الملك المؤرخ والمشروع الثقافي | زيد علي الفضيل

  • 1/29/2015
  • 00:00
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

يتفرد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عن غيره من حكام المنطقة بانتمائه الوثيق لعالم الكتاب، والكتب التاريخية منها على وجه التحديد، حتى بات يعد أحد المؤرخين المتميزين قراءة وتحليلًا ونقدًا، وهو الأمر الذي يفتخر به كل المؤرخين السعوديين على وجه الخصوص، الذين تشرفوا أن يكون ملكهم سلمان رئيسًا شرفيًا للجمعية التاريخية السعودية، وأن يكون رئيسًا لمجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز، تلك المؤسسة الثقافية التي اهتمت بتوثيق تاريخ وتراث المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية بوجه عام، المادي والمكتوب، منذ أبكر العصور وحتى اليوم. على أن اهتمامات الملك سلمان البحثية والقرائية لم تتوقف عند الجانب التاريخي، إذ توسعت لتشمل كل مناحي العلوم الإنسانية، حيث عرف عنه متابعته الدقيقة لكثير مما يكتب في الصحافة الوطنية والعربية وحتى العالمية، لاسيما ما يتعلق منها بالشأن السعودي والعربي وغيره، بل لعله من القلائل من الشخصيات السياسية الكبيرة التي ارتبطت بعلاقات مميزة مع نخبة واسعة من الباحثين والمثقفين من أكاديميين وإعلاميين وغيرهم. وهو ما يؤكد تفرده الذي أشرت إليه سابقًا، ويعزز من تميزه الثقافي والمعرفي عن غيره من الحكام المعاصرين. لقد أكسبت المعرفة الملك سلمان حنكة وخبرة عميقة في معالجة كثير من الأزمات السياسية والإدارية والمجتمعية، وهو ما سينعكس بأثره الإيجابي على واقع الحياة في المملكة في المستقبل المنظور، خاصة وأن دروب الإصلاح والتنمية تمشي وتيرتها بكل ثبات وروية منذ عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله- ومن سبقه من قيادات المملكة. وفي تصوري فإن أكثر ما يحتاجه المشهد الثقافي والمعرفي في المملكة اليوم ليقوم بواجبه على أتم وجه، هو التوسع في إشراك المؤسسات الأهلية لتقوم بواجبها الثقافي، إذ ما أحوج المملكة لإنشاء العديد من المراكز الثقافية الأهلية، التي سيكون على عاتقها تنشيط وتفعيل الحراك المعرفي على الصعيد الفني والأدبي والبحثي بما يجب، أسوة بمثيلاتها في القطاع التعليمي من مدارس وكليات وجامعات أهلية، التي تقوم بذات الدور في الإطار التعليمي المنهجي. إن حاجتنا اليوم باتت ماسة لتعدد المراكز الثقافية الأهلية غير الربحية خصوصًا، التي بوسعها تقديم الدعم والمساعدة لمختلف النشاطات الثقافية المتنوعة من تصوير ضوئي وفنون تشكيلية ومسرح وموسيقى وأدب، إلى غير ذلك مما يحتاجه قطاع الشباب ذكورًا وإناثًا في مجتمعنا السعودي الناشئ، ولنتذكر أن كبرى مدن العالم لم تنجح وتنمو ثقافيًا إلا بمشاركة فاعلة من مؤسسات المجتمع المدني الثقافية بها. فهل يستبشر المثقفون وتستبشر الثقافة في هذا العهد بولادة عديد من المراكز الثقافية الأهلية غير الربحية قريبًا؟ zash113@gmail.com

مشاركة :