تحويل العمل من الأسلوب التقليدي الحكومي إلى الأسلوب التجاري ليس بالأمر الهين على قطاعات عملت على تقديم الخدمة بالطرق التقليدية طوال عقود وبأداء بيروقراطي. عندما يكون هناك رغبة وتصميم للتحول لتطبيق أسس العمل التجاري التي تضع المستهلك أو المواطن في دائرة الضوء وأن يكون محور الاهتمام والهدف الأساسي هو إرضاؤه وتقديم الخدمة له بأسرع وقت وأقل جهد وبجودة عالية. حينها يمكن أن نقول أن الحواجز تم إزالتها لأنها تحتاج إلى صاحب قرار قوي وأمين. أنا هنا لا أتحدث عن نظريات بل عن واقع نعيشه في قطاعات حكومية وخاصة سعت إلى التحول وإعادة هيكلة أعمالها وتخفيف إجراءاتها وتطبيق اللامركزية والمرونة ونجحت في ذلك. شركة الاتصالات التي كانت أولى ثمار الخصخصة في المملكة تطلب العمل إعادة هيكلتها عام 98م، لتتواءم مع متطلبات العمل التجاري وتتهيأ للمنافسة بعيدا عن الاحتكار الذي مارسته لعقود وكان اأن تحسنت الخدمة وتطورت منذ بداية الألفية نتج عن ذلك وصول الخدمة إلى الجميع ولم تعد الحاجة لمراجعة الشركة في معظم الإجراءات وتخفيض الأسعار إلى الحدود الدنيا والقدرة على المنافسة. إذاً هناك من يسعى لتطبيق هذا التوجه وتقديم الخدمة بأسلوب تجاري بعيدا عن البيروقراطية وهنا يأتي ذكر وزارة التجارة التي تعمل بجد لتطبيق هذا الأسلوب وهذا ما نشاهده من إعادة للهيكلة واستحداث إدارات تحاكي واقع المرحلة ومتطلبات القطاعات المستهدفة واستقطاب كفاءات شابة وأصحاب خبرة بالإضافة إلى السعي لتطبيق العمل المؤسسي بعيدا عن المركزية التي تتسبب في تدهور أداء معظم القطاعات الحكومية، وهذا ما سيسهم في تميزها وتفوقها إذا استمرت على نفس النهج خلال السنوات القادمة. أسلوب عمل وزارة التجارة من خلال لجنة المساهمات العقارية أثناء المزاد الذي أقيم يوم الاثنين الماضي في جدة لمساهمة أرض مكة التابعة لمجموعة مساهمات صلاح النفيسي يدل على حجم الجهود التي بذلت ومن باب الانصاف لابد من الإشادة بجهود الوزير وفريق العمل الذين يسعون لإنجاز ملف المساهمات العقارية المتعثرة التي تراكمت لعقود. هناك تطور ملحوظ وسعي جاد لإقفال هذا الملف رغم الصعوبات والتعقيدات التي صاحبت معظم المساهمات العقارية المتعثرة ومنها عدم تعاون بعض أصحابها والسعي لتعطيل أي جهود لتصفيتها ووجود مشاكل وتداخل في الصكوك ونقص في المعلومات. المضحك المبكي هو تذمر بعض أصحاب المساهمات المتعثرة وتوجههم لمقاضاة وزارة التجارة بسبب منعهم من السفر والحجز على ممتلكاتهم، والسؤال الموجه لهم هل أحسستم يوما بمعاناة المساهمين ممن جمعتم أموالهم واستثمرتموها لمصلحتكم وجمدتموها لسنوات دون رادع؟ الحزم وتطبيق النظام على الجميع هو الحل الأمثل والرادع للخلاص من هذا الملف المزعج.
مشاركة :