كنت خارج المملكة عندما زُويت كل تلك المسافات لتلقي على مسمعي وبصري الخبر الحزين، إذ طُويت صفحة من تاريخ ملك أحبه شعبه وأثنى عليه صحبه من الملوك والرؤساء وقادة العالم. رحم الله الملك الوالد والقائد الراشد عبد الله بن عبد العزيز الذي لم يمهله القدر ليكمل عقده الأول حاكماً وراعياً وموجهاً ومربياً. سيسجل التاريخ أول جمعة في الشهر الرابع الهجري من هذا العام بمداد من الدموع وبحروف من ألم، ذلك أن المصاب جلل والفقيد كبير والمكانة عظيمة. وفي خضم الذهول والألم يصعب على الكاتب البحث عن البداية، فما أكثر البدايات التي سطرها التاريخ لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله! هل هي تلك المشروعات الضخمة التي ما انطلقت بهذا الحجم المهول إلاّ في عهده الميمون، أم هي رعايته للتعليم بكل مراحله بدءاً ببرنامج تطوير التعليم العام، وبالجامعات الجديدة (حكومية وخاصة) التي افتتحت في عهده لتمنح الفتيان والفتيات فرصاً رائعة لمواصلة تعليمهم الجامعي! أم هو برنامج المليك للابتعاث الخارجي الذي كان فتحاً استفاد منه عشرات الألوف من أبنائنا وبناتنا! أم تراني أحصي فضائل برنامج تطوير القضاء وانعكاساته المحمودة على المواطن والمقيم! أم أعرّج على رغبته الشديدة في القضاء على الفساد بكل صوره عبر دعم مؤسسات الدولة التي تراقب وتناقش وتكشف محاولات وجرائم الفساد. كل ذلك غيض من فيض وقليل من كثير، فهنيئاً للملك الراحل ذلك السجل الحافل. وعلى مستوى السياسة الخارجية كان للملك عبدالله قدم راسخة ومكانة مشهودة وكلمة مسموعة عرفها القاصي والداني. وأما خلفه الملك سلمان بن عبدالعزيز، فهو بلا شك خير خلف لخير سلف. وهو الذي عُرف عنه حكمته الواسعة ونظرته العميقة وحلمه الكبير وإدارته الحازمة. هو عبء كبير وحمل ثقيل على كاهل المليك الجديد في زمن يموج بالمنغصات والفتن والنزاعات التي تحيط ببلادنا حفظها الله وحفظ قادتها. ولكن من لها إن لم يكن سلمان بن عبدالعزيز؟! هو رجل الملمات في عصر المعضلات، فالتوفيق له نسأل، والنجاح له نتمنّى، والصحة والعافية له نأمل. رحم الله مليكنا الراحل وسدد خطى مليكنا الجديد، وشدّ عضده بأخيه ولي العهد الأمير مقرن، وبولي ولي العهد الأمير الشاب محمد بن نايف بن عبدالعزيز. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :