د. رافد احمد محمد امين العاني باحث في شأن التاريخ الإسلامي من ميزات الدين الإسلامي وخصائصه انه دين متجدد تواكب نصوصه الشرعية والفكرية بأستمرار ما يستجد في الحياة من أمور واحداث ، فالدين الإسلامي ليس دينا ساكتا ولا يتفاعل مع متغيرات الحياة ومستجداتها ، بل هو دين كله حركة وحياة وتجدد وهذه من سمات الكمال في هذا الدين العظيم . والتجديد لا يعني خلق البدع في الدين .. فالرسالة الإسلامية مواكبة لامور الحياة وما يستجد فيها .. وهنا تكون القضية ملحة لاعادة قراءة النصوص الشرعية بما يتلائم مع هذه المستجدات ووفق الأصول المعتمدة في الاجتهاد وبعيدة عن الهوى والاراء الشخصية . ان سؤال التجديد لدى الخطاب الإسلامي المعاصر اليوم اصبح بلا شك مسألة وجودية ، انها مسألة حياة او موت ، فأذا لم يتمكن من جلو الصدأ عن مفاصله التي تكلست واهترأت فأنه لن يستطيع ان يسهم في صنع العالم فكريا وثقافيا ، واذا لم يخرج من عزلته الى رحاب المعرفة الإنسانية فأنه سيبقى يجتر مقولاته التي اعتاد تكرارها ويعيدها منذ عقود ، وهذا السؤال عليه ان ينبع من حاجتنا لتجديد ذاتنا ، وليس من حاجة الاخرين السياسية المحضة لتغيير ذاتنا . ولذلك تنطلق مجموعة الدراسات من هّم التجديد والبحث عنه في ثنايا الخطاب الإسلامي المعاصر، انها تبدأ من مسآلة التاريخ عن شرعية التجديد وتحاول ان تقدم تصنيفا معرفيا جديدا يحاول تتبع المعرفي والتاريخي معا لدراسة التحولات التي مر بها الفكر الإسلامي المعاصر خلال تاريخه الحديث ، ويجد التجديد بعض المعارضات ، فهناك تيار من الفكر الإسلامي لا يرى من التجديد الا ( حركة ) لتصفية عقائد المسلمين .. ومنها تيار اخر يرى العكس حيث يعتبر ان التجديد هو لتنقية عقائد المسلمين مما علق بها من التصور الخرافي والاتجاه البدعي ومظاهر الشرك الجلي والخفي . من هنا نستطيع القول ان التجديد في الخطاب الإسلامي كان دائما يُطرح كأستجابة على الأسئلة التي يطرحها العصر الحديث لتعقيداته المتشابكة ، فكان التجديد دائما بمثابة إجابة طموحة للرد عن هذه الأسئلة من منطق المواكبة والقدرة على التجدد ، والذي يعني فتح باب الابداع مشرعا على مصارعيه بما يحمل من ابداعات يتفتق عنها الذهن ويخلقها العقل الناضج بالاسئلة القلقة التي تتطلب حتما إجابات سريعة وضرورية . ان مفهوم التجديد نفسه قد خضع خلال القرن العشرين الى تحولات ساهمت في تبلوره ونضجه ، وان كان ما زال هذا المفهوم يخصع لسياسة الجذب بين كافة التيارات الايدولوجية ، وان كثرة التيارات الفكرية والسياسية في الإسلام تجعل من الحلول للتعايش مع التجديد مسدودة وغير ممكنة التحقيق في مجتمعات العالم الإسلامي ( غير المتجانسة ) فالعلمانية نتيجتها الإخفاق عند البعض ، والديمقراطية في طياتها شرا كبير عند البعض الاخر ، لذلك لم يبقى امام التجمعات الإسلامية سوى الاقتداء بالنموذج الغربي البحت بكل تفاصيله لعلها تستطيع الاقتراب من الجنة الغربية . وسيلاقي المفكرين الإسلاميين التجديدين صعوبة للتفاهم مع الغرب ، اذ يرى هؤلاء الغربيون ان المجتمع السلامي مجتمع مغلق لاتنفع فيه الوصفات السحرية كالعلمانية والديمقراطية ولا تجدي في تطويره أي ايدولوجيا . من ذلك فأننا سننتهي الى قناعة ( نهاية الاستشراق ) وسيظل هنالك غرب ما دام هناك شرق ، وستظل المعرفة بينهما ملتبسة لا يؤوسسها ولا يبنيها الا الصراع .. لذلك فأن الاختلاف بين المفكرين – الشرقي الإسلامي والغربي الأوربي – سيفرض اختلافات شتى على مستوى القضايا ومواقف متباينة على مستوى التحليل لهذه القضايا ، وتبقـــى هذه التساؤلات مشروعة وطالما راودتني ، ويبدو لي ان أساس تأخــر الامــة يتـمظهر فـي هــــــــذا التشـخيص ...
مشاركة :