«شاعر شباب عكاظ» علي الدندن: الجائزة تذكرني بأنني ابن النخلة والنبع

  • 1/24/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

للمرة الثالثة، تسلم جائزة الشعراء الشباب في «سوق عكاظ» أعنتها للشباب الأدباء في الأحساء، الواحة التي تنبت شعراء مثلما تنبت النخيل. فبعد فوز الشاعر ناجي حرابة بجائزة شعراء شباب عكاظ عام 2010، وفوز حيدر العبد الله بها عام 2013، توج البارحة الشاعر الشاب الطبيب علي الدندن ببردة عكاظ للشعراء الشباب. الدكتور علي واصل الدندن، من مواليد الأحساء 1986، وهو حاصل على شهادة بكالوريوس طب وجراحة، من جامعة الملك فيصل بالأحساء، ويعمل طبيبا في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض. وسبق لعلي الدندن أن حاز المركز الأول، في مسابقة القصيدة الشعرية، بجامعة الملك فيصل، لـ5 أعوام متتالية، والمركز الثاني، في الأسبوع الثقافي والعلمي السادس والسابع لجامعات ومؤسسات التعليم العالي بدول مجلس التعاون، الذي أقيم بجامعة الإمارات سنة 1428هـ، وفي جامعة الملك عبد العزيز سنة 1431هـ. كتب عنه الشاعر الأحسائي ناجي بن داود الحرز، في كتابه «شعراء قادمون من واحة الأحساء»، كما وصفه الشاعر جاسم الصحيح بالقول: «علي الدندن يعكس العالم على مرآة قصيدته». «الشرق الأوسط» حاورت شاعر شباب عكاظ في ليلة تتويجه في المهرجان. * ماذا يمثل لك الفوز بجائزة شباب عكاظ؟ - الجائزة تذكرني في غمرة عملي في المختبرات الطبية أنني ابن النخلة والنبع، وأن سحنتي من لون الصحراء وجذوري ضاربة في أعماقها، وتحملني مسؤولية اقتراف قصيدة متجددة تتعالق مع الحياة وتتمثل التجربة الإنسانية وتلامسها بكل تجلياتها. * ماذا يعني عالم الشعر؟ - يمثل الشعر لي فضاء للكشف، والمعرفة في صورتها المجردة والعارية التي تلقي بظلالها على جوهر الأشياء، ذلك أن المقاربة الجمالية للموضوع تضفي شعورا بالامتلاء والفيضان المعرفي على خلاف المقاربة الكلامية أو العلمية. على الصعيد الشخصي، الشعر هو صيدلية الأرواح التي تنصهر وتتفكك فيها عناصر الوجود الأولية ثم تتحد في وشائج ومركبات جديدة تمنح العالم مفاهيم جديدة وهو بالتالي محاولتي لترميم العالم من حولي. * كيف تجمع بين الشعر والطب؟ - أعرف الكثير من الأطباء الشعراء الذين تنازلوا عن موهبتهم الشعرية في سبيل المهنة النبيلة، وآمنوا باستحالة الجمع بينهما، أما أنا فأعض بكل ما أوتيت من قوة على القصيدة، وأسعى للتشبث بها إلى الرمق الأخير رغم صعوبة المهمة. فيما يتعلق بالقلة النسبية لنتاجي الشعري، وتواصلي مع المشهد الثقافي، فهما من الأضرار الجانبية لإقدامي على هذه المهمة شبه المستحيلة. * كيف يعبر الشعر عن همومك وهموم جيلك من الشعراء؟ - أعتقد أن هموم الإنسان وأسئلته وقضاياه تحمل صيغة كونية شاملة، وأؤمن بوحدة التجربة الإنسانية. يمتلك جيلي في جعبته موهبة التعالق مع القضايا الفكرية الكبرى، من خلال الانفتاح البكر على الفضاء الإلكتروني وحركة الترجمة والفنون البصرية والضوئية. * ما القصيدة التي تستهويك؟ - أسعى لكتابة قصيدة تلامس من العمق جوهر الوجود الإنساني، وتتمثل ضياعه وغربته، وأراهن على شاعرية المناطق المعتمة، والمجهولة، يملؤني الأمل أن أوفق في تقديم مقاربة تمس استشراف البشر للعالم، سواء كانوا من المجايلين لي أو من أجيال أخرى، وأن أغامر في اكتشاف أسرار الشعر واكتناه خباياه إلى أقصى ما يمكن أن تلامسه أيدي المغامرة. * ماذا يفتقد الشباب في المشهد الثقافي؟ - تدور معظم انتقادات الشباب في المشهد الثقافي حول استبعادهم عن المساهمة الفاعلة واتخاذ القرار في الأندية الأدبية، وإهمال تجاربهم الكتابية، أما أنا–وإن كنت أتفق جزئيا مع هذه المشاهدات–إلا أنني أتصور أنه يجدر بي وبجيلي الاشتغال على تجاربنا الكتابية أضعاف انشغالنا بالبحث عن الظهور وامتلاك المناصب في هذه المؤسسة الثقافية أو تلك، وفي النهاية الإبداع الحقيقي هو من يفرض نفسه. * أنت شاعر لم تنجبه المؤسسات الثقافية ولم يمر عليها.. على ماذا يؤشر هذا؟ - يشير إلى ما هو معروف مسبقا، ولا يمثل كشفا جديدا، وهو أن التجربة الشعرية اشتغال فردي محض، وجهد ذاتي خالص، علاوة على أنني لا أرى أن من وظائف المؤسسات الثقافية خلق تجارب إبداعية، وإنما تقديم الدعم لها والحفاوة وعرضها للمتلقي، والاشتغال على أسئلة الأدب الكبرى في علاقته مع الوجود والتجربة الإنسانية. * هل لديك اتجاه شعري محدد؟ هل أنت مهموم بالقوالب الأدبية؟ - لا أكترث كثيرا بحلة الشعر بقدر اهتمامي بشاعرية الحالة والفكرة، ولذا أمارس الكتابة الشعرية بكل تجلياتها، غير أن معظم كتاباتي تنتمي لخانة الشعر الغنائي، فالكتابة خاضعة للدفقة الشعورية المرتبطة بالضرورة بمناطق عميقة وخفية من الوعي، ولا شك أن هذه المناطق التي ينبثق عنها الخيال والحس الشعري تتشكل في مرحلة مبكرة من الطفولة، على الصعيد الشخصي، كانت إطلالتي البكر على عالم الشعر من خلال الشعر الغنائي. * كيف ترى قضية الشعر وعلاقته بالذائقة الأدبية اليوم؟ - أعتقد بوجود أزمة ما بين الشعراء من جهة والمتلقي والذائقة الأدبية الجماعية من جهة أخرى، هناك ميل عام لإلقاء اللوم على عاتق الشعراء، هذا الميل يستند إلى الرؤية القائلة بفطرية الشعر، وأنه ليس على المتلقي استثمار أي مجهود في الوصول إلى غايات الشعر واكتناه دلالاته، غير أن الدراسات الأدبية والإنسانية المعاصرة تدحض هذه المقولة، فالذائقة الأدبية تنمو وتنهار وتزدهر وتضمر. يتصل بهذا السؤال أسئلة أخرى لا تقل أهمية يأتي على رأسها أدب الطفل والأدب في المناهج الدراسية والأدب والمتداول في وسائل الإعلام، كل ذلك يسهم في صياغة الذائقة الجماعية ويلامس من الجذور أزمة الشعر والمتلقي. * هناك من يرى أن الشعر فقد مكانته أمام زحف الرواية أخيرا.. كيف تراه أنت؟ - لا أرى أن هناك خصومة بين الأجناس الأدبية، الرواية هي الأخت الصغرى المدللة في أسرة الأدب، وتستحق منا بعض العطف والحنان والعناية، فالشعر احتل مكانة جليلة القدر في الثقافة العربية، ولا يزال، ولا يضيق صدره بأخته الصغرى، علاوة على إيماني أن الشعر هو المحيط العظيم الذي تصب فيه كل الأنهار المعرفية والأجناس الإبداعية الأخرى، والشعر الجميل هو الشعر الذي يتمثل الأشكال الإبداعية الأخرى ويتعالق مع الحياة من العمق.

مشاركة :