الحب وحده لا يكفي - د. محمد ناهض القويز

  • 2/25/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قد يرى البعض أن الحب هو قمة العلاقة الإنسانية وغايتها. حب الأبناء وحب الآباء وحب الأصدقاء وحب الزوجين وحب العشاق. ولكن الحب مختلف فلا حب الأبناء يشبه حب الآباء، ولا حب الأصدقاء يشبه حب الآباء، ولا حب الزوجين يشبه حب العشيقين. ولو نظرنا إلى الحب من حيث الديمومة لأمكننا أن نقسمه إلى قسمين رئيسين: حبٌ مستقر، وحبٌ يعاني. أما الحب المستقر فهو حب الآباء والأبناء والأصدقاء لأن دوافعه ذاتية فهو الزهرة وهو الثمرة؛ ولهذا فلا هو يحتاج لشواهد ولا روافد. أما الحب الذي يعاني لكي يبقى فهو حب الحبيب كزوجة أو حبيبة؛ لأنه حب له زهور وثمار، قد تكون ثماره هي الغاية ولهذا فما يلبث أن يخبو بعد قطف زهوره أو التعود على طعم ثماره ثم فقدان الرغبة فيها، والبحث عن ثمر آخر وزهور أخرى. ومن هنا تأتي أهمية أن يدعم هذا النوع من الحب بداعم من الاحترام. فلو خبا الحب يوما وهو خابٍ لا محالة فسيعوض عنه الاحترام. وبرغم أن طعم الاحترام ليس بحلاوة الحب إلا أنه يحفظ الكرامة وينمي الود ويعوض عن الحب إذا غاب. أما لو فُقِد الاحترام فقد ينقلب الحب الصادق إلى عذاب لأحد المحبين أو كليهما هذا إن لم ينقلب الحب كرهاً والصداقة عداوة. وللأسف فإن الناس لا تعير هذا الشيء الاهتمام الكافي وبالذات لدى فئة الشباب الذين يتميزون بردات الفعل السريعة الناتجة عن عدم اكتمال نضجهم بعد. من هنا تأتي أهمية أن يكون الاحترام هو محور العلاقات جميعها بما في ذلك العلاقة بين الزوجين ولن يتأتى ذلك ما لم يصبح الاحترام جزءاً من ثقافة المجتمع في التعامل. وهذا ما يفتقر إليه المجتمع بشكل عام حتى وإن ادعينا غير ذلك. يمكن اعتبار غياب الاحترام مرضا اجتماعيا. وحيث إن لكل مرض عرضا فإن أعراضه تظهر من خلال تعامل الناس فيما بينهم، فبينما تلاحظ أن الفرد يبدأ لطيفا لبقا مبالغا في التحية إلا أن ذات الشخص قد ينقلب مع أول عقبة إلى سلوك مغاير لما دخل به فتجد صوته بدأ في الارتفاع ثم تبادل السباب. ويتكرر ذلك كثيرا لدرجة تستدعي تدخل الحاضرين أحيانا، وأحيانا قد يخرج عن السيطرة ليشمل أكثر من شخص. ليس عيبا ألا تحب الناس ولكن العيب ألا تحترمهم. جميل أن تحب الأصدقاء والأقارب ولكن الأجمل أن تحترمهم. قد يستمر الزواج بدون حب ولكن يستحيل أن يستمر بدون احترام حتى لو وجد الحب. الحب وحده لا يكفي.

مشاركة :