في مجتمعات كمجتمعاتنا لها خصائص ذات أهمية ومرتبطة بعمق الصحراء، يظل القلب طفلاً صغير السن يركض نحو الفرح ويحب ذلك الشعور الفطري المفعم بالطاقة، يسقي الرمال الجافة بالحب والأمل والشعر. وفي هذه اللحظة نكتب إحدى العبارات الأكثر جمالاً لفريدريك نيتشه:إن الطفل براءة ونسيان بداية جديدة ولعب، عجلة تدور حول ذاتها"ونطرح السؤال الغامض: من أين جاء نيتشه بهذا الوصف بل من أين جاءت هذه الفكرة بأن على الفكر الإنساني أن يغدو طفلاً؟ وهو اندفاعي ومتقلب الأطوار موجود بكامله في الحاضر ومنقاد لغرائزه في سنواته الأولى، أو كما جاء به فلاسفة اليونان أن الحب مجسد في خصائص طفل ذي ثماني سنوات، يجسد الحرية والطاقة الحيوية ثم يصححها نيتشه في "إرادة القوة" التي تدمج كامل الإنسان في أبعاده الثلاثة من الغرائز والأهواء والذكاء، ففي الفيلم "عندما بكى نيتشه" المأخوذ عن رواية لها نفس الاسم فكان محور القصة مستخلصاً من مقولاته الفلسفية الحياة امرأة. ومن جهة أخرى فكرة الفيلم المبدعة مبتكرة من مفهوم لغته العميقة وعلاقته بالأشياء، ومأزق علاقته العاطفية التي فتحت الأبواب المؤصدة أمام عبقريته كمفكر وتجاوز الثنائيات في ممارسته ونتاجه. ولا يمكن اعتبار أن الخيارات فرص حقيقية ولها تأثير على الأثر العاطفي، إلا إذا اعتمد الإنسان على انتظار هذه الفرص ولهذا فالسجال يتأرجح بين العاطفة والعقل، بين النجاح والفشل، وبين إرساء قواعد حياة مستقلة أو التنقيب عنها. وعلى قدر مخاوفه من حالته العاطفية اصابته بخيبة أمل كبيرة من جراء مراوغات النفس البشرية وما تولد معها من حقائق صادمة، ولا يمكن هنا فصل الانقسام الأكثر ثباتاً إلا إذا تجاوز أزمة منتصف العمر وشفي من جنونه وميوله للانتحار. فمن خلال هذا الفيلم يجدر بنا القول إن الحب هو المظهر اللائق والوجه الجميل لكل الملامح القاسية والقناعات المشوشة، وعلاج فعال لغطرسة الفرد الذي يرى أن التعبير عن الحب تقليل من قدرات شخصه وعقله. وبموجب هذا الحب توحد شعب كامل وأجمع على حب الأسرة الحاكمة وملوكها المخلصين، واجتمعوا كحبات لؤلؤ مذهلة في عقد ثمين أسطوري يزين جيد الزمن، لونه ولمعانه يدعو للمحاكاة والفخر لا تستطيع أي شركة في العالم تصنيعه أو تقليده. إن الحب جمع أجدادنا في بيوت ذات مساحات صغيرة وحياة بدائية بسيطة أكثر إشراقاً وألفة وتعاوناً أثبتوا أن إدارة الانفعالات من الأولويات التي كان يمارسها جميع الأفراد دون استثناء، ما زودهم باستراتيجية فعالة تحتوي الخلل الطارئ وتبني النفوس والعواطف على أسس متينة وإن غلب عليها طابع التكتم والسرية درءاً للبلبلة والفوضى والتحكم في الشعور والعاطفة. وهذا قد ينافي العرف السائد اليوم عند الغرب وأيضاً في المجتمعات العربية على أساس أن البوح من الصحة النفسية وسلامة العواطف والمشاعر، فالكبت والغموض يزيد من الآلام ويحرض على مكامن الشر في الإنسان. فيقول نيتشه:"لم يخل مكان أو زمان اجتمع فيه البشر من استغلال بعضهم لبعض واعتداء بعضهم على بعض، وباسم الأديان ارتكبت جرائم وكذلك باسم حقوق الإنسان "وهذا كله يؤكد أن هذه الحياة تبحث عن ما تتمناه الأرواح، وغالباً ما تكون الأمنيات محورها الحب. وعلى العكس من ذلك الخلافات الظاهرة بموجب النقد، وتعد أيضاً رغبة في اكتشاف الصعوبات والمفارقات لن يفهمها إلا من علم معنى الحب والتسامح.
مشاركة :