استقالة ظريف تعزز صراع السلطة وتعصف بسوق الأسهم

  • 2/27/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

باتت إدارة السياسة الخارجية والملفات المرتبطة بها كالطاقة والتسليح، تشكل أساس الصراع الداخلي الأكبر الذي يعيشه النظام في إيران، المنقسم إلى ثلاث سلطات، تشريعية يرأسها البرلمان، وتنفيذية يرأسها الرئيس حسن روحاني، وسلطة إشرافية في يدها جميع القرارات النهائية يرأسها مرشد الجمهورية علي خامنئي الذي رفض في تصريح تدخل أي جهة في إدارته للسياسة الخارجية. وتعيش إيران اليوم إشكالاً حقيقياً مع المجتمع الدولي بسبب دور وصلاحيات منصب المرشد، خصوصاً أن سياساته ترتكز على تصدير الثورة إلى الخارج، وهي نقطة خلاف إقليمية وعالمية مع النظام. ولا يزال المرشد الذي لا يمتلك صفة دستورية واضحة ومن خلفه الحرس الثوري القوة العسكرية غير الدستورية أيضاً، يسيطران على جميع مفاصل وسياسات ومقدرات السلطة، بينما لا يشكل الرئيس الفعلي أو الحكومة سوى واجهة يستطيع خامنئي من خلالها تنفيذ أجنداته، على الرغم من أنه يحملها مسؤولية فشل سياساته. وتمثل أنباء استقالة وزراء إيرانيين بدءاً بوزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي قدمها الاثنين على «انستغرام»، ورفضها الرئيس روحاني في منشور على «انستغرام» أيضاً، وتلتها أنباء غير رسمية عن استقالة وزير النفط بيجن زنغنه، مثالاً واضحاً على تنامي صراع إدارة السياسات الخارجية في إيران بضغط من العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الولايات المتحدة. وكان ظريف أقر بهذا الصراع في مقابلة نشرتها الصحافة الإيرانية أمس قال فيها: «يتعين علينا أولاً أن نبعد سياستنا الخارجية عن قضية صراع الأحزاب والفصائل.. السم القاتل بالنسبة للسياسة الخارجية هو أن تصبح قضية صراع أحزاب وفصائل». ودفعت استقالة ظريف إلى تعميق الأزمة الاقتصادية، حيث هبطت أسهم السوق الإيرانية أمس بنحو ألفي نقطة. فيما قللت واشنطن من التطورات، مؤكدة أنها لا تشكل أي تأثير يذكر على سياساتها. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو في تغريدات على «تويتر»، إن بلاده ترى جميع أوجه السلطة في إيران وجهاً واحداً لسياسات النظام الإيراني المزعزعة للاستقرار والداعمة للميليشيات الإرهابية، وأضاف: «إن ظريف وروحاني ليسا إلا واجهة لمافيا فاسدة». وكتب قائلاً: «إننا نعرف أن خامنئي هو من يتخذ القرارات النهائية كافة.. سياستنا لن تتغير ويتعين أن يتصرف النظام كدولة طبيعية، وأن يحترم شعبه». وعلى الرغم من أن الالتزام بتعديل سياسة إيران الخارجية قد شكل في الآونة الأخيرة محور خلاف بين أطراف السلطة، ذهب خبراء إلى أن هذا الصراع لا يعدو كونه صراعاً على نفوذ ومكاسب شخصية استعداداً للانتخابات الإيرانية المقبلة، وإنْ شكلت العقوبات الأميركية ضغطاً واضحاً على الاقتصاد سبّب أزمة حادة. وأكد هؤلاء لـ«الاتحاد» أن على محيط إيران الإقليمي والعالمي أن لا يتفاءل كثيراً بالإرهاصات التي يعانيها النظام الإيراني؛ لأنها لا تشكل أي تحرك حقيقي لتعديل سياسات إيران الخارجية. وقال مستشار الشأن الإيراني في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بواشنطن سعيد قاسمي نجاد: «إن ظريف يستخدم استقالته لإجبار خامنئي على دعمه علناً ليعود أقوى، المسألة ليست سوى صراع نفوذ وليس صراعاً لتعديل سياسات خارجية، ظريف يحتاج لدعم خامنئي داخلياً، خصوصاً بعد ارتباط صورته بفشل الاتفاق النووي، إنه يستعد لانتخابات 2021 الرئاسية». وأكد، أن قرار ظريف لا يمثل بأي حال من الأحوال اعتراضاً على سياسة خامنئي، وأضاف: «عندما يتعلق الأمر بسياسة إيران الخارجية، فإن ظريف يعلم جيداً بأنه ليس سوى منفذ وليس صانع قرار؛ لذا فإن استقالته لا تؤثر بشكل جوهري على صنع القرار على مستوى السياسة الإقليمية التي يديرها قاسم سليماني وليس ظريف، إلا أن ظريف يعلم جيداً أن تهديده بالاستقالة يؤثر على أنشطة اللوبي الإيراني في الغرب بوصفه عراباً لمجموعات الضغط هذه منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، واستقالته تعني خسارة النظام الإيراني صوته في العالم الغربي، وهو يستغل ذلك للحصول على أكبر دعم ممكن لدوره السياسي في إيران». وفيما بدا أن ظريف يصر على الالتزام بالاتفاق النووي حتى بعد انسحاب واشنطن منه، كان خامنئي لا يزال ينظر بعين الريبة لهذا الاتفاق واشتراطاته، مؤكداً أن دور إيران الإقليمي غير قابل للتفاوض وإنْ كان يراه ظريف وغيره حجر العثرة أمام مسار خروج إيران من أزمتها الاقتصادية المتفاقمة. واستمراراً في الصراع على رسم السياسة الخارجية بين خامنئي وروحاني، ردّ ظريف على قرار مجموعة العمل المعنية بالإجراءات المالية بإمهال إيران لغاية يونيو للامتثال للمعايير الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، لإقرار طهران الإجراءات التي تطالب بها المجموعة، وهي أحد الشروط التي وضعها الأوروبيون لتفعيل نظام المقايضة للسماح لإيران بالالتفاف على العقوبات. ولكنّ إقرار هذه التدابير قوبل بالرفض من الأجهزة التي يهيمن عليها خامنئي الذي قال إن جميع القرارات المتعلّقة بالسياسة الخارجية لإيران تعود إليه، وأنه «لا يثق» بالأوروبيين. وتعليقاً على ذلك، قال مهدي خلجي الكاتب في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن خامنئي رسم مسبقاً سياسات إيران الخارجية على الرغم من معرفته بحجم الضغوط الاقتصادية التي تعيشها بلاده وظريف وغيره على إطلاع تام على تلك السياسة. وأضاف: «في 14 أكتوبر، أصدر خامنئي مسودة وثيقة عنوانها (النموذج الإسلامي - الإيراني التأسيسي للتقدم)، وهي وثيقة تحدد رؤيته للأعوام الخمسين المقبلة. وإذا أخذنا بالمبادئ التوجيهية المدرجة في بيان خامنئي مجتمعةً، نجد أنها لا تَعِد إلا بالمواظبة الدؤوبة على إبقاء الطابع الثوري التوسعي للجمهورية، بما يشمله ذلك من مقاومة أي جهود محلية لإصلاح تطلعات النظام الإيديولوجية، أو الأهم من ذلك، صلاحياته فيما يخص صنع القرار». شكوى ثلاثية لمجلس الأمن ضد الصواريخ الإيرانية تقدمت بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشكوى شديدة اللهجة إلى مجلس الأمن ضد الأنشطة الصاروخية الإيرانية. ونقلت قناة «العربية» رسالة بعثت بها البعثة البريطانية إلى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، وإلى رئيس مجلس الأمن وأعضاء المجلس تشتكي فيها الدول الثلاث وبشدة من التصرفات الأخيرة من قبل إيران والتي لا تتماشى مع الفقرة الثالثة في الملحق (ب) للقرار 2231 للعام 2015، والخاص بالاتفاق النووي. وتتعلق الشكوى بنشاطات الصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية. وعدد السفراء الثلاثة التجارب والنشاطات الباليستية الإيرانية، وأكدوا أنها بما في ذلك إطلاق الصاروخ Simorgh SLV، مصدر قلق عميق بسبب زعزعتها المقلقة للاستقرار في المنطقة وتصعيدها لحدة التوتر. وأضافوا أنهم يأملون أن تساعد المعلومات الواردة في الرسالة على التطبيق الجاد للقرار 2231 من قبل جميع الدول نظراً لما طلبه الأمين العام في القرار 2231 نفسه. وتطلب الرسالة في نهايتها من غوتيريس أن يرفع تقريراً كاملاً ومفصلاً عن النشاطات الباليستية الإيرانية التي لا تتماشى مع القرار 2231، وذلك ضمن تقريره نصف السنوي في يونيو حول تطبيق القرار.

مشاركة :