قبلَ أنْ نبدأَ.. وأيًّا مَن كانَ.. أيًّا مَن كانَ.. شُلّت يدُ مَن تمتدُّ يدُه على جنديٍّ، أو ضابطِ جيشٍ مصريٍّ ..شُلَّت يدُ الإرهابِ أيًّا كانَ، ومهمَا كانَ مصدرهُ ومصادرهُ. شُلّت يدُ كلِّ مَن يسعَى لترويعِ مصرَ.. شُلّت يدُ مَن يحاولُ تفخيخَ مصرَ.. شُلّت يدُ مَن يسعَى لصوملةِ مصرَ، أو لبننةِ مصرَ، أو أفغنةِ مصرَ. وقبلَ هذَا وبعدَه أيضًا تحية للقائدِ العربيِّ الأبيِّ عبدالله بن عبدالعزيز وهُو يقولُ: سنقفُ معَ مصرَ ضدَّ الإرهابِ والضلالِ ، وكلِّ مَن يحاولُ المساسَ بشؤونِهَا الداخليةِ. لم تعد الأخبار من عينة مدرسة بريطانية تفصل طالبين يصران على إطلاق لحيتهما، أو مدرسة فرنسية تمنع طالبتين تصران على ارتداء النقاب؛ تثير هموم أو شجون المسلمين، فالحاصل أن أوروبا تراجع نفسها وتسمح بمساحات كبيرة من الحوارات البنّاءة التي تحول دون تفشي العنصرية. وبمقابل هذه المدرسة التي تمنع وتلك التي تصادر أو تفصل، هناك عشرات المدارس التي ترفض أي مساس بمشاعر الأقليات المسلمة، بل وتعاقب كل من تسول له نفسه الإساءة للطلاب والطالبات المسلمين. ومن الواضح ان رياح العنصرية لا تهب على الأبناء والبنات المسلمين في أوروبا إلا عقب كل كارثة أو إساءة لصورة الإسلام في البلاد الإسلامية أو حتى خارجها.. ويزداد الأمر خطورة مع التشغيل المستمر للآلة الإعلامية والإعلانية المضادة للإسلام، والتي سجلت بالفعل نجاحات ملحوظة على صعيد "الاسلاموفوبيا". ومن جهة أخرى فإن تصرفات المسلمين مع بعضهم داخل العديد من الدول الإسلامية تحفز الآخرين من غير المسلمين في أوروبا وغيرها على الترصد لكل فعل مهما كان شكليًا ولكل تصرف مهما كانت دوافعه الطيبة. وبعبارة أوضح لا ينبغي أن تُلام مدرسة بريطانية عاقبت طالبين لإطلاق لحيتهما وأنت تسمع أو تقرأ أو تشاهد مدرسة عربية تترصد الملتحين، أو مواطنين عرباً يترصدون المنقبات، ويغمزون ويتهامسون حول المحجبات. وبعبارة أوضح وأوضح لا تلومنّ برلمانا أوروبيا يناقش المخاوف مما يسمونه الأصولية الإسلامية وأنت تشاهد العديد من البرلمانات العربية تناقش نفس الموضوع بل بحرية أوسع وبتجرؤ أشد يقترب من مهاجمة الإسلام لا المسلمين ومن نقد الدين لا المتدينين. على أن المشهد الأوروبي لا يقتصر على هذه المشاهد التي قد تراها في عواصم إسلامية عدة، فهناك جمعيات وأحزاب سياسية تنافس الآن في الانتخابات بشعار مواجهة العنصرية ضد الأقليات. وعلى سبيال المثال لا الحصر تواصل شبكة "مدارس بلا عنصرية" في ألمانيا النجاح تلو النجاح، ومن المدهش أن الطلاب والمعلمين وجميع العاملين في المدرسة يوقعون على وثيقة تؤكد التزامهم بعدم السماح بأي شكل من أشكال التمييز أو العنصرية كشرط للالتحاق بها. وفي السويد، يتبنى الحزب الاشتراكي الديمقراطي برنامجا سياسيا يضمن العمل على مواجهة العنصرية في المدارس والجامعات. وفي بريطانيا نفسها تم فصل 387 تلميذا خلال السنوات الخمس الماضية لأنهم تفوهوا بألفاظ عنصرية ضد زملائهم رغم تحذير أولياء أمورهم. كنت في باريس في التسعينيات لحضور مؤتمر لاتحاد الطلبة المسلمين في أوروبا عندما كلفني رئيس تحرير الشرق الأوسط حينها بالتوجه إلى مدينة "جرنوبل" في الجنوب الفرنسي لتغطية أول أو أهم مظاهرة لسكان المدينة الذين خرجوا للتضامن مع فتاة فرنسية من أصل جزائري تم فصلها من مدرستها بسبب الحجاب.. وقبل أن أصل المدينة كانت السلطات الفرنسية قد قررت إعادة الفتاة لمدرستها بحجابها، بل والاعتذار لها.. حدث ذلك في وقت سطوع اليمين المتطرف، بزعامة جان ماري لوبون، وبعدها بسنوات طالبت النيابة العامة بإنزال عقوبة السجن عليه بتهمة الحض على كراهية الإسلام في ملصق انتخابي. لقد هز حادث مقتل المصرية المحجبة مروة الشربيني في يوليو 2009 على يد متطرف ألماني كافة الأوساط الألمانية والأوروبية التي نعت الصيدلانية المهذبة قبل أن يتم الحكم على القاتل بالسجن مدى الحياة. لقد بادر آلاف الشباب في عواصم إسلامية وعربية بحلق لحاهم تحسبًا لأي ترصد أو عقبات تحول دون توظيفهم أو حتى انخراطهم في المجتمع، فيما ظلت مدرسة "ميدنايت كارمل الثانوية" في بريطانيا تتفاوض مع الطالبين وأسرتيهما على ضرورة حلق اللحية قبل أن يتم عزلهما لا فصلهما! وقال مدير المدرسة إنه صبر عليهما طوال العام حتى اقتربت الإجازة الصيفية فطلب من والديهما ضرورة العودة بعد الإجازة وقد حلق ابناهما لحيتيهما دون جدوى! وفي كل الأحوال مازالت المفاوضات مستمرة بين المدرسة والأسرتين بوساطة مجلس بلدية مقاطعة لانكشير!. لقد بات على المسلمين مراجعة مفاهيم عديدة مقبل اتهام الآخرين باختراقها أو الإساءة لها.. ومن ذلك مفهوم التسامح الذي كدنا ننساه، ومفهوم الحوار الذي نسيناه، ومفهوم الصفح الجميل الذي وأدناه!. sherif.kandil@al-madina.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :