لم يعد الفساد أمراً في الخفاء أو سراً يصعب اكتشافه، بل معظم الفاسدين يتبجحون ويتباهون به، ولكن الذي يؤلمنا كمواطنين صمت السلطات الدستورية عن الفساد والمفسدين، فما قابلت نائباً وتحدثت معه إلا وبين لي استياءه من الفساد، كما أن سمو رئيس الوزراء صرح أيضاً باستيائه من الفساد وكذلك وزراؤه، ونحن كمواطنين مستاؤون أكثر من استياء النواب ورئيس الحكومة حتى استاء الاستياء من استائنا جميعاً، لأننا نعلن استياءنا من الفساد الذي لم يعد يخجل من استيائنا، فازداد وكأنه يتحدى الجميع مجلساً وحكومة وشعباً دون أن يكترث لاستياءاتنا. وطالما أن استياء الحكومة والمجلس والشعب لم يردع هذا الفساد، فهل من حلول أخرى غير الاستياء يمكن أن توقف هذا الفساد المتدحرج ككرة الثلج؟ الجميع يتساءل: هل فعلاً لا يمكن لمجلس الأمة والحكومة محاربة الفساد، ولا يمكنهما وقف انتشاره، خصوصاً أن الشعب سيقف معهما، بل سيدعمهما بكل قوة للقضاء عليه؟ فالاستياء لوحده لن يرعب المفسدين ولا يوقف فسادهم. والمنطق يقول إن مؤسسة الفساد لا يمكن أن تصل إلى ما وصلت إليه من نفوذ وقوة دون دعم من مؤسسات الدولة، الأمر الذي جعلها لا تكترث لقانون ولا تخجل من إعلان فسادها، لذلك يجب على الحكومة ومجلس الأمة أن يثبتا للشعب جديتهما في محاربة الفساد إن كانا جادين في استيائهما منه، وإلا فهما شريكان لمؤسسة الفساد، خصوصاً أن الشعب والمخلصين من أبنائه واجهوا الفساد بكل أدواته دون دعم من حكومة أو مجلس، وقدموا تضحياتٍ كبيرة وجادة، وبعد إقصائهم زاد الفساد وانتشر. يعني بالعربي المشرمح: استياء الحكومة ومجلس الأمة من الفساد يحتاج إثباتا لجديته على أرض الواقع، فالتصريحات لن تقضي أو تحد من الفساد، والشعب الكويتي لا يملك القوة التي تملكها الحكومة والمجلس لمواجهة مؤسسة الفساد منفرداً دون دعم وتعاون بين مؤسسات الدولة التي يعتقد المواطن أنها من تحمي تلك المؤسسة، وإلا لما ازداد الفساد وانتشر، الأمر الذي نجزم بأن استياء السلطتين التنفيذية والتشريعية دون تحرك جاد، وتفعيل ما يملكون من أدوات مجرد ذر الرماد في العيون، ولن يؤثر في مؤسسة الفساد وملّاكها.
مشاركة :