هذه الحادثة المؤلمة تذكرتها عندما قرأتُ يوم الأربعاء الماضي تصريحات المتحدث الإعلامي لوزارة الصحة، وفيها (تَـهْـديد ووَعـيْـدٌ بالعقوبات والتشهير) لأيٍ من المستشفياتِ الخاصةَ التي تتجاهل علاج الحالات الإسعافية الطارئة، التي هي حـقٌ كفلته الأنظمة للمريض أيا كانت جنسيته، ودون مطالبات مالية مسبقة، كما جاء في التّـصريح ! إنسانيةٌ تلك الأنظمة ورائعة تلك التصريحات، ومهم ذلك (الوَعِـيْـد)؛ فحياة المريض في الحالات المستعجلة والخطيرة تتحكم في إنقاذها سَـرعة الوقت، فلا مجال فيها للتأخير أو المخاطبات والفَـاكسات كما تطالب به بعض المراكز الطبية الخاصة! ولكن السؤال المهم هنا :هل يتم التطبيق على أرض الواقع، فالتشهير أراه من أهم العقوبات الرادعة في مختلف وجوه الفساد، وما تقوم به وزارة التجارة خير شاهد، ولكن ما أخشاه في (وَعِـيْـد وزارة الصحة) أن يكون مصيره الالتفاف عليه، والقفز على أنظمته وعقوباته بواسطة المجاملات والواسطات لحماية بعض الهوامير من مـلاك المشافي الخاصة، لتكون النهاية تسجيل التجاوزات والأخطاء الطبية التي ضحيتها أرواح وإصابات وعاهات دائمة ضِـد مجهول! أخيراً إضافة للتشهير (لو تـمّ، فأنا أشُــك في مصداقية التطبيق)، هناك عقوبات مالية على المستشفيات المقصرة أقترح إيداعها في (صندوق خاص) يُـصْـرفُ منه على الحالات الإنسانية الطبية الطارئة! aaljamili@yahoo.com
مشاركة :