انقضى الدور الأول من كأس أمم آسيا 2015 على عكس ما تمناه الجمهور السعودي، ومطابقا لتوقعاتهم، وغادر الأخضر مبكرا بفوز يتيم وخسارتين مؤلمتين أجهزتا على حظوظه في بلوغ الدور التالي رغم سهولة المجموعة قياسا بالبقية. وكانت رحلة الأخضر إلى أستراليا محفوفة بالمخاطر منذ البداية، حين أعلن عن إقالة لوبيز في توقيت حرج، رغم المطالب بإقالته قبل بطولة الخليج والبحث عن مدرب بديل يوازي الطموحات والتطلعات التي كان يؤمل فيها أن يحظى المنتخب باستقرار فني يعزز حظوظه في تحقيق اللقب أو على الأقل الخروج بشكل مشرف، يوازي أمنيات المحبين للصقور الخضر والمؤملين في نهضة الكرة السعودية من جديد، لكن ثمة أخطاء وقع فيها اتحاد القدم والقائمون على المنتخب أفضت إلى هذا الخروج المرير، نرصدها في التقرير التالي وفق الآراء الفنية لبعض المدربين والمحللين ووفق استطلاعات الرأي حول أسباب خسارة الأخضر: ما بين لوبيز وكوزمين يرى المراقبون أن قرار الإبقاء على لوبيز حتى بطولة الخليج الأخيرة كان قرارا خاطئا وكلف المنتخب ثمنا باهظا، خاصة بعد أن فشل في تقديم نفسه كما يجب في المواجهات الودية ووفقا للتغييرات المتكررة في التشكيلة، وهو ما برهنت عليه بطولة الخليج التي خسرها بفعل عدم الثبات على المجموعة التي يشارك بها واختلافها من مواجهة لأخرى. وكانت الأصوات المطالبة بالتغيير قد حذرت من التباطؤ في تنفيذ هذا القرار المتوقع، وهو ما كان فعلا وبعد أسبوع من خسارة اللقب الخليجي، ورغم ذلك كان الجدل حاضرا في اتحاد القدم حيال هذا القرار، وبقي التردد قائما قبل أن ينهي الفريق الأمور بشكل حاسم، عززه رحيل المشرف على المنتخبات عبدالرزاق أبو داوود من منصبه. أما الخطأ الآخر فقد كان برأي كثيرين اختيار كوزمين أولاريو للمهمة بنظام الإعارة وتجاهل مدربي الأندية المحلية، خاصة أنه لم يكن على دراية تامة بنجوم الكرة السعودية المحليين لغيابه عن الكرة السعودية منذ عام 2008 - 2009 أي قبل نحو 5 أعوام، وهو ما جعله أمام تشكيلة معدة سلفا وقبل 3 أسابيع من بداية البطولة فقط. جدل وفوضى المعسكر واجه الأخضر تحديات كبيرة منذ بداية المعسكر الذي أقيم في أستراليا على 3 مراحل بقيادة مدربه المعار الروماني كوزمين أولاريو، ولم تكن استعداداته مطمئنة إذ خسر مباراتيه الوديتين في أستراليا ضد البحرين 1-4 ثم كوريا الجنوبية صفر- 2، وتفجرت خلال المرحلة الأولى من المعسكر أزمة اللاعب ناصر الشمراني وبعض اللاعبين، حين دخل هداف آسيا وأفضل لاعبيها عام 2014 في جدل مع مشجع استفز لاعبي الأخضر بعبارات بذيئة، قيل أنها كانت سببا في إفشاء حالة من الضجر بين اللاعبين نتيجة عدم نجاح الجهاز الإداري في عزل اللاعبين عن الجماهير. وزاد الأمور سوءا هو إبعاد الشمراني بسبب الإصابة وسط تشكيك من البعض في أن لدى اللاعب رغبة الرحيل. واستمرت الفوضى مع الجهاز الفني بعد الاشتباك الذي حدث بين المهاجمين نايف هزازي ومحمد السهلاوي، وهو الأمر الذي عكس حالة التشنج والتوتر بين اللاعبين، والروح الغائبة لدى غالبيتهم لأسباب قد يكون لها صلة بما يحدث خارج المعسكر، زاد منها سوء عودة الدكتور خالد المرزوقي إلى جدة لظروف والده الصحية وإسناد المهمة للقرينيس. وفي ذلك، قال قائد هجوم الأخضر في مونديال 2006 ياسر القحطاني «إن ما يحصل من نتائج سلبية يتحمله الاتحاد السعودي، ومن المستحيل تحقيق نتائج إيجابية في ظل تخبط التخطيط»، وأضاف «المنتخب من تصفيات كأس آسيا إلى ما قبل النهائيات بشهر ونصف وهو يسير على نسق وطريقة لعب واختيارات مدرب واحد وهو لوبيز ولفتره ليست بالقصيرة، وقبل النهائيات يتم تغيير المدرب»، متسائلا «لماذا لم يتم تغييره قبل كأس الخليج»، لافتا إلى أن الاستقرار الفني في أي جهاز تدريبي مهم بشكل كبير وأمر لا بد منه. وتابع قائلا «الثبات والاستقرار الإداري والفني مهم للمنتخب أكثر من النادي، وكثرة تغير الإدارات والمدربين على المنتخب خلال ٣ سنوات أمر يبين ويثبت أن السياسة الإدارية والتخطيط للمنتخب من قبل الاتحاد كانت غير صحيحة». تواضع أداء اللاعبين ظهرت مجموعة من الأسماء بمستويات متواضعة وخالفت التوقعات، وباستثناء اللاعب نواف العابد كانت الحالة العامة للاعبين متراجعة خاصة حارس المرمى وليد عبدالله الذي تسببت أخطاؤه في التصدي لكرات المهاجمين أمام منتخبي الصين وأوزبكستان، واستقبلت شباكه 4 أهداف في 3 مباريات فقط، ويتحمل وليد عبدالله جزءا كبيرا من الخسارة الأخيرة ومن أمامه خط الدفاع الذي كان الحلقة الأضعف للمنتخب. ويرجع نقاد أسباب التراجع المتوقع نتيجة الضغط الإعلامي والجماهيري على اللاعبين، الذين وجدوا أنفسهم أمام جمهور منقسم وإعلام متعصب وقابل ذلك عمل إداري ضعيف، وأجمعوا على أن اللاعبين واجهوا ظروفا صعبة تنوعت بين الضغط وغياب الروح والإرهاق. وكان للاعب الوحيد الذي شارك في 4 مونديالات عالمية وحقق مع المنتخب آخر ألقابه الآسيوية سامي الجابر رأي في مستوى اللاعبين، وقال: إن غياب الانضباط في الملاعب السعودية سبب الأزمة التي يمر بها المنتخب السعودي في الوقت الراهن، وأن الدوري السعودي لا يتمتع بالانضباط والاحترافية، بالإضافة إلى ضعف المستويات وبالتالي لا يستطيع إفراز عناصر قادرة على التمثيل الدولي وارتداء قميص المنتخب الوطني والمنافسة في المحافل الدولية. وأضاف المدرب الوطني السابق لنادي الهلال أن اللاعب السعودي يمتلك المهارات الكبيرة ولكنه يفتقد للانضباط والعقلية الاحترافية، مشددا على أن الموهبة وحدها لا تكفي في عالم كرة القدم حاليا ولا بد من توافر عدة عوامل أخرى بجوار الموهبة. وأن الكرة في العالم تطورت بشكل كبير بينما الكرة في السعودية تقف «محلك سر» وأن هذا هو سبب تفوق أوزبكستان بعد أن كانت تخسر من المنتخب السعودي بفارق كبير من الأهداف. تخبط اتحاد القدم وأمام كل ذلك يواجه اتحاد القدم سيلا من الانتقادات حيال العمل الذي تم، والانقسامات ما بين أعضائه وخلافته مع الجمعية العمومية وإشغال الرأي العام بقضايا بعيدة عن العمل الفني للأخضر، وهو الأمر الذي جوبه بجملة انتقادات من عدد من الرياضيين حيال الطريقة التي تدار بها الأمور، خاصة أن قرار التعاقد مع المدرب في وقت متأخر ومع مدرب مؤقت فتح النار عليه وجعله أمام فوهة براكين النقد وتحميله المسؤولية كاملة. وعلق نجم المنتخب السعودي سابقا حاتم خيمي عن العمل الإداري في المنتخب بالقول ما يحدث في الكرة السعودية فوضى كبيرة، الأمور تحتاج لاتحاد قوي لا يقبل التدخلات من أي شخص، الكثير يتحدث عن التدخلات في اتحاد عيد لذلك يجب أن يستقيل الاتحاد.
مشاركة :