د.جوزيف رامز أمين يكتب: سياسة مصرية خارجية متنوعة و دائمة

  • 4/30/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

فى وقت تلاقت فيه تباشير الأعياد فى مصرنا الحبيبة وتعانقت رموز الوحدة الوطنية فى الوطن الخالد بقدوم أعياد وافراح القيامة المجيدة وشم النسيم البهيج والجامع للكل جنبا الى جنب مع مجىء شهر رمضان المبارك قارعا على الأبواب...لنثبت دائما للداخل والخارج بأننا بلد الوحدة والتآخى رغم التعددية والتنوع...وفى هذا التوقيت على وجه التحديد تجىء سياستنا الخارجية على قدر كبير من التنوع والانفراد والاندماج مع العالم بأسره"المتقدم والنامى"وقضاياه المحورية السياسية والاقتصادية والأمنية "شرقا وغربا",عربيا وافريقيا. فلقد فرغ الرئيس عبد الفتاح السيسي للتو من المشاركة الفعالة وطرح العديد من المبادرات والأفكار خلال زيارته الأخيرة للصين ومشاركته مترأسا الوفد المصرى في المؤتمر الثاني لمبادرة (الحزام والطريق)، الذي انطلق صباح "الجمعة" الماضية بحضور 38 رئيس دولة وحكومة في بكين وموضحا " أن الاستثمار في البنية الأساسية هو أساس التنمية، ولعل هذا هو أساس مبادرة "الحزام والطريق,مشددا خلال كلمته الافتتاحية بمبادرة الحزام والطريق أو المائدة المستديرة، أن ما حدث في مصر من مشروعات وتنمية وإصلاح اقتصادي على مستوى الخمس سنوات الماضية والتي شملت جميع أنحاء القطر المصري في جميع المجالات يمثل جهدا دؤوبا ويتمشى مع أهداف المبادرة ,خاصة انه جاء بجانب مكافحة الإرهاب واستعادة الاستقرار والأمن في الدولة,وهو مالاقى تقديرا دوليا للمواقف المصرية التي أظهرتها لقاءات الرئيس مع عدد من زعماء وقادة العالم. وبداية وكما ذكر بعض الكتاب فان مشاركة مصر فى تلك المرة كانت مختلفة عن المؤتمر الأول الذي عقد في مايو 2017 لعدة أسباب، أبرزها نجاح تجربة الإصلاح الاقتصادي المصري بشهادة المؤسسات الاقتصادية العالمية، وثانيها حجم الإنجاز الهائل الذي تحقق خلال تلك الفترة في المشروعات القومية المتنوعة وبدء افتتاح بعض هذه المشروعات، وثالثها تثبيت أركان الدولة المصرية ودخول مصر إلى مصاف الدول المستقرة أمنيا وسياسيا,وهو ما جعل من مصر دولة جاذبة للاستثمارات، وجعلتها تحتل مكانة القلب في مبادرة (الحزام والطريق)...وحتى لم يمنع اجراء الاستفتاء الدستورى الأخير من كم الزخم وحجم اللقاءات التى أجراها الرئيس /السيسى مع قادة وزعماء "الصين وروسيا والامارات والبرتغال وايطاليا والاتحاد السويسرى وغيرها",بل أضاف اليها المزيد من القوة والمكانة...التى استمدتها مصر من نتيجة الاستفتاء والمشاركة الايجابية فيه , ولقد التقى الرئيس السيسى ثلاثة من كبار قادة أوروبا هم: رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي ، ورئيس البرتغال مارسيلو دي سوزا ورئيس سويسرا أولي ماورر ، تلك اللقاءات الثلاثة بجانب لقاءى الرئيسين:الصينى والروسى الاستراتيجيين تناولت العلاقات الثنائية والتعاون المشترك، وجذب استثمارات جديدة في المشروعات القومية الكبري والصناعة ومحور قناة السويس، وأهمية تنمية جنوب البحر المتوسط ودوّل القارة السمراء...وأيضا القضايا الثنائية بين مصر وتلك البلدان. العلاقة الثنائية المتميزة مع الصين:التقى الرئيس /السيسى :الرئيس الصيني/ شى جين بينج، ليصبح هذا اللقاء هو العاشر فيما بين الرئيسين، وسادس زيارة يقوم بها إلى الصين، بما يعكس حجم التقارب بين الرئيسين بعد أن تطورت العلاقات بين الدولتين، لتصبح علاقة استراتيجية طبقا لإعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين عام ألفين وأربعة عشر ,ونقل المتحدث باسم رئاسة الجمهورية السفير بسام راضي القول إن اللقاء كان حميميا، وتم خلاله بحث كل أوجه التعاون في مختلف المجالات، وتعميق الدور المصري في مبادرة (الحزام والطريق) من خلال الربط بين مصر وإفريقيا، خاصة أن مصر ترأس الاتحاد الإفريقي، والصين تضع إفريقيا في بؤرة اهتمامها باعتبارها قارة واعدة اقتصاديا وسياسيا، وأطلقت منتدى التعاون الصيني /الإفريقي ليدشن حقبة جديدة من التعاون مع إفريقيا,كما التقى الرئيس السيسي مع وفد ضخم من كبار رجال الأعمال الصينيين ورؤساء كبرى الشركات ,عقب إلقاء الرئيس كلمته فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، وكانوا يمثلون كبرى الشركات في مختلف المجالات. من المؤكد أن التعاون المصري الصيني يمكن أن يمتد إلى مجالات عديدة ضمن مبادرة (الحزام والطريق)، في ضوء زيادة معدلات التعاون الثنائي، خاصة أن مصر تقوم بإنشاء العديد من المشروعات القومية العملاقة في مجالات الطرق والموانئ والطاقة، وإنشاء المنطقة الاقتصادية في شرق قناة السويس؛ مما يضع مصر في قلب مبادرة (الحزام والطريق)، في ظل ما تتمتع به من موقع استراتيجي بين قارتي آسيا وإفريقيا، وارتباطها بقارة أوروبا عبر البحر المتوسط. "يساعد على ذلك التاريخ فمصر والصين هما الحضارتان الأقدم عالميا، وهما مؤهلتان من جديد للعودة إلى صدارة العالم في المكان الذي يستحقانه، ومصر نجحت في استعادة مكانتها القيادية (عربيا وإفريقيا)، وتسير في طريقها لتصبح من كبار العالم، والصين أصبحت القوة الثانية عالميا في الاقتصاد وتسعى لتصبح القوة الأولى خلال 10 سنوات...وبلغت التجارة فى السلع بين الصين ودول الحزام والطريق تريليون و300 مليار دولار خلال 2018 بارتفاع 16.4% على أساس سنوي، بينما ارتفعت نسبة الخدمات خلال عام 2017 بواقع 18.4% مقارنة بتلك المسجلة عام 2016 لتصل إلى 97.7 مليار دولار كما زادت التدفقات التجارية بين الدول المشاركة -وفقا للتقرير- بنسبة تصل إلى 4.1%، فيما أصبحت الأنماط التجارية الجديدة مثل التجارة الإلكترونية عبر الحدود محركا مهما للتجارة فيما بين البلدان المشاركة فى المبادرة. ولقد تم التنفيذ الكامل لجميع مخرجات الدورة الأولى من قمة منتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي، والتى تتكون من خمس فئات رئيسية و76 مشروعا أساسيا و279 نتيجة ملموسة، حيث أصبح منتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولى منصة مهمة لجميع الدول والمنظمات المشاركة فيه، لتعميق التبادلات وتعزيز الثقة والحفاظ على اتصالات وثيقة,وتهدف المبادرة إلى بناء مجتمع ذى مصير مشترك للبشرية، وتحقيق مبدأ النمو المتبادل من خلال المشاركة والتعاون، والإسهام فى دفع إصلاح نظام الحوكمة الدولية والعولمة الاقتصادية. وكان منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي الأول قد عقد في بكين يومي 14 و15 مايو عام 2017، بحضور قادة دول وحكومات 29 بلدا، إضافة إلى أكثر من 1600 مشارك من أكثر من 140 دولة و80 منظمة دوليةيشار إلى أن 123 دولة و29 منظمة دولية وقعت اتفاقيات حول مبادرة (الحزام والطريق) مع الصين، وأن هذه الدول والمنظمات الدولية أيدت بصورة واضحة المبادرة. قمتان إفريقيتان للتشاور حول السودان وليبيا:ًأيضا :بوصفه رئيسًا للاتحاد الإفريقي ,ورغبة من مصر فى وضع بصمتها على القضايا الأفريقية المثارة استضاف السيسى بالقاهرة الثلاثاء الماضى اجتماعين إفريقيين على مستوى القمة للتباحث حول الشأنيين السوداني والليبي,وذكرت الرئاسة المصرية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الاتحاد الإفريقي استضاف قمة تشاورية للشركاء الإقليميين للسودان بمشاركة الرئيس إدريس ديبي رئيس تشاد، ورئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلة ورئيس رواندا بول كاجامي ورئيس الكونغو ساسو نيجسو، ورئيس الصومال عبد الله فرماجو ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، فضلًا عن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقيه، ودميكي ماكونين نائب رئيس الوزراء الإثيوبي، وشارك في القمة توت جالواك مستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية، ومبعوثون عن رؤساء كل من: أوغندا وكينيا ونيجيريا. ولقد تم تمثيل عدد من المنظمات الإقليمية المنخرطة في الشأن السوداني حيث شاركت الكونغو، الرئيس الحالي للمؤتمر الدولي للبحيرات العظمى، وإثيوبيا، الرئيس الحالي لتجمع الإيجاد، فضلا عن ترويكا الاتحاد الأفريقي، التي تضم الرئيس السابق (رواندا) والحالي (مصر) والمقبل (جنوب أفريقيا) بالإضافة إلى دول جوار السودان. واستهدفت القمة مناقشة تطورات الأوضاع في السودان وتعزيز العمل المشترك والتباحث حول أنسب السُبل للتعامل مع المستجدات الراهنة على الساحة السودانية وكيفية المساهمة في دعم الاستقرار والسلام هناك. فى نفس الوقت فان السيسي استضاف اجتماع قمة الترويكا ورئاسة لجنة ليبيا بالاتحاد الإفريقي بمشاركة رؤساء رواندا وجنوب إفريقيا عضوي ترويكا الاتحاد الإفريقي، ورئيس الكونغو بصفته رئيسًا للجنة المعنية بليبيا في الاتحاد الإفريقي، فضلًا عن رئيس المفوضية الإفريقية موسى فقيه,وحيث تمت مناقشة آخر التطورات على الساحة الليبية وسُبل احتواء الأزمة الحالية وإحياء العملية السياسية في ليبيا والقضاء على الإرهاب. وأيا كانت الآراء فان مجرد انعقاد تلك القمم والأنشطة فى وقت زمنى قصير للغاية يثبت أن مصر تؤدى دورها على الساحة الأفريقية بكل قوة وفى تواجد كل الفاعلين الاقليميين والمنخرطين بشكل مباشر فى أوضاع تلك الدول والأزمات القائمة بها,كما يرسخ من الدور المصرى فى القارة والمكانة التى تتبؤها فى أنحاء القارة.

مشاركة :