بدأت فى القرن الثانى الهجرى وما بعده محاولات قراءة النص المقدس ومحاولات فك طلاسمه ومحاولات تأويله وتفسيره، ولأول مرة تصدى علماء ذلك العصر فى شجاعة نادرة وقالوا كلمتهم وعبروا عن فهمهم البشرى وراحوا يجتهدون وفقا للإطار المعرفى والثقافى لحدود عصرهم البسيطة. عبروا عن فهمهم وقالوا كلمتهم ورحلوا وظل من جاء بعدهم مكتفيًا بترديد ما قالوا وعاش يخشى أو يتكاسل فى إعمال عقله أو نقد ما وجده من تفاسير أو آراء أو حتى على الأقل مراجعته، وتوالت تفاسير وتفاسير تاليه تدور وتحلق فى نفس فلك التفاسير والرؤى الأولى والقراءة البشرية الأولى للنص المقدس، والتى قال بها علماء القرن الثانى والثالث دون تقديم قراءة معاصرة أو مختلفة أو جديدة للنص القرآنى (الصالح لكل زمان ومكان) وكأن الكتاب نزل حصرا للسابقين أو نزل حصرًا للعرب وظل التنزيل الحكيم حبيس مدارات وآفاق وحدود تلك القراءة البشرية الأولى والقاصرة، والتى أغرقته فى محلية عربية وألبسته لباسا عربيًا وحقنته بتقاليد عربية وصبغة بدوية، بينما يحتاج النص الإلهى المقدس إلى إطلاق سراحه وإعادته إلى شموليته وعالميته فقد جاء لكل أهل الأرض نصًا عالميًا إنسانيًا راقيًا ينظم اجتماعهم ويهذب أسلوب حياتهم متجاوزًا كل الخصوصيات الثقافية خصوصا المحلية العربية، حيث تستمر صلاحيته لكل زمان ومكان!!مشكلات «التفاسير القديمة» وحتمية تجديد الخطاب الدينىالنص الإلهى جاء لكل أهل الأرض عالميًا إنسانيًا راقيًا.. والتفسير القديم أغرق التنزيل الحكيم فى محلية عربية وصبغة بدوية النص البشرى تحول إلى مقدس يعد الخروج عليه كفرا بواحا وفسوقابدأت فى القرن الثانى الهجرى وما بعده محاولات قراءة النص المقدس ومحاولات فك طلاسمه ومحاولات تأويله وتفسيره، ولأول مرة تصدى علماء ذلك العصر فى شجاعة نادرة وقالوا كلمتهم وعبروا عن فهمهم البشرى وراحوا يجتهدون وفقا للإطار المعرفى والثقافى لحدود عصرهم البسيطة.عبروا عن فهمهم وقالوا كلمتهم ورحلوا وظل من جاء بعدهم مكتفيًا بترديد ما قالوا وعاش يخشى أو يتكاسل فى إعمال عقله أو نقد ما وجده من تفاسير أو آراء أو حتى على الأقل مراجعته، وتوالت تفاسير وتفاسير تالية تدور وتحلق فى نفس فلك التفاسير والرؤى الأولى والقراءة البشرية الأولى للنص المقدس، والتى قال بها علماء القرن الثانى والثالث دون تقديم قراءه معاصرة أو مختلفة أو جديدة للنص القرآنى (الصالح لكل زمان ومكان) وكأن الكتاب نزل حصرا للسابقين أو نزل حصرًا للعرب وظل التنزيل الحكيم حبيس مدارات وآفاق وحدود تلك القراءة البشرية الأولى والقاصرة، والتى أغرقته فى محلية عربية وألبسته لباسا عربيًا وحقنته بتقاليد عربية وصبغة بدوية، بينما يحتاج النص الإلهى المقدس إلى إطلاق سراحه وإعادته إلى شموليته وعالميته فقد جاء لكل أهل الأرض نصًا عالميًا إنسانيًا راقيًا ينظم اجتماعهم ويهذب أسلوب حياتهم متجاوزًا كل الخصوصيات الثقافية وخصوصا المحلية العربية، حيث تستمر صلاحيته لكل زمان ومكان!!لم تملك الأجيال التالية للجيل الأول (جيل القرنين الثانى والثالث الهجريين) جرأة الانقطاع مع قراءة علماء القرن التانى والثالث، وظل الجميع قاعدين وكسالى عن قراءة جديدة معاصره تنفك عن قراءة الأقدمين الأولي، وأصبح دور التالين مجرد ترديد آراء السابقين دونما أى إضافة لأى جديد حتى تجمد التفسير، وصارت تلك القراءة الأولى دينا مثل الدين أو صارت هى الدين وصار أى اختلاف معها أو خروج عليها هو خروج على الدين؛ ليتحول ما هو محض بشرى إلى مقدس يعد الخروج عليه كفرًا بواحًا وفسوقًا!!كذلك حرصت المؤسسة الدينية وأمعنت فى المحافظة على ذلك التراث، دونما العزم على بذل الجهد وإعمال العقل ومحاولة التحلى بالمسئولية والثقه فى النفس وقول كلمتها وإعمال عقلها كما فعل السابقون من علمائنا الراحلون وأئمتنا الأولون الأجلاء!!.حتى وصلنا إلى أزمة ضخمة صارت أخطر وأكبر أزمات العقل الدينى المسلم، مفادها أن القراءة الأولى البشرية تلك حلت محل النص الإلهى المقدس وصارت حصريًا كأصل لاحق لأصل إلهى سابق، فحل الأصل البشرى الجديد محل الأصل الإلهى المقدس!!.هذا وقد وقعت التفاسير القديمة للتنزيل الحكيم فى بعض مشكلات كبرى نحاول رصدها فى هذه القراءة النقدية للتفاسير القديمة، التى لا نزال ندور فى فلكها وداخل إطارها ونخشى مجرد نقدها، ناهيك عن تجاوزها والانقطاع عنها وتقديم قراءة معاصرة وكأن النص نزل فقط للأقدمين ونزل حصرا لعرب مكة والمدينة بينما هو عالمى لكل أهل الأرض فى كل الأزمنة ولقد وقفنا على مشكلات رئيسية عشر كالتالي: المشكلة الأولىالتعامل مع كتاب الله على أساس الترادف (أى تشابه معانى الألفاظ) وعدم إدراك أن الكتاب جاء على (اللفظ) وأنه معجز ودقيق، والإعجاز حسب المفكر المغربى عبدالله العروى معناه أنه كتاب عربى ولكنه لا يشبه أى كتاب عربي، ففيه تطوير للغة وتطوير لاستخدام الألفاظ وفيه دقه متناهيه وإعجاز يتناسب مع مؤلفه وقدراته اللامحدودة والدقة معناها أنه جاء على قاعدة اللاترادف «راجع الكتاب والقرآن للمفكر السورى المعروف محمد شحرور».ويعنى «اللاترادف» أن لكل لفظ معنى مختلف عن الآخر، بينما تعامل المفسرون على أن الإسلام هو الإيمان، والنبى هو الرسول، وجاء هى أتي، والروح هى النفس، والعرش هو الكرسي، والأب هو الوالد، والأم هى الوالدة، والبلاغ هو الإبلاغ، والإنزال هو التنزيل، والموت هو الوفاة، والكتاب هو القرآن، والقرآن هو الفرقان، والقسط هو العدل، والعام هو السنة، وكلام الله هو كلماته، والصلاة هى الصلوات، والعقم هو العقر، والنبأ هو الخبر، والذنب هو السيئة، والغواية هى الضلال والإسراف هو التبذير، والكافر هو المشرك والفقير هو المسكين.. إلخ.المشكلة الثانيةعدم التفريق بين الاستخدام البشرى للألفاظ والاستخدام الإلهى المعجز للألفاظ وتفسير الآيات حسب لسان العرب الشائع(!!) فقطع يعنى (بتر)، ورجال يعنى (ذكور)، بينما تعنى أيضا المترجلون من الرجال والنساء(!!) ونساء جمع امرأة، بينما هى تعنى نسئ (أى الأحدث فى الأشياء أو الأصغر سنا فى الآدميين) أو (المتأخرات)!! وولد يعنى ذكر، بينما اللفظ فى الاستخدام الإلهى يعنى (ولد وبنت)!! وشهيد يعنى (قتيل)، بينما هو فى المقصود الإلهى وحسب سياقات آيات القرآن من حضر الواقعة ورآها بعينيه وسمعها بأذنيه!! وهبط يعنى (نزل)، بينما فى المقصد الإلهى تعنى من انتقل من مكان إلى آخر على الأرض نفسها أو من انتقل من مرحلة إلى أخرى... إلخ، أى من مرحلة اللاحرام إلى مرحلة الحلال والحرام، بينما الكتاب الإلهى المقدس دقيق ومعجز وأضاف للعربية وطورها بشكل مذهل، وزاد فى ثرائها بغير حدود، حيث طور استخدام الألفاط وحملها ما لم تكن تحمله من معانى جديدة من خلال إدراجها فى سياقات عديدة ونظم جديد جعلت للألفاظ العربية ثراءً موفورًا ومعانى تعبيرية جديدة ما لم نكن نتصور أنها يمكن أن تعبر عنها تلك الألفاظ، فقطع التى تعنى بتر فى لسان العرب البشرى المحدود صار لها معانى لا حصر لها فى الاستخدام الإلهي.وفى لغة القرآن نجد (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) و(ويقطع دابر الكافرين) و(قالت ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون) و(تقطعت بهم الأسباب) و(قطعنا دابر الذين كذبوا) و(وقطعناهم فى الأرض أممًا) و(وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون) و(وقطعنا دابر القوم الذين ظلموا وقطعن أرحامهم (أى امتنعوا عن ود أقاربهم).المشكلة الثالثةالخلط بين التاريخى والدينى فى كتاب الله، واستبدال الدينى بالتاريخى واعتبار التاريخى دينيا واستنباط أحكام من التاريخى وإضافتها إلى الدينى أى إلى (أحكام الرسالة المحمدية)!! وهو ما تسبب بدوره فى تشويه وإرهاب بلا حدود. فقد تم إزاحة الدينى الذى هو ﴿لَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ (الإسراء - ٣٣) لصالح التاريخى الذى هو ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ﴾ (النور - ٥)، كما لم يدرك أحد أن كل الآيات التى جاءت بلفظة «يا أيها النبى» وعددها ١٤ آية، هى من التاريخى أيضا!!المشكلة الرابعةالقول بأن النسخ الذى يعنى (الإلغاء أو التكرار أو التطوير للأحكام الربانية) يحدث داخل الشريعة نفسها!!. وهو ما تسبب تاليا فى إلغاء آيات وأحكام عديدة جاءت بكتاب الله كالوصية وغيرها(!!)، بينما أى مطلع على شريعتى موسى ومحمد (ﷺ) وعلى النظام العقابى والمحرمات فى كل منهما سوف يدرك المقصود الإلهى بالنسخ بين الشرائع فالإعدامات عند موسى عددها (١٦) وعند محمد عددها (واحد) فقط (فى القصاص)، لذلك سنفهم ساعتها لماذا قال النبى الخاتم (ﷺ): (بعثت رحمة مهداة).وفى الوقت التى قلت الإعدامات من موسى إلى محمد زادت محرمات النكاح، حيث بلغت فى شريعة محمد (١٤)، فحّرم على الابن زواج (زوجة أبيه) وأخواته من الرضاعة.. إلخ. وسوف نفهم أيضا قول سيدنا عيسى عليه السلام عن أحد أسباب بعثه ﴿ولأحل لكم بعض الذى حرم عليكم﴾ (٥٠ - آل عمران).المشكلة الخامسةالخلط بين محمد (النبي) ومحمد (الرسول)، وعدم إدراك الفرق بين مقام النبوة البشرى ومقام الرسالة المعصوم الذى لا ينطق عن هوي، مقام النبوة الذى يعلمه الله ويعاتبه من خلاله فى آيات عديدة ومقام الرسالة الذى لا ينطق فيه الرسول عن هوى أو غرض، والتى أكد فيها الله أنه نزل الذكر (الذى هو الصيغة المنطوقة للكتاب) وأنه حفظه صدق الله العظيم،ونلاحظ أن الله تعالى لم يعاتب سيدنا محمد من مقام (الرسالة) أبدا وأن العتاب كان حصريا من مقام النبوة وبصيغة يا أيها النبي، مثال قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ (٢) التحريم ويقول تعالى للنبى ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِى الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧) لَّوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (٦٨) الأنفالالمشكلة السادسة استبدال أحكام الكتاب ونسخها بما جاء فى بعض الأحاديث المروية عن النبى (ﷺ) مثل حكم الزنا الذى خفض فى الكتاب من الإعدام عند موسى إلى الجلد عند الرسول (١٠٠ جلدة) بينما يصر الفقهاء على الإعدام رجمًا للمتزوج وهو حكم خاص باليهود وجاء فى شريعة سيدنا موسى!!.المشكلة السابعة الخلط بين معنى لفظة «الإسلام» ومعنى لفظة «الإيمان» واختزال الدين كله الإسلام فى إحدى شرائعه وهى الشريعة المحمدية، والمطابقة بين الإسلام العام الذى نزل به كل الأنبياء من نوح إلى محمد وإحدى الطرق المؤدية إليه وهى الشريعة المحمدية، وما يسببه ذكر من تعصب ونرجسية دينية وتكفير لكل أهل الكتاب من المسيحيين واليهود وتفسير الآيتين ﴿إن الدين عند الله الإسلام﴾ و﴿ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه﴾ واعتباران الإسلام هنا هو شريعة سيدنا محمد (ﷺ) وهذا خطأ بالغ تسبب فى تكفير وإرهاب بلا حدود ونفى للآخر!!. حيث يقول د. محمد عبدالله دراز من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عام ١٩٥٨: إن الإسلام هو الدين الذى أوحى به الله إلى كل الرسل والأنبياء وأن هذا المعنى تحول فى الاستعمال العرفى إلى معنى آخر هو شريعة محمد وحدها، حيث ينبغى التحرز من الدلالة المقصودة أصلا إلى الدلالة المفهومة عرفا ويتعين الوقوف عند المعنى الذى أراده التنزيل دون تحويله إلى المعنى الذى يريده الناس. ذلك لأن استعمال اللفظ يغير المعنى الوارد فى كتاب الله والمقصود فى التنزيل الحكيم فيحدث تغييرا فى فهم كل الآيات التى ورد فيها اللفظ كما يحدث تبديلا فى الفكر الدينى كله) ومن كتاب الله نفهم: أن (المسلمين) هم ليسوا أتباع الرسول حصرا بل كل المؤمنين بالأنبياء والرسل، وأن الإسلام لله يتقدم على الإيمان بالرسل وأن الإيمان هو اتباع لشريعة رسول ونفهم أيضا (أن إبراهيم ويعقوب والأسباط ويوسف وسحرة فرعون من أتباع موسى والحواريين من أتباع عيسى ونوح ولوط كانوا مسلمين وأن فرعون حين أدركه الغرق نادى بأنه من المسلمين. راجع تعريف الإسلام عند الفقيه ابن الصلاح والإمام ابن تيمية. - قال تعالى على لسان الجن ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ﴾(١٤) الجن.- وعلى لسان نوح قال تعالى ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (٧٢) يونس.- وقال تعالى ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا﴾ (٦٧) آل عمران. وقال تعالى: ﴿وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ (١٣٢) البقرة.وعلى لسان إبراهيم قال تعالى ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ﴾ (١٢٨) البقرة.وعلى لسان الحواريين قال تعالي﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِى إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ (٥٢) آل عمران.- وعلى لسان يوسف ﴿تَوَفَّنِى مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِى بِالصَّالِحِينَ﴾ (١٠١) يوسف.وعلى لسان فرعون: ﴿حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِى آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (٩٠) يونس. وإن أركان الإسلام (ثلاثة)أركان الإسلام هى الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح، قال رسول الله (ﷺ) قل آمنت بالله ثم استقم، وأن محرمات الإسلام (عشر) بدأت من نوح (أول الأنبياء من البشر) واكتملت قبل سيدنا موسى عليه السلام ونزلت مكتمله عليه لأول مرة فى الألواح باسم (الوصايا العشر) ونزلت على سيدنا محمد (ﷺ) باسم الفرقان أو الصراط المستقيم أو الحكمة وقد جاء فى ثلاث آيات من سورة الأنعام (١٥٣/١٥٢/١٥١)﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٥١) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١٥٢) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِى مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)﴾-أما أركان الإيمان بشريعة الرسول (ﷺ) فهى الشهادة بأن النبى محمد هو رسول الله والالتزام بشعائر رسالته الصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج، أما محرمات الإيمان بالرسول (ﷺ) فهى المحرمات الخمس التى حرمت حصرا على المؤمنين بالرسول (ﷺ) حصرا دون غيرهم من أهل الكتاب ومتبعى الشرائع السماوية وهى: - محرمات النكاح وعددها (١٤)- محرمات الطعام والذبح على الأنصاب لغير الله والاستقسام بالأزلام (تشوف قسمتك وبختك) - الإثم والبغى بغير الحق - الربا - أن تقولوا على الله ما لا تعلمونهذا بالإضافة طبعا إلى الالتزام ببعض الالتزامات التى تمثل أخلاق المؤمن بشريعة سيدنا محمد حصرا بداية من عدم السخرية من الناس وعدم الطعن فى الآخرين وعدم التنابذ بالألقاب وتجتنب الكثير من الظن بالآخرين وعدم التجسس على الآخرين وتجتنب الغيبة والنميمة والالتزام فى التعاملات المالية مع الناس ودخول البيوت من أبوابها وعدم إبطال صدقاتك بالمن والأذى وإذا تداينت بدين تكتبه وتحضر الشهود وأن تفى بالعقود التى تبرمها وألا تسرف أو تقتر وألا تدخل بيت أحد قبل استئذانه والسلام على أهله وألا تقول ما لا تفعل وتحسن إلى الفقراء والمساكين وابن السبيل والجيران والأقارب وألا ترمى المحصنات وتلتزم بأداء الأمانات إلى أهلها وبحفظ الفرج وأن تحكم بالعدل بين الناس وألا تبخس الناس أشياءهم وحريص عل غض البصر وتغطيه الجيوب إذا كانت أنثى بالغة وحريص على رفع الحرج عن الأعمى والمريض وعدم السكر وضرب الودع ولعب القمار والذبح لغير الله وألا تسرق وأن تكتب وصيتك، وتقدم البينة دائما عند توجيه الاتهام للغير وتعمل على إفشاء السلام ونبذ الحرب والجنوح للسلم وملتزم بالقصاص فى القتلى والكفارة فى القتل الخطأ.وفى الإسلام عليك أن تتق الله (حق تقاته). أما فى الإيمان بشريعة ما من الشرائع فعليك أن تتق الله (ما استطعت) قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ (١٠٢)قال تعالى ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (١٦) التغابن.ولك كفل بإسلامك وكفل بإيمانك بإحدى الشرائع، قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (٢٨) الحديد.المشكلة الثامنةالخلط بين مفهوم (العبادة) ومفهوم (الاستعانة)، ﴿إياك نعبد.. وإياك نستعين﴾، وتفسير العبادة على أنها إقامة الشعائر (حج وصلاة وصيام وزكاة) (!!)، مما كان له بالغ الأثر على اجتماعنا. فالعبادة هى التزام محرمات الإسلام لله (الصراط المستقيم ومحرماته العشرة، والتى جاءت فى ثلاث آيات فى سورة الأنعام ١٥٣/١٥٢/١٥١)، وهى (الفرقان) وهى (الوصايا العشر) التى نزلت مجزأة اعتبارا من أول نبى (نوح)، وحتى اكتملت قبل موسى، ونزلت عليه مكتملة لأول مرة، والتزام محرمات الإيمان بالرسول محمد الثلاثين أيضا، والتى احتواها التنزيل الحكيم إما إقامة الشعائر فهى للاستعانة، والاتصال الرمزى (المؤقت)، قال تعالى: ﴿استعينوا بالصبر والصلاة﴾، وقال تعالى: ﴿وَأَنِ اعْبُدُونِى هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴾ (٦١) يس.المشكلة التاسعة القول إن كل شريعة نسخت الشريعة السابقة لها، وهذا ليس عليه أى دليل قرآنى، بل إن التنزيل الحكيم، أكد أن يحتكم أصحاب كل شريعة لشريعتهم، قال تعالى:﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ﴾ (٤٧) المائدة، وقال تعالى لرسوله:﴿وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ﴾ (٤٣) ﴿أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ..﴾ المائدة (٤٤).وقال تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ المائدة (٤٨). المشكلة العاشرة اعتبار أن (الحكمة) تعنى (أحاديث النبى)(!!)، بينما أكد الله أنه أعطاها لأنبياء ورسل عديدين، وللقمان الذى هو ليس نبيا ولا رسولا، وأن الله يعطيها لمن يشاء من عباده!!يؤكد التنزيل الحكيم أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أتاه الله أمران (الكتاب) و(الحكمة) فى آيات عديدة، والكتاب نعرفه جميعا فهو القرآن العظيم.لكننا لم نعرف ما هى (الحكمة) التى أعطاها الله لرسولنا الخاتم. ولقد اجتهد الإمام الشافعى فى أول كتاب له فى علم أصول الفقه (الرسالة)، وأكد لنا أن الحكمة هى سنة الرسول (أحاديثه)، وظل العلماء يرددون ذلك حتى يومنا هذا خلف الإمام الشافعى، بينما الحكمة فى المصحف عرفها الله فى سورة الإسراء من الآية ٢٣ وحتى الآية ٣٩ (حسب تأكيد المفكر الإسلامى السورى الدكتور محمد ديب شحرور فى كتابه «الكتاب والقرآن»)؛ حيث أكد الله تعالى أن الحكمة هى (الأخلاق)، وأنه يؤتيها لمن يشاء من عباده!!!!!!!!هذا وقد أعطاها الله للأنبياء والرسل ولبعض البشر أيضا. - قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ (الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)﴾... (٢) الجمعة - قال تعالى: ﴿وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ (الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ...﴾ النساء ١١٣.- قال تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ (الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)...﴾ (١٦٤) آل عمران. يقول الإمام الشافعى فى كتابه «الرسالة، ص ٧٨ وما بعدها من صفحات» مفسرا الآيات: إن الحكمة فى المقصد الإلهى هى (سنة الرسول) !!!!ويبدو أن الإمام لم يدرك أن الله أعطي (الحكمة) للأنبياء والرسل وللقمان، أيضا الذى لم يكن نبيا ولا رسولا، وهذا بنص جميع آيات القرآن. ولنستعرض آيات الكتاب التى تؤكد أن الله أعطى الحكمة للأنبياء وللرسل ولغيرهم من البشر. ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ﴾ آل عمران ٨١.وهل أعطى الله لسيدنا إبراهيم أبو الأنبياء وخليل الرحمن وإمام الناس سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم)؟! قال تعالى: ﴿فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ...﴾النساء ٥٤.■ وهل أعطى الله سيدنا عيسى سنة الرسول أيضا؟! قال تعالى: ﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ﴾ (٤٨) آل عمران. وهل أعطى الله سيدنا داوود سنة الرسول قال تعالى: ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ (٢٠) ص.ونسأل الإمام ومن سار على دربه وأخذ برأيه حتى يومنا هذا، هل أوتى لقمان سنة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ﴾.. [لقمان: ١٢].وقال تعالى: ﴿يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ..﴾ (٢٦٩) البقرة.ولمن يريد معرفة معنى (الحكمة) فى المقصود الإلهى وليس حسب رأيه، أو حسب فهمه وإدراكه أو حسب اجتهاده، نقدم له هذه الآيات من سورة الإسراء من الآيه ٢٣ وحتى نهاية الآية ٣٩، وسوف يخبرك الله فى الآية ٣٩ عن معنى الحكمة، وسوف تعرف أن الحكمة هى الأخلاق، هى التزام محرمات الصراط المستقيم الذى هو الفرقان الذى آتاه الله لجميع الأنبياء، وأنها مجموعة الوصايا العشر التى جاءت لموسى ولعيسى، وهى المحرمات التى أوصى بها الله لكل الناس عموما التى هى محرمات الإسلام العام.. يقول تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا (٢٤)..... وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا..... (٢٦).... وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا..... (٢٩) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ.... (٣١) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (٣٢) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ... (٣٣) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (٣٤) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ.... (٣٥) وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ... (٣٦) وَلَا تَمْشِ فِى الْأَرْضِ مَرَحًا... (٣٧) كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (٣٨) ذَٰلِكَ مِمَّا أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ (الْحِكْمَةِ)...(٣٩).هذا هو معنى الحكمة فى المقصود الإلهى لمن يسأل، وهى ليست سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، كما قال الإمام الشافعى رحمه الله فى القرن الثانى الهجرى، ورددها خلفه كل المفسرين حتى يومنا هذا، إنما الحكمة حسب المصحف هى (الأخلاق)، هى التزام محرمات الصراط المستقيم (الفرقان)، المحرمات العامة على كل أصحاب الشرائع. الحكمة فى المقصود الإلهى هى (الأخلاق)، ويعطيها الله لمن يشاء من عباده ﴿يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ صدق الله العظيم.. والله تعالى أعلى وأعلم.يرى الدكتور محمد عبدالله دراز أن الإسلام هو الدين الذى أوحى به الله إلى كل الرسل والأنبياء وأن هذا المعنى تحول فى الاستعمال العرفى إلى معنى آخر هو شريعة محمد وحدها، حيث ينبغى التحرز من الدلالة المقصودة أصلا إلى الدلالة المفهومة عرفاالإعجاز حسب المفكر المغربى عبدالله العروى معناه أنه كتاب عربى ولكنه لا يشبه أى كتاب عربي، ففيه تطوير للغة وتطوير لاستخدام الألفاظ وفيه دقة متناهية وإعجاز يتناسب مع مؤلفه وقدراته اللامحدودةالمشكلات التى وقعت فيها التفاسير القديمةالتعامل مع كتاب الله على أساس الترادف (أى تشابه معانى الألفاظ) وعدم إدراك أن الكتاب جاء على (اللفظ) وأنه معجز ودقيقعدم التفريق بين الاستخدام البشرى للألفاظ والاستخدام الإلهى المعجز للألفاظ وتفسير الآيات حسب لسان العرب الشائعالخلط بين التاريخى والدينى فى كتاب الله، واستبدال الدينى بالتاريخى واعتبار التاريخى دينيا واستنباط أحكام من التاريخى وإضافتها إلى الدينى أى إلى (أحكام الرسالة المحمدية)عبدالله العروىالقول بأن النسخ الذى يعنى (الإلغاء أو التكرار أو التطوير للأحكام الربانية) يحدث داخل الشريعة نفسها!!. الخلط بين محمد (النبي) ومحمد (الرسول)، وعدم إدراك الفرق بين مقام النبوة البشرى ومقام الرسالة المعصوم الذى لا ينطق عن هويالدكتور محمد عبدالله درازاستبدال أحكام الكتاب ونسخها بما جاء فى بعض الأحاديث المروية عن النبى (ﷺ) مثل حكم الزنا الذى خفض فى الكتاب من الإعدام عند موسى إلى الجلد عند الرسولالخلط بين معنى لفظة «الإسلام» ومعنى لفظة «الإيمان» واختزال الدين كله الإسلام فى إحدى شرائعه وهى الشريعة المحمدية، والمطابقة بين الإسلام العام الذى نزل به كل الأنبياء من نوح إلى محمد وإحدى الطرق المؤدية إليه وهى الشريعة المحمدية، وما يسببه ذكر من تعصب ونرجسية دينية وتكفير لكل أهل الكتاب من المسيحيين واليهودالخلط بين مفهوم (العبادة) ومفهوم (الاستعانة)، ﴿إياك نعبد.. وإياك نستعين﴾، وتفسير العبادة على أنها إقامة الشعائر (حج وصلاة وصيام وزكاة) القول إن كل شريعة نسخت الشريعة السابقة لها، وهذا ليس عليه أى دليل قرآنى، بل إن التنزيل الحكيم، أكد أن يحتكم أصحاب كل شريعة لشريعتهماعتبار أن (الحكمة) تعنى (أحاديث النبى)(!!)، بينما أكد الله أنه أعطاها لأنبياء ورسل عديدين، وللقمان الذى هو ليس نبيا ولا رسولا، وأن الله يعطيها لمن يشاء من عباده!!الكتاب الإلهى دقيق ومعجز.. وطور استخدام الألفاظ وحمَّلها معانى جديدة والخلط بين التاريخى والدينى تسبب فى تشويه وإرهاب بلا حدودالأزهر ضمير الأمة المصريةالشيخ الطيب رفض المشاركة فى الجمعية التأسيسية لدستور الجماعة.. واعتبر معارضة «مرسى» جائزة شرعًا يعنى «اللاترادف» أن لكل لفظ معنى مختلف عن الآخر، بينما تعامل المفسرون على أن الإسلام هو الإيمان، والنبى هو الرسول، وجاء هى أتي، والروح هى النفس، والعرش هو الكرسي، والأب هو الوالد، والأم هى الوالدة، والبلاغ هو الإبلاغ، والإنزال هو التنزيل، والموت هو الوفاة، والكتاب هو القرآن، والقرآن هو الفرقان، والقسط هو العدل، والعام هو السنة، وكلام الله هو كلماته، والصلاة هى الصلوات، والعقم هو العقر، والنبأ هو الخبر، والذنب هو السيئة، والغواية هى الضلال والإسراف هو التبذير، والكافر هو المشرك والفقير هو المسكين،..... إلخ.كتب- محمود جمال عبدالعالأعاد البيان الصادر عن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف فى ٢٦ فبراير ٢٠١٩، بشأن الرد على بيان القصاص الصادر عن جماعة الإخوان الإرهابية إحياء فكرة دور المؤسسات الدينية فى مواجهة الحركات السياسية، التى تتكئ على تفسيراتها الخاصة للنصوص الدينية إلى الواجهة؛ حيث وسم البيان جماعة الإخوان بالإرهابية، فى أعقاب البيان الذى نشرته الجماعة على موقعها الإلكترونى بشأن القصاص للتسعة الذين تم إعدامهم فى قضية اغتيال المستشار هشام بركات.وتحاول أدبيات جماعة الإخوان الإرهابية منذ نشأتها إضفاء مبدأ التقديس على زعمائها، وهو ما يظهر عند مراجعة أدبيات الجماعة فى وصف مؤسسها «حسن البنا» الذى يحتكر لقب «الإمام»؛ إذ لم تُطلِق الجماعة هذا اللقب على أيٍ من قادتها فيما بعد، وأطلقت لفظة «فضيلة» لمن يتولى منصب المرشد العام. من الناحية الأخرى، ترى عدد من التحليلات السوسيولوجية أن إلصاق الفضيلة بالمرشد العام يتصل بمزاحمة الجماعة لموقع شيخ الأزهر باعتباره أعلى مرجعية دينية للإسلام السنى فى العالم؛ إذ ينفرد كذلك بلقب «فضيلة الإمام». وقد جاءت فكرة القداسة لدى التنظيم بشكلٍ مقصود، لضمان إرساء قاعدة الهيراركية داخل صفوف الجماعة، والتى تعتمد بشكلٍ كبير على إعلام قيم الولاء والبراء والطاعة للقيادات العليا. ورغم أن ترسيخ مبدأ التقديس أسهم بشكلٍ كبير فى تحقيق التماسك الداخلى لدى التنظيم، ولكنه فى الوقت نفسه عزز من فكرة الاستكانة وتراجع الاجتهاد، والاتجاه نحو التجمد الفكري؛ إذ لم يشهد فكر الجماعة تغييرًا جذريًا مقارنة بالحركات الإسلامية الأخرى فى الوطن العربى كالمغرب وتونس. ويُعد تراجع الاجتهاد وغياب التجديد من أكبر المشاكل التى تواجه الحركة خلال الثلاثة عقود الأخيرة. وعلى العكس من ذلك، يتسم الفكر الأزهرى بالتجديد والمراجعة الدورية للأحكام والتفسيرات لقولبتها وفق الظروف والأحداث التى تستجد على مجتمع المسلمين. ويُعد الاجتهاد أبرز ما يميز الأزهر عن التنظيمات الإسلامية الأخرى التى تغرق كثيرًا فى كتب التراث، والاجتهادات والآراء الفقهية للجيل الأول من الأئمة والفقهاء.محطات توتر ينظر تنظيم الإخوان للأزهر على أنه منافس لهم؛ إذ يحسبونه على السلطة السياسية، وهو ما جاء صراحة على لسان القيادى الإخوانى «حمدى حسن»، الذى وصف الأزهر بأنه مختطف فى عهد الشيخ «أحمد الطيب»، والمحاولات التى قام بها التنظيم بعد ٢٥ يناير لتحجيم دور الأزهر مثل محاولات عزله بعد حادثة التسمم فى المدن الطلابية لجامعة الأزهر، وكذلك محاولتهم تطبيق قانون العزل السياسى عليه.ونرصد محطات التوتر فى العلاقة بين الأزهر وجماعة الإخوان وصولًا إلى بيان مرصد الأزهر لمكافحة التطرف الذى اعتبر – ولأول مرة- الحركة تنظيمًا إرهابيًا، وربط بشكلٍ جلى بين دعوة الإخوان لمقاومة الدولة وسلطاتها، وأفكار تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» الذى يتبنى فكرة هدم الدولة القومية.١- معارضة تحصين منصب شيخ الأزهر فى ٢٠١٢: سارع المجلس الأعلى للقوات المسلحة قُبيل انعقاد مجلس الشعب ٢٠١٢ بإصدار مرسوم بقانون رقم ١٣ لسنة ٢٠١٢ بتعديل قانون الأزهر رقم ١٠٣ لسنة ١٩٦١، وبموجب هذا المرسوم، بات منصب شيخ الأزهر محصنًا باعتباره منتخبًا من هيئة كبار العلماء وليس معينًا من مبارك، وهو ما أفشل خطط جماعة الإخوان لعزل الشيخ «الطيب» الذى طالما اعتبروه جزءًا من نظام مبارك. وقد أثار التعديل وقتها حفيظة حزب الحرية والعدالة، وجماعة الإخوان كونه تم قبل انعقاد مجلس الشعب الذى يمتلكون أكثريته بثلاثة أيام. ٢- محاولات عزل الطيب شعر شيخ الأزهر منذ فوز حزب الحرية والعدالة وحلفائه بأكثرية مجلسى الشعب والشورى، وهيمنتهم على تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور بمحاولة جماعة الإخوان الهيمنة على الأزهر بغرض تطويعه لمصلحتهم، وكذلك النيل منه شخصيًا باعتباره يقف حجر عثرة أمام خططهم للهيمنة على المؤسسة، وهو ما ظهر فى محاولتهم تطبيق قانون العزل السياسى عليه باعتباره كان عضوًا فى لجنة السياسات بالحزب الوطنى قبل ثورة يناير ٢٠١١. إضافة إلى ذلك، عمد الإعلام المحسوب على جماعة الإخوان وقتها إلى التضخيم من مشكلات تسمم الغذاء بالمدن الطلابية لجامعة الأزهر، ووصلت الحملة وقتها حد مطالبة العناصر المحسوبة على التيار الإسلامى وقتها شيخ الأزهر بالاستقالة من موقعه.يُضاف إلى ذلك، تعمد القائمون على البروتوكول بمؤسسة الرئاسة التقليل من شأن شيخ الأزهر فى قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة، والتى شهدت حلف الرئيس المعزول «محمد مرسي» لليمين القانونية. وفوجئ الشيخ «الطيب» بعد حضوره للقاعة بأن المقعد المخصص له لا يليق بمقام المشيخة، ولا بوضع الإمام الأكبر وهو بدرجة رئيس وزراء مما اضطره للانسحاب من الحفل.٣- رفض قانون الصكوك الإسلاميةوقف الأزهر بحسم فى وجه قانون الصكوك الإسلامية الذى عملت عليه وزارة المالية بحكومة المهندس «هشام قنديل». وكانت معركة الصكوك من أبرز القضايا التى شهدت خلافًا بين الأزهر والإخوان ؛ إذ حاولت الجماعة تجاوز الأزمات الاقتصادية التى تمر بها البلاد وقتها بإصدار صكوك إسلامية مقابل الأصول المملوكة للدولة، وهو ما اعتبره الأزهر وقتها مخالفًا للشريعة الإسلامية. ووصل الأمر فى معركة الصكوك إلى تدخل «مرسي» وقتها، مؤكدًا أن اقتصاد السوق لا يتعارض مع الصكوك الإسلامية.٤- الانسحاب من الجمعية التأسيسية الأولىأثار انسحاب الأزهر من الجمعية التأسيسية الأولى غضب الجماعة على الأزهر. وانسحب الأزهر من تأسيسية الدستور مع الكنيسة المصرية، ولأسباب تتعلق بمحاولات تهميشه لصالح أعضاء حزب الحرية والعدالة الذين عمدوا إلى قاعدة المغالبة لا المشاركة والتوافق. واعتبر الأزهر وقتها أن مشاركته فى الجمعية التأسيسية لا تعكس أجندة سياسية للمؤسسة بل تهدف إلى تحقيق السلام وتغليب المصلحة العليا للبلاد، والشعب المصرى بمختلف طوائفه وأيديولوجياته.٥- مشاركة شيخ الأزهر فى بيان ٣ يوليواعتبرت جماعة الإخوان مشاركة الشيخ «الطيب» فى مشهد ٣ يوليو ٢٠١٣ طعنة لها؛ حيث اتهمته بالمشاركة فى مشهد عزل «مرسي»، وهو ما نفاه الأزهر وقتها معتبرًا أن مشاركته جاءت حقنًا للدماء، وتغليبًا للمصلحة العليا للبلاد بتجنيبها الوقوع فى خطر الحرب الأهلية. واصطدمت الجماعة بموقف الأزهر من مظاهرات ٣٠ يونيو ٢٠١٣ الذى طالما حاولت تطويعه لمصلحتها خلال العامين التاليين للثورة؛ إذ أصدر الأزهر بيانًا قُبيل انطلاق مظاهرات ٣٠ يونيو للرد على دعوات تكفير المعارضين، وتحريم مشاركتهم ضد نظام الحكم وقتها، واعتبر بيان الأزهر أن معارضة الحاكم جائزة شرعًا طالما ارتبطت بالسلمية والبعد عن العنف.التصعيد ضد الجماعةشكَّل بيان مرصد الأزهر لمكافحة التطرف صدمة لجماعة الإخوان باعتباره أول وثيقة صادرة عن إحدى هيئات الأزهر الشريف توسم الجماعة بالإرهاب، وهو ما ردت عليه الجماعة بإنكارها البيان الذى نشرته على موقعها الرسمى بعنوان «رسالة الإخوان: عزاء مؤجل، وقصاص مستحق».واعتبر الأزهر بيان الجماعة عن القصاص والعزاء رسالة مبطنة للشباب لمواجهة سلطات الدولة الرسمية. واعتبر بيان مرصد الأزهر أن الجماعة تسير على خطى تنظيم داعش، والتنظيمات الإرهابية المنتشرة فى المنطقة والتى تعمل على نشر الفوضى، وتهديد الأمن والأمان فى مصر. وتعرض بيان مرصد الأزهر إلى من يقف وراء الجماعة بالمال والسلاح، ويُعد هذا البيان مختلفا فى جوهره وملامحه؛ إذ تحدث بشكلٍ مباشر عن خيانة الجماعة للوطن. ودائمًا ما اعتبر الإخوان أن الأزهر وشيوخه يشكل عثرة أمام رواج فكر الجماعة لذا عمدوا بعد ٢٠١١ إلى محاولة سحب البساط من الأزهر وتحجيم دوره من خلال محاولات النيل من الإمام الأكبر نفسه. فى السياق ذاته، اعتبر الشيخ «محمد مختار جمعة» وزير الأوقاف أن بيان مرصد الأزهر عن جماعة الإخوان تاريخي؛ حيث كشف بين الزيف والضلال، وفرَّق بين الشهادة فى سبيل الله وترويع الآمنين.ختامًا؛ يُمثل الأزهر الشريف ضمير الأمة المصرية، وذاكرتها التاريخية؛ إذ شارك فى محاولة الاحتلال الفرنسى لمصر فى ثورتى القاهرة الأولى والثانية، وانطلقت من على منبره مقاومة الاحتلال البريطاني، وما تلا ذلك من حروب فى تاريخ مصر المعاصر. وقد أكدت أحداث ٢٠١١ الدور الوطنى الذى لعبه الأزهر لدعم الوحدة الوطنية، وتأكيد مفهوم المواطنة والدولة المدنية.
مشاركة :