النفس اللوّامة تقود صاحبها للطريق الصحيح

  • 12/1/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الدوحة -  الراية  : أكد فضيلة د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن الخطوة الأولى للطريق الصحيح الموصل إلى الله تعالى هي أن تكون أنفسنا لوّامة، تعاتب على التقصير في الخير، وتلوم على الانغماس في الشهوات وفعل المنكرات، مشيراً إلى أنه بدون هذه النفس لن يكون هناك إيمان مؤثر، لافتاً إلى قول الحسن البصري: ”المؤمن دائماً يلوم نفسه، والكافر والمنافق دائماً يُهمل نفسه”.. وأوضح د. القره داغي في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب أنه إذا فقد الإنسان النفس اللوّامة، كانت نفسه هي الأمّارة بالسوء، وهي النوع الثاني من الأنفس، وهي غير مقبولة عند الله تعالى. وربط الله تعالى صلاح النفس وتغييرها بصلاح الأمّة والجماعة والأفراد وتغييرها. وقال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: إن شهوة السلطة أمر فطري في طبع الإنسان، ولكنها إذا أطلقت ولم تقيّد بالمصالح العامة للأمة، وكانت عبارة عن رغبة من رغبات السلطان تصبح فتنة كبرى وأن الخوف من يوم القيامة وأهوالها، بدءاً من القبر وما فيه يُبعد الإنسان عن الانهماك في الشهوات؛ شهوة النفس والجاه والسلطان، مضيفاً: إن عالمنا العربي يتمتع بالثروة والطاقة والقدرة، مما لا يملكه الآخرون، ورغم ذلك فإن عالمنا العربي مأوى للتخلّف والجهل، والفقر والأوبئة، حيث وصلت نسبة الفقر فيه إلى 50%. خلق الإنسان وبيّن أن الله تعالى أراد أن يخلق هذا الإنسان في أحسن تقويم، ومنحه أحسن الصفات وأكمل القدرات التي تؤهّله للاستخلاف في الأرض؛ ليعمّر الكون، وخلق داخل الإنسان أربعة أجهزة، وهي الروح والقلب والنفس والعقل، وهي الأساس في صلاح الإنسان فرداً وجماعة وأمة، وهي من الكلمات التي إذا افترقت اجتمعت، وإذا اجتمعت تفرّقت، أي إذا توالى ذكرها أفادت كل منها معنىً مغايراً لمعنى الكلمة الأخرى، أما إذا ذكرت واحدة منها فإنها تفيد معاني الكلمات الأخرى. ولفت إلى أن المولى عز وجل قد خصّص لكل منها أدوارها وأمراضها وكيفية علاجها وغذاءها. فالروح هي الحياة، وهي المصدر للحياة العزيزة، وإن غذاءها التلاوة والذكر. محل الحب وأشار خطيب جامع السيدة عائشة رضي الله عنها إلى أن القلب هو محل الحب والكراهية والإخلاص لله تعالى، وهو محل الحقد والحسد، وقد تحدّثنا في الخطبتين السابقتين عن الروح والقلب وأمراضهما وطرق إصلاحهما. وأضاف: اليوم نتحدّث عن النفس التي ربط الله تعالى صلاحها وتغييرها بصلاح الأمة والجماعة والأفراد وتغييرها، حيث قال تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، وقد ذكر الله تعالى النفس ومشتقاتها في القرآن الكريم 296 مرة، وفي ذلك دلالة على وجوب الاهتمام والعناية بالنفس ورعايتها وتهذيبها وكبح جماحها. عظمة هذه النفس وأضاف: ولعظمة هذه النفس وأهميتها أقسم الله تعالى بها في كثير من الآيات، وسمّاها بمسميات عديدة، منها قوله تعالى: « لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ • وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ». وأكد الخطيب أن هذه النفس هي محل الشهوات والأهواء، ومن تلك الشهوات شهوة البطن والفرج والسلطة والقوة والجاه، هذه السلطات يمكن أن يستخدمها الإنسان في الخير، وذلك إذا زكّى نفسه من الشوائب، وعزّزها بالإيمان بالله تعالى، كما يمكن أن يستخدمها في الشر، وذلك إذا أهمل النفس وترك لها الحبل على الغارب. النفس المطمئنة وأضاف: إذا بقيت النفس في الاطمئنان تحوّلت من النفس المطمئنة إلى النفس الراضية المرضية، وهي قمة المقامات، وهذا ما يسمّى بالرضا والفرح والشكر على المصائب، حيث الإنسان بين ثلاثة مقامات؛ الأول: الشكر على النعم، الثاني: الصبر على النقم، الثالث: الشكر على المصائب؛ لما في ذلك من الأجر، كما حدث لعروة بن الزبير، حيث قُطعت رجله في مرض ألمَّ به فسجد شكراً لله تعالى، فقال له الطبيب: هذا المقام ليس مقام شكر، وإنما مقام الصبر، فقال عروة: بل هو مقام الشكر، حيث أعطاني الله تعالى هذه الرجل 60 سنة، واليوم أخذها وأبقى لي واحدة، أفلا أشكره على ذلك؟، فإذا رجعت النفس المطمئنة إلى الله تعالى رجوعاً كاملاً مع الأخذ بالأسباب أصبحت راضية مرضية من قبل الله تعالى، ويكون صاحبها في العليين، مع النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

مشاركة :