بعد نجاح المقاطعة الأولى والثانية للانتخابات بنظام الصوت الواحد نجحت الحكومة في إقناع مدعي المعارضة بالمشاركة بحجة «نتركها لمن»، ونعلم أن ثم صفقة تمت بينهما، ونجحت المعارضة حسب ما تصف نفسها في إقناع غالبية المواطنين المحبطين من مجلس «بوصوت» وبذلك تمت المشاركة، وها هي نتائجها التي نعانيها ولسان حالنا يقول «لا طبنا ولا غدا الشر»، أو كما قيل: كأنّنا والماءُ مِن حَولِنا -- قَومٌ جُلوسٌ حَولهم ماءُ الصوت الواحد قتل العمل الجماعي داخل قبة البرلمان الذي هو القاعدة الأساسية للعمل السياسي المتزن، وأصبح النائب فاقداً دوره الرئيس الذي يتمثل في التشريع والرقابة، ليصبح مجرداً من صلاحياته طوعاً ومن أجل ناخبيه ومصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة. فمن الطبيعي أن يحرص النائب على قاعدته التي توصله الى سدة البرلمان والتي أصبحت بفعل الصوت الواحد ضيقة جداً، حيث القبيلة أصبحت أفخاذاً والطائفة أصبحت فروعاً والفئة أصبحت عوائل، و»كلٌّ يجر النار لقرصه»، ويحاول جاهداً ألا يأكل من قرصه سوى قاعدته الانتخابية. الصوت الواحد دمر العمل السياسي فغابت الكتل والتحالفات واستفردت الحكومة وأصحاب النفوذ بالقرار والسلطة المطلقة، الأمر الذي أفقد النواب صلاحيتهم التي منحها لهم الدستور، لذلك لا يمكن لأي مجلس قادم أن يحقق طموح وتطلعات الأمة مهما كان التغيير والشخوص. الكل مستاء من مجلس 2016 رغم نجاح الكثير ممن عقدت عليهم الآمال والطموحات حتى بلغ الاستياء وصف هذا المجلس بالأوصاف ذاتها للمجلس الذي سبقه إن لم تكن أسوأ، رغم وجود بعض المسرحيات التي انطلت على الناخبين من استجوابات وشجارات لا علاقة لها بالعمل السياسي والبرلماني الرزين. يعني بالعربي المشرمح: المجلس القادم لن يكون أفضل من المجلس الحالي حتى إن تغير نوابه جميعهم، فمخرجات الصوت الواحد ستجبر النائب على الخضوع لقاعدته الضيقة التي تحدد نجاحه، وهي قاعدة لا تمثل الأمة ولا تطلعاتها، كما تحرم النائب من حقوقه وصلاحياته الدستورية وتحوله إلى مخلص معاملات، مما يجعلنا نجزم بضياع العمل البرلماني الذي اعتدناه في السابق، فالسلطة لا تواجه كتلاً سياسية بل أفراداً يتسولون حاجات ناخبيهم دون تشريعات أو رقابة صارمة، فلا تتفاءلوا بالمجلس وأنتم من تفاءل بالمجلس الحالي.
مشاركة :