استقالة ظريف تربك إيران وتعكس احتدام صراع الأجنحة

  • 2/27/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

رفض الرئيس حسن روحاني استقالة مفاجئة للوزير محمد جواد ظريف، الذي أعرب عن أمله بأن تشكّل خطوته «تنبيهاً» لعودة الوزارة إلى «مكانتها القانونية في العلاقات الخارجية»، محذراً من «سمّ قاتل» للخلافات الحزبية. وأثارت استقالة ظريف هزّة في إيران، وعكست احتدام الصراع بين أجنحة السلطة، لا سيّما بعدما أعادت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض عقوبات مشددة على طهران، إثر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي المُبرم عام 2015، وكان الوزير واحداً من أبرز مهندسيه. ويواجه ظريف وروحاني ضغوطاً متزايدة في هذا الصدد، من التيار الأصولي و«الحرس الثوري» اللذين يرفضان أيضاً انضمام إيران الى معاهدة دولية لمكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، تشدد الحكومة على أهميتها لإنقاذ الاتفاق. وكتب النائب بهروز نعمتي على «تويتر» أن زميله الأصولي جواد كريمي قدوسي قدّم له الحلوى ابتهاجاً باستقالة ظريف. وأضاف: «لو فرضنا أن ظريف رحل (من الخارجية)، ماذا ستفعلون مع 24 مليون ظريف آخرين؟»، في إشارة إلى 24 مليون صوت حصل عليها روحاني في انتخابات الرئاسة عام 2017. واعتبر النائب الأصولي السابق علي رضا زاكاني أن ظريف «استقال ليتجنّب الصعوبات التي تجلبها مواجهة أميركا والاضطرار الى الردّ على المسار الخاطئ الذي سار عليه خلال توليه منصبه». كذلك رأى تكتل الأصوليين في البرلمان أن «تجنّب المحاسبة لا يُعدّ فروسية سياسية، على ظريف أن يبقى». لكن الناطق باسم الخارجية بهرام قاسمي لفت الى أن «كل التفسيرات والتحليلات المتعلّقة بأسباب استقالة ظريف، بخلاف ما ذكره على حسابه على إنستغرام، ليست دقيقة»، وزاد في إشارة الى محمود واعظي: «كما قال مدير مكتب الرئيس الإيراني، الاستقالة لم تُقبل». وكان واعظي اعتبر أن إشادة روحاني أمس بالوزير هي «شهادة واضحة على الرضا الكامل لممثل الشعب الإيراني، من المواقف والأداء الذكي والفاعل لظريف، وردّ قوي على تحليلات كاذبة ومنحرفة». وأضاف: «وفقاً للدكتور روحاني، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ليس لديها سوى سياسة خارجية واحدة فقط ووزير خارجية واحد». ووقّع 135 نائباً إيرانياً عريضة تطالب روحاني بإبقاء ظريف في منصبه، فيما قال الناطق باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى (البرلمان) علي نجفي خوشرودي، إن الوزير «منزعج وقلق بسبب عدم التنسيق» في «بعض الأمور»، مستدركاً أن «نشاطاته تحظى بتأييد المرشد» علي خامنئي. في السياق ذاته، اعتبر نائب رئيس البرلمان علي مطهري أن «السبب الرئيس للاستقالة هو تدخل هيئات محددة لا علاقة لها، في السياسات الخارجية للحكومة». وانتقد روحاني لإتاحة هذا التدخل، ودعاه إلى إثبات سلطته عبر الدفاع عن ظريف والوزارة. وكان الوزير كتب على «إنستغرام» الاثنين: «أعتذر لعجزي عن الاستمرار في منصبي، وعلى أي تقصير خلال أدائي مهماتي». وعلّق على معلومات أفادت بأن عدداً كبيراً من الديبلوماسيين الإيرانيين سيحذون حذوه، إذا قبِل روحاني استقالته، قائلاً: «أشدّد على جميع إخوتي وأخواتي الأعزاء في وزارة الخارجية وممثلياتها، بضرورة أن يتابعوا مسؤولياتهم في الدفاع عن البلاد بقوة وصلابة، وأن يتجنّبوا بشدة مثل هذه الإجراءات». وأعرب عن أمله بأن تشكّل استقالته «تنبيهاً لعودة وزارة الخارجية الى مكانتها القانونية في العلاقات الخارجية». ونقلت وکالة أنباء إيرانية عن ظريف قوله إن استقالته كانت للدفاع عن «كرامة الوزارة ومكانتها في العلاقات الخارجية»، ووصفها بأنها «حيوية» للأمن القومي الإيراني. وأضاف: «لست منزعجاً ولا حزيناً، ولا أحتاج إلى ترضية من أحد. وبصفتي وزيراً للخارجية كان عليّ واجب الردّ على عدم احترام مكانة الوزارة، من أجل المصالح الوطنية للبلاد. أما بقية التكهنات فهي وليدة أوهام بعضهم». وكان موقع «انتخاب» الإلكتروني ربط الاستقالة بزيارة مفاجئة أجراها الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران الاثنين، التقى خلالها خامنئي وروحاني، في غياب ظريف وحضور الجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري». ونقلت عن الوزير قوله: «بعد صور لقاءات (الأسد)، لم تعُد لجواد ظريف أي صدقية في العالم وزيراً للخارجية!». ونشرت صحيفة «جمهوري إسلامي» أمس تصريحات لظريف، قال فيها: «كل شيء يذهب سدى حين لا تكون هناك ثقة بالشخص الذي يدير السياسة الخارجية». وأضاف في إشارة الى المفاوضات المرتبطة بالاتفاق النووي: «كان قلقنا من الخناجر التي تطعننا في الظهر، أكبر من قلقنا من المفاوضات. لم يتمكّن الطرف الآخر من إرهاقي خلال المفاوضات، لكن الضغوط الداخلية أنهكتني خلال المحادثات وبعدها». وتابع: «علينا أن نُبعد سياستنا الخارجية عن ملف صراع الأحزاب والفصائل. السمّ القاتل بالنسبة الى السياسة الخارجية هو أن تصبح قضية صراع أحزاب وفصائل».

مشاركة :