هناك العديد من التسميات التي تطلق على الإعلام الحديث مثل: الإعلام الرقمي أو التفاعلي، أو إعلام الوسائط المتعددة، أو الإعلام الشبكي، وتختصر معاني تلك المسمّيات في أنها تقوم على تدفق المعلومات من خلال شبكة الإنترنت، أو الهاتف، أو الجوال، فالإعلام الجديد يأتي من خلال العملية الاتصالية الناتجة من الكمبيوتر، والشبكات، والوسائط المتعددة، ويزداد تنوع وسائل الإعلام الجديد يومًا بعد يوم، فهناك المحطات التلفزيونية التفاعلية، والكابل الرقمي، والصحافة الإلكترونية، والمنتديات، ووسائل التواصل الاجتماعية، والإذاعات الرقمية... وغيرها الكثير من الوسائل الأخرى. لقد ساهم الإعلام الجديد في ظهور ثقافة إعلامية جديدة، ورفع سقف حرية التعبير بعيدًا عن مقص الرقيب، وسلط الضوء على بعض القضايا التي لم تكن تطرح في الإعلام التقليدي؛ ممّا أوجد حراكًا إعلاميًّا واضحًا، كما ساهم الإعلام الجديد في وجود مجتمع افتراضي لا مثيل له، وذلك من خلال شبكات التواصل الاجتماعية، فأصبحنا نرى ومن خلال الإعلام الجديد دعوة لندوة، أو محاضرة يمكن أن يتم تقديمها من خلال وسائل التواصل الاجتماعية، وهذا الأمر بدوره ساهم في إيجاد جمهور جديد متخصص في مجالات معينة. إن من أهم العوامل التي ساهمت في انتشار الإعلام الجديد هو عدم خضوعه للقيود والأطر التي يخضع لها الإعلام التقليدي، إضافة إلى عدم إمكانية السيطرة عليه بشكل كامل، أو فرض قيود مشابهة لتلك التي تُفرض في الإعلام التقليدي، إضافة إلى كون تكلفته منخفضة مقارنة بتكلفة الإعلام التقليدي، وهذه المميزات تم الاستفادة منها بشكل إيجابي وسلبي. وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز الخضيري أفاد مؤخرًا بأن هناك دراسة لتنظيم استخدام مواقع التواصل الاجتماعية، بالإضافة إلى مشروع متكامل لتعزيز الاستفادة من الإعلام الجديد، وقد أضاف معاليه في معرض حديثه عن هذا الموضوع بأنه (لابد أن نضع أمامنا نقطة أنه لا نكتب كلمة يصعب أن نقابل الله بها بذنب لا يُغفر، لأن الكلمة قد تلقي بالإنسان في قاع جهنم سبعين خريفًا، فأرجو أن نبتعد عن الغيبة والنميمة، ونقل الأخبار التي تسيء لنا في المملكة، وكل إنسان سيُحاسب عن نفسه، إمّا أُخذ من حسناته، أو أُعطي من سيئات الآخرين، فأرجو أن ننجح في هذا المشروع المتكامل لتعزيز الاستفادة من الإعلام الجديد، حماية للحقوق والأعراض). في اعتقادي أن هذه العبارة هي المنهج الذي يجب أن يعمل به كل من له صلة بالإعلام بشكل عام، والإعلام الجديد وما يشمله من وسائل تواصل اجتماعية مختلفة بشكل خاص، فالخطوة التي أشارت اليها الوزارة لم تأتِ من فراغ، بل جاءت لتعظيم إيجابيات تلك الوسائل، بما فيها من انفتاح وتواصل وتبادل للآراء والأفكار، والتعرّف على ثقافات مختلفة وتنمية وخدمة المجتمع، إضافة إلى تقريب المسافات، وفي المقابل تقليل السلبيات، وما تشمله من نشر للشائعات، وإختلاق القصص، وانحدار مستوى النقاش، وما قد يتبعه من قذف وتطاول من قبل البعض على البعض الآخر. الإعلام الجديد وسيلة رائعة وجميلة يجب علينا أن نستفيد منها لتنمية مجتمعنا، وتوحيد صفوفنا، وتطوير أسلوب حوارنا مع بعضنا البعض، وعندما تتحوّل هذه الوسيلة إلى أداة هدم بدلاً أن تكون أداة بناء، فإنه لابد علينا جميعًا أن نعيد النظر في أسلوب استخدامنا لهذه الوسيلة، وأن نضع الضوابط والقوانين التي تساهم في حماية مجتمعنا من عبث العابثين. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :