ضيقت الولايات المتحدة الخناق على النفط الفنزويلي عبر فرض عقوبات على شركة النفط الوطنية وأخرى تابعة لها على الأراضي الأمريكية. وبحسب “الفرنسية”، أعلن وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين أمس أن الولايات المتحدة تعتزم فرض “عقوبات إضافية” لممارسة ضغط على حكومة فنزويلا. وصرح منوتشين لشبكة فوكس بيزنس نيوز “لا نزال نسعى إلى عقوبات إضافية .. للتأكد من أننا نحمي الأصول العائدة إلى شعب فنزويلا”. وأضاف “لا شك في أننا نسعى إلى تجفيف مصادر تمويل نظام” نيكولاس مادورو “الذي ينبغي ألا يكون في السلطة”. وتابع “هذا أمر محزن للغاية، إنه بلد غني جدا بالموارد النفطية (لكنه) يشهد فقرا وأزمة إنسانية استثنائية”. وتأمل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بأن تضغط العقوبات على الرئيس نيكولاس مادورو كي يتنحى ويسمح لزعيم المعارضة خوان جوايدو الذي أعلن نفسه رئيسا للبلاد بالدعوة إلى إجراء انتخابات. وتحظر العقوبات على شركة النفط المملوكة للدولة بتروليوس دي فنزويلا (بي. دي.في. إس. إيه) تحصيل إيرادات مبيعات النفط إلى شركات التكرير الأمريكية. وفي خطاب وطني يتسم بالتحدي البارحة الأولى، قال مادورو إنه سيتخذ إجراء قانونيا للتصدي للعقوبات والدفاع عن سيتجو بتروليوم كورب شركة التكرير الأمريكية التابعة لـ”بي. دي. في. اس. إيه”، التي يتهم الولايات المتحدة بالسعي للاستيلاء عليها. كما تعهد بالرد لكنه لم يعلن إجراءات محددة. وقال مادورو “سنرد بالمثل ردا قاطعا ضروريا للدفاع عن مصالح فنزويلا في الوقت المناسب”. وردت “بي. دي. في. إس. إيه” على العقوبات بأن طلبت من العملاء الذين تنتظر ناقلاتهم لتحميل الخام المتجه إلى الولايات المتحدة دفع ثمن الشحنات مقدما، وفقا لثلاثة مصادر مطلعة على القرار. وتلك المدفوعات المقدمة قد تشكل انتهاكا للعقوبات، ما يفسح المجال أمام مواجهة في الموانئ، فيما تعد خسارة الإيرادات من الولايات المتحدة، أكبر مشتر للنفط الفنزويلي، تقويضا لقدرة الحكومة على استيراد السلع الأساسية مثل الأغذية والأدوية، ما يؤدي إلى تفاقم أزمة إنسانية دفعت ما يزيد على ثلاثة ملايين شخص إلى مغادرة البلد الذي يعاني تضخما جامحا في السنوات الأخيرة. وقال أسدروبال أوليفيروس مدير شركة إيكوانالاتيكا للاستشارات ومقرها كراكاس “إذا لم تجد مكانا لذلك الخام سريعا، فإن مجال المناورة سيتقلص وستتأثر الواردات”. ووسط المصاعب التي يعانيها نيكولاس مادورو واحتمال خسارته الرئاسة الفنزويلية، تتعرض روسيا من ناحيتها لخطر خسارة حليف رئيسي عملت سنوات على توثيق العلاقات معه، وكذلك خسارة ملايين الدولارات التي استثمرتها في عقود للنفط والأسلحة. وأمضى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سنوات في بناء حلف مع الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو شافيز وخلفه مادورو، واستضافهما مرات عديدة في موسكو. ومع تصاعد الضغوط على مادورو من خوان جوايدو الذي أعلن نفسه رئيسا للبلاد بالوكالة، وحلفائه الغربيين، وقفت روسيا بقوة وراء رجلها في كراكاس. ويقول فلاديمير روفينسكي المتخصص في العلاقات الدولية الروسية في جامعة اكيسي في كولومبيا: “فنزويلا بالذات هي آخر ما تبقى لفلاديمير بوتين في أمريكا اللاتينية”. و|أضاف: “تحب موسكو أن تطرح نفسها على أنها القوة الكبرى البديلة في دول جوار الولايات المتحدة، ورغم أن لها علاقات وثيقة مع فنزويلا وحليفها التقليدي كوبا الشيوعية. وأكد أن علاقات موسكو مع البرازيل والإكوادور والأرجنتين تضررت بسبب تغيرات حدثت أخيراً على القيادة هناك. وعززت روسيا تحالفها مع فنزويلا بوصفها ثاني أكبر مقرض لكراكاس الصين، حيث تزودها بالدبابات ورشاشات الكلاشنيكوف وتستثمر في مواردها النفطية التي تعتبر أهم مقوماتها. وقبل شهر تقريباً أعلن مادورو خلال زيارة إلى موسكو أن روسيا ستستثمر ستة مليارات دولار في قطاعي النفط والتعدين في فنزويلا، فيما علق نيكولاي بيتروف البروفيسور في كلية الاقتصاد العليا في موسكو أن روسيا الآن تتعرض لخطر بتضاؤل هذه العلاقات التي نضجت على مدى فترة طويلة. ويعود التقارب بين روسيا وفنزويلا إلى عهد شافيز الذي تبنى ما وصفه باشتراكية القرن الحادي والعشرين، حيث استمرت العلاقة في الازدهار بعد تولي مادورو الحكم عقب وفاة شافيز في 2013.
مشاركة :