الحكم التونسي بين حملات التشكيك محليا والتألق خارجيا

  • 4/27/2019
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

مع اقتراب نهاية منافسات الدوري التونسي الممتاز بدأت حمى الاحتجاجات من أداء الحكام تزداد يوما بعد يوم، إذ لا تكاد تمر جولة دون أن يتهم بعض المسؤولين في هذه الأندية الحكام بارتكاب أخطاء فادحة ساهمت في تغيير مسار المباريات. والأمر الأكثر خطورة في هذه المسألة أن الاحتجاجات باتت تتخذ أشكالا تصعيدية من شأنها أن تهدد مصير الدوري في مراحله الأخيرة، والسبب في ذلك يعود إلى تأثر الجمهور الرياضي بتصريحات هؤلاء المسؤولين مما تسبب في وقوع بعض أعمال العنف والشغب. وفي المباراة الأخيرة بين الاتحاد المنستيري والترجي الرياضي خسر الفريق المحلي، لكن هذه الخسارة لم تستوعبها جماهير الاتحاد خاصة وأنها اعتبرت أن حكم هذه المباراة كان سببا مباشرا في حصول الهزيمة بسبب قراراته الخاطئة بحق ناديها. ومباشرة إثر نهاية هذه المباراة شهد محيط ملعب المنستير أحداث شغف وعنف وصدامات قوية بين أعوان الأمن وجماهير الفريق المضيف الذي لم يقبل حصول هذه الخسارة بسبب قناعته أن الحكم “حرم” الاتحاد من الفوز. هذه الفكرة تبناها أيضا عدد من مسؤولي الفريق حيث صرّح خالد بوزقرو المسؤول عن قطاع الكرة بالاتحاد لـ”العرب” قائلا “في العادة نتقبل دائما النتيجة مهما كانت، لكن القرارات التحكيمية الجائرة في مباراتنا ضد الترجي الرياضي حرمتنا من الفوز، لقد كان أداء الحكم المساعد سيئا للغاية وكل قراراته كانت لفائدة الفريق المنافس، لا يمكننا السكوت على مثل هذه التجاوزات”. وفي الجولة السابقة أيضا من منافسات الدوري الممتاز عرفت مباراة النادي الأفريقي وضيفه اتحاد بن قردان غضبا كبيرا من إدارة الفريق المضيف وجماهيره حيث وقع التشكيك في حكم المباراة وتم اتهامه بمحاباة الفريق المنافس ومساعدته على الظفر بنقاط الفوز. وفي هذا السياق أوضح كمال بن خليل الناطق الرسمي للنادي الأفريقي في حديثه لـ”العرب” أن حكم المباراة ارتكب أخطاء عديدة وكانت قراراته لفائدة الفريق الضيف، مضيفا “كانت فضيحة تحكيمية بأتم معنى الكلمة، لقد وقع الاعتداء على حقوق فريقي خاصة بعد أن وقع الاختيار على حكم كان موقوفا لمدة عام ليعود ويضر بالفريق ويتسبب في هزيمته”. الحملات لن تهدأ مع اقتراب منافسات الدوري الممتاز من خط النهاية سيحتدم الصراع على ضمان البقاء خاصة وأن ستة فرق مازالت معنية بحسابات النزول والبقاء، والأمر المؤكد في هذا السياق أن الاحتجاجات والاتهامات لن تهدأ ضد الحكام، فأي خطأ يرتكبه حكم إحدى المباريات سيكون بمثابة “سكب الزيت على النار”، فالخطأ ممنوع والعثرة غير مسموح بها. وفي هذا الخضم مازالت أسهم النقد مصوبة نحو الاتحاد التونسي لكرة القدم وكذلك لجنة التحكيم المعنية باختيار حكام المباريات، حيث تعتبر بعض الأندية أن سياسة المحاباة وخدمة مصالح أندية على حساب الفرق الأخرى قد تجعل منافسات الدوري غير متوازنة. بيد أن هشام قيراط رئيس لجنة التحكيم التابعة لاتحاد الكرة فنّد كل هذه الادعاءات والتخوفات قائلا في تصريح خاص لـ”العرب” “كل الادعاءات باطلة ولا أساس لها من الصحة، فالحكام التونسيون مجتهدون، ولا وجود البتة لحسابات ضيقة، فرغم أن الحكام يخطئون أحيانا ويصيبون في أحيان عديدة، إلا أن الأندية التي تعجز عن الفوز لا تجد سوى اتهام الحكام لتبرير فشلهم”.وأشار في سياق متصل إلى أن لجنة التحكيم تأخذ بعين الاعتبار عدة شروط قبل تعيين الحكام لإدارة المباريات قائلا “قبل المباريات تتفحص إدارة التحكيم مليا عند اختيار الحكام، فبعض الأندية ترفض أحيانا بعض الحكام الذين لديهم سوابق معها، لذلك تتم عملية الاختيار وفق أسس واضحة ترتكز أساسا على نزاهة حكامنا”. ورغم الاتهامات وحملات التشكيك التي لا تنتهي ضد الحكام في تونس، إلا أن وضع هؤلاء الحكام خارجيا يبدو مغايرا تماما لما هو موجود في المنافسات المحلية، ذلك أن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم غالبا ما يلجأ لتعيين الحكام الدوليين التونسيين لإدارة مباريات هامة وصعبة في المنافسات القارية سواء المتعلقة بالأندية أو المنتخبات. وضع مشرف فضلا عن ذلك فقد وقع ترشيح خمسة حكام قصد المشاركة في معسكر تحضيري استعدادا للمشاركة في إدارة مباريات كأس أمم أفريقيا المقرر إقامتها خلال شهر يونيو في مصر. وهذا العدد الكبير من الحكام التونسيين قد يوضح نسبيا مكانة التحكيم التونسي في القارة، وفي هذا السياق أوضح قيراط في حديثه لـ”العرب” بالقول “مستوى التحكيم التونسي تطور بشكل لافت، لقد أعددنا جيلا جديدا من الحكام سيكون لهم شأن كبير دوليا خلال السنوات المقبلة”. وبدوره شدد أمين برك الله عضو جمعية الحكام التونسيين على أن كل الاتهامات الموجهة ضد الحكام مردودة على أصحابها، قائلا في حديثه لـ”العرب” “في أغلب الأحيان عندما تعجز بعض الأندية عن تحقيق نتائج جيدة يتم تلفيق التهم جزافا للحكام، فرغم وجود بعض الأخطاء التقديرية إلا أنه لا وجود لأي نوايا سيئة، ولا أعتقد بوجود حكام مستعدين للتضحية بمسيرتهم من أجل خدمة مصالح أندية بعينها”. ونوه برك الله بتحسن أداء الحكام في تونس مضيفا “رغم المشكلات المادية التي يعيش على وقعها الحكام في تونس وكذلك حملات التشكيك المستمرة إلا أن التحكيم التونسي يتمتع بسمعة طيبة للغاية على الصعيد القاري”.

مشاركة :