وُلِدتُ يَتيمَا، وحِين كَبرتُ بَدأتُ أَشعر بأنَّ المَلك هو أَبي، عَلى اعتبَار أنَّه المَسؤول عنِّي، وحَامي الوَطن وقَائد المسيرَة، وعَلى هَذا الشّعور كَبرتُ وتربّيت، وحِين جَاء وَالدنا المَلك «عبدالله» -رَحمه الله- إلَى الحكم؛ بَدَأتُ أَشعر بالأبوة وهي تعود لِي، لكن (لله مَا أعطَى ولله مَا أخَذ)، وهَا أنَا والوَطن نَفتقده، لأَشعُر باليُتم مَرّة ثانية..! إنَّ الدارِس لتَاريخ ملُوك المملكة؛ سيَتوقَّف طَويلَا عِند المَلَك الإنسَان، والرَّجُل الصَّالح «عبدالله بن عبدالعزيز» -رَحمه الله-، لأنَّ صَفحاته في الإصلَاح والتَّطوير والعَدل؛ ومحاربة الفسَاد طَويلة جدًّا، ولَن أَستطيع في كِتَابة كهَذه؛ أنْ أَفرد مُنجزَات هَذا المَلك العَادِل، لأنَّني سأَحتَاجُ إلَى كُتُب، ولكن سأعدُّ مِنها ولَا أُعدِّدها، وسأتنَاول بالمثال فَقط عَلاقة المَلك بالتَّعليم، واسمَحوا لِي أنْ أُسمِّي هَذا المَلَك «أبوالجامعات»، لأنَّنا في عَهده المعطَاء؛ اكتَسبنَا أكثَر مِن عِشرين جَامعة، في حِين كَان عَدَد الجَامِعَات لَا يَتجاوز السَّبع..! أكثَر مِن ذَلك، نَستطيع أنْ نُسمِّيه -رَحمه الله- «أبوالابتعَاث»، ومَن لَا يَفخر بابتعَاث أكثَر مِن نِصف مليون طَالب؛ يَجوبون أنحَاء العَالَم، بَحثَا عَن العِلْم والمَعرفة، كُلّ هَذا العَدَد المَهول؛ كَان بجَرّة قَلم مِن وَالدنا «عبدالله» -تغشّاه الله بالرَّحمة-. أمَّا على الصّعيد الدّولي، فالملك «عبدالله»؛ لَم يَكُن مَلكَا للسّعوديين فَقط، بَل مَلَك قلُوب أَغلَب العَرب، ويَكفي أنَّك حِين تَتجوَّل في أكبَر عَاصمة عَربيّة؛ وهي القَاهرة، ستَجد صور هَذا المَلك المَحبوب؛ مُنتشرة في الميَادين، والسَّاحَات العَامّة، تَقديرَا وإعجَابَا مِن الشَّعب المِصري لهَذا المَلِك؛ الكَبير في عَطائه وأَخلَاقه، وحُبّه للسّلام والاستقرَار، كَما دَعَم وسَانَد غَيرها مِن الدّول؛ التي تَستحق الدَّعم والمُسَاندة..! إنَّني حَزين وأنَا أفتَقد مَلكَا أَسرَنا ببسَاطته وعَفويّته وحُبّه، ودَعمه للطّبقَة الوُسطَى، والفُقرَاء والبُسطَاء، ويَكفي أنَّك تَتصفَّح «تويتر» هَذه الأيَّام، لتَجد مَا يُشبه الاستفتَاء الشَّعبي؛ حَول جَماهيرية المَلِك «عبدالله»، وحُبّ النّاس لَه، وقَد كَان «هاشتاق» خَبر مَوته؛ الأوّل تَفَاعُلَا عَلى مستوَى المقيَاس العَالَمي، وكُلّها مُشَاركات تَدعو لَه بالرَّحمة والمَغفرة، وبأنْ يَتقبله الله قبولا حَسنا..! يَا لهَذا المَلِك المَحبوب الصَّالح الذي رَحَل، وحتَّى في رَحيله اختَارته الأيَّام في أَجمَل أوقَاتها، ألا وهو يَوم الجُمعة، ليَدعو له النَّاس فِي هَذا اليَوم الفَضيل، حَيثُ جَاء في الأَثَر بأنَّ دُعَاء يَوم الجُمعَة مُستجَاب..! حَسنَا.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: لِقَد رَحَل عَنَّا وَالدنا «أبومتعب» -تَغمّده الله بوَاسع رَحمته-، وبَقَيت في إحدَى العَينين دَمعة حُزن؛ ورِضَاء بالقَضَاء والقَدَر، (فلله مَا أَعْطَى ولله مَا أَخَذ)، أمَّا العين الأُخرَى، ففِيها نَظرةٌ إلَى المُستقبل، مُمتَلِئَة بالدُّعاء بأنْ يُوفِّق الله -جَلّ وعَزّ مَلكنا «سلمان بن عبدالعزيز»، ويُعينه في كُلِّ شؤونه، وأنْ يَشدّ مِن أَزره وَلي عَهده الأمير «مقرن»، كَما أسأل الله أنْ يُوفِّق وَليّ وَلي العَهد الأمير «محمد بن نايف»، الذي أعطَى تَعيينه إشَارة إلَى العَالَم، بأنَّ هَذه البِلَاد «المَملكة العَربيّة السّعودية» مَاضية في الاستقرَار، مُطمئنّة في مَسيرتها، حِين يَنتقل الحُكم بكُلِّ سَلَاسَة ويُسر وتَوفيق، مِن الأجدَاد إلَى الأحفَاد، هَكذا تَسير الدّول التي تُريد أنْ تَحجز لنَفسها مَقعدَا؛ في مَسيرة التَّاريخ، وسِيرَة الرِّجَال..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :