الحب والحرب - مهـا محمد الشريف

  • 4/2/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

إن الهدف الأساسي من إدارة المجتمعات هو وضع قواعد الاستقرار، حيث إن البشر بحاجة إلى قائد وحكومة وامتيازات ووعي سياسي وسلطة تشريعية وتنفيذية، وقرار حكيم يدير شؤونها، ولولا حاجة الإنسان للسلام لما خاض حروبا ضد الاستبداد وضد الأنظمة الظالمة التي تقوم بالانقلابات وإزاحة الحكومات الشرعية، ولولا الحب أيضاً لما اتحدت القلوب والأرواح لصد الظلم والعدوان عن دولة اليمن الشقيقة وإعادة مشروعية الدولة وغاياتها من نظام سلطوي يريد إسقاط الحكومة من أجل سلطة سياسية أخرى. لقد غيرت الحرب العالمية الثانية الخارطة السياسية والعسكرية والبنية الاجتماعية في العالم، وأصبحت الدول المنتصرة دولا عظمى لها نفوذ واسع وأعضاء دائمون في مجلس الأمن، كما ذكر لنا التاريخ وسطرت الأحداث هذه الحقائق الكبيرة فكانت نتائج هذه الحروب قاهرة كبيرة ذات نزاعات واتفاقيات وحشود وترسيم جديد ونفوذ جارف لا مكان للتشكيك فيه لأنه بعيد عن الديمقراطيات آنذاك. لم يكن للحب مكان ولا للتنازل قيمة منشودة فقد كانت سياسة الأنظمة الفاشية خارجية عدوانية توسعية، وكذلك الحال في نقض المعاهدات وتطوير آلة الحرب، فكانت كل الدول تعد لمسار القوة العسكرية وإدارة قتالية لا تبحث إلا عن مستقبل ترسيم الحدود وإحصاء الخسائر الفادحة، إلى أن تمت السيطرة واعتقل موسوليني وتم إعدامه فكانت نهاية الحرب وبقيت الدول في انتظار معاهدات السلام. ومن مساوئ الحرب العالمية الثانية تراجع دور الدول الأوروبية في حضرة الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وتبعاتها المؤلمة على الوطن العربي، وبعد النزاع الدولي المدمر كانت قضية فلسطين نهاية المسلسل الضخم – هذا المسلسل - الذي كلف القادة العرب وشعوبهم كثيرا من الجهد والمال والأرواح والحزن والألم، عندما رفعت بريطانيا النزاع العربي - الإسرائيلي إلى هيئة الأمم المتحدة، فكان تقسيم الدولة الفلسطينية إلى قسمين عربي ومستعمرة في سنة 1947، فقد كانت بحق أكبر المآسي في تاريخ العرب وأعظمها خيبة. لقد كانت غاية الحرب آنذاك الاستعمار والصراع والغزو وأقل ما يُقال عنها هو الثأر الألماني بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى والشروط القاسية التي فُرضت عليهم وانهيار القوة العظمى في أوروبا والكرامة التي انتهكت. إذاً، هو الانتقام والثأر ولا مكان للسلام أو الحب، هي حرب طاحنة من أجل بقاء الأقوى، باستثنا الحروب التي قادتها المملكة العربية السعودية في عهد حكامها العظماء فكانت جميعها لتحرير الشرعية الكويتية من الغزو، والدفاع عن البحرين وتمكين شعبها من الأمن ودحر المليشيات التي تسببت بالفوضى والفتنة والقضاء عليها، وأما الحرب الأخيرة فهي لإعادة الشرعية للحكومة اليمينية. فالعمليات العسكرية هنا من أجل سلام دائم في المنطقة والمحافظة على شرعيتها وحقوقها من الأزمات السياسية، والتدخلات الأجنبية التي تريد زعزعة أمنها واستقرارها، فالمسؤولية على دولة كبرى مثل المملكة العربية السعودية قبلة مليار ونصف المليار مسلم من جميع أنحاء العالم، والدور الحقيقي في صنع القرار الاقتصادي العالمي، وليس بغريب عليها أن تقوم بالمهام الكبيرة القيادية والريادية في المنطقة لما لها من نفوذ يؤهل إلى استقرار إقليمي ودولي ويصنع السلام الدائم لكل الشعوب العربية وحكوماتها.

مشاركة :