ليس من الفراسة امتهان الأديب للسياسة | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 1/29/2015
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

السِّيَاسَة عَالَمٌ مُتْخَمٌ بالمُتَنَاقضات، ومَشحونٌ بالتُّلاعُب، ومُمتلئٌ بتَقلُّب المَصالح، التي كُلّ يَوم هي في شَأن، وكَأنّها طَقس بريطَانيا؛ الذي يَتقلّب في اليَوم أكثَر مِن أربَع مَرَّات..! والأَديب إذَا دَخل في السِّيَاسَة أفسَد أَدبه؛ ولَم يُصلح السِّيَاسَة، لذَلك كَان العُقَلَاء مِن الأُدبَاء يَتحَاشُون السِّيَاسَة، وكُلّ مَا يُقرّب إليهَا مِن قَولٍ أو عَمَل أو عَطَاء، وقَد انتَبه إلَى ذَلك أَديبنا الكَبير "أنيس منصور" -رَحمه الله-، حِين قَال: (قَابلتُ الرَّئيس الجَزائري "هواري بومدين"، وهو رَجُلٌ رَقيق، هَامِس الصَّوت، مُهذّب، وَدُود، فقَال لِي: لَو اشتَغلتَ بالسِّيَاسَة؟ فقُلت لَه: يَكون مَاذا يَا سيَادة الرَّئيس؟ قَال: تَكون السِّيَاسَة أَدَباً يَقرؤه النَّاس)..! ثُمَّ يُواصِل أُستَاذنا الكَبير "أنيس منصور"؛ قصّته مَع السِّيَاسَة، قَائلاً: (فُوجئتُ بَعد ذَلك بسنوَات؛ بالرَّئيس السَّادَات يَقول لِي: لَو كَتَبْتَ في السِّيَاسَة! فقُلت: يَكون مَاذا يَا سيَادة الرَّئيس؟ فأجَاب: تَكون أكثَر إيجَابيّة في عَملك الوَطني)..! إنَّ الكِتَابَة في السِّيَاسَة أسوَأ مِن العَمَل فِيهَا، لأنَّ مَن يَعمل في السِّيَاسَة يُمَارس عَمله، فيُؤثِّر ويَتأثَّر، أَمَّا الكَاتِب في الشّؤون السِّيَاسيّة؛ فهو مِثل الرَّاعي الذي يَبحث عَن مَسَاقط الميَاه؛ بَعد أنْ تَجف وتَضمحلّ..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: كُنتُ أَقرَأ للكُتّاب السِّيَاسيّين، فوَجدتُ أنَّ أفكَارهم ثَابِتَة، مَع أنَّ السِّيَاسَة أفكَارٌ مُتحرِّكة، لذَلك اكتَفيتُ بمُتَابعة المُتحرِّك، وهَجْر الثَّابِت..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :