ولدتُ رجلا يعشق تراب أرضه، ويهتم بتفاصيل وطنه، وقد وهبنى الله فطنة العرب ودهاء الآباء والأجداد، ونظرتُ حولي فوجدت أبناء وطني يسيرون على الخطى نفسها. تأملت البلاد التي كنت أرحل إليها، فوجدت فيها الظلم والاستبداد، والصراع على المناصب، فيزداد حنيني إلى وطني، فأرجع إلى بلدي لأشعر وأنعم بالأمن والأمان. عندما يتحدث أبناء وطني عن الوطن في جميع المناسبات والمحافل، أشعر بمدى حبهم وولائهم لبلادهم. عندما أرسى الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بنيان هذا الوطن الكبير معتمدا على الله ثم على كتابه الكريم، وهو يضع المواطن في المرتبة الأولى من ناحية الاهتمام وتلبية احتياجاته، والسعي إلى كل ما فيه مصلحة البلاد والعباد. وقد سار أبناؤه على خطاه، مما جعل المملكة تقفز قفزات عظيمة، وتصبح في مصاف الدول المتقدمة، وسنكون يوما في مقدمتها، كما وعد ولي العهد، وإن غدا لناظره قريب. إن أبناء المؤسس كانوا وما زالوا يسيرون بالوطن إلى الأمام، وهم يحملون كتاب الله بيد وشعله المجد والتقدم باليد الأخرى، دون أن يتخلى أحد منهم عن هويته أو عن كرم أسلافه وأعرافهم وتقاليدهم العربية. وليعلم كل من ينتظر منا أن نخلع ثوب الحياء ونغيّر من عاداتنا وتقاليدنا العربية، لن يصل إلى مبتغاه، فقد كنا رعاة للغنم، ننصر الضعيف، ونقدم قهوتنا للضيف، نصنعها بأيدينا، وتمرنا الذي نقطفه من ثمار نخيلنا. إن أعرافنا وتقاليدنا وأخلاقنا، هي ما يميزنا عن غيرنا، ولن نتغير مهما تغير الزمان والمكان، مثل قهوتنا العربية التي لن تتغير مهما تغيرت أدوات صنعها، أو الفناجيل التي نشرب فيها تلك القهوة. سيبقى وطني سائرا إلى الأمام وبخطى واثقة، مهما تكالبت عليه الظروف. إن الله قيّض لوطني، أرض الرسالات وبلاد الحرمين، حكاما لا يخافون في الله لومة لائم، ويسعون إلى كل ما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين. اعلُ يا وطني، فلا خوف عليك، فما زالت أخلاقنا وقهوتنا عربية.
مشاركة :