برايان ويليامز مثال صارخ لتدهور أبسط القيم الإعلامية في بلاط صاحب الجلالة الأمريكية، إنه الزيف الذي مارسه السياسيون أولا بكل جرأة، وانجرف معه الآخرون في الإعلام وفي المال وفي الاقتصاد. برايان ويليامز مقدم الأخبار الأول في محطة NBC الأمريكية، وهو أشهرهم نظرا لخبرته الطويلة وجاذبيته الخاصة وأدائه المتفوق على أقرانه. ومع كل هذه الهالة التي تحيط به، إلا أنه آثر أن يكذب كذبة غير بيضاء، فزعم أنه امتطى طائرة هيلوكبتر أثناء الغزو الأمريكي للعراق، وأنها أصيبت بصاروخ ليُدلِّل على قدرته على الوصول إلى قلب الحدث ومكمن الخبر حتى لو تعرضت حياته للخطر. طبعا ثبت بالصوت والصورة أنها كانت كذبة سوداء، لأن الذين كانوا في الطائرة التي أصيبت فعلا هم أحياء يُرزقون، وأن الواقع هو وجود برايان على هيلوكبتر أخرى لم تصب بأذى ولم تتعرض أصلا لأي هجوم. على كل حال إن يكذب برايان، فقد كذب رؤساء له من قبل، وآخرون سيكذبون من بعد. ألم يرى العالم كيف حُوصر العراق سنوات عديدة ظلما وعدوانا! ربما نكاية بصدام حسين، لكن الشعب البائس هو الذي دفع الثمن. ثم كان الغزو عام 2002م الذي انتهى بمئات الألوف من القتلى وملايين المرضى والجرحى مع أمن معدوم واقتصاد منهوك وبنية مدمرة. أما المبرر، فكان كذبة العصر حيث زُعم أن لدى العراق آنذاك سلاح دمار شامل لم يثبت من وجودها شيئا. لم يعد الصدق قيمة رفيعة على مستوى السياسة والإعلام، ولم تعد للمصداقية نصيب في الممارسة اليومية الإعلامية، بل وحتى السياسية. ولعلّ آخر نموذج صارخ للكذب الرخيص هو الانطباع العام الذي تحاول وسائل الإعلام الأمريكية ترويجه من كون الأمريكي الأبيض الذي قتل الشاب ضياء بركات وزوجته وشقيقتها، إنما كان بسبب خلاف على مواقف السيارات. يا له من سقوط مريع لا حدود له. مجرم يقتحم منزلاً في الرابعة صباحا، ويقتل ثلاثة أبرياء بسبب خلاف على موقف. إنها صفاقة لا سقف لها، وكذب لا تحده خطوط ولا فواصل. وهي نماذج باتت تتكرر بكثرة، لكن الذي يبرز منها قليل بسبب شهرة صاحبها مثل برايان ويليامز أو جورج دبليو بوش. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :