د.جوزيف رامز أمين يكتب: أزلية العلاقات المصرية - الإثيوبية‎

  • 12/19/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

حسنا فعل كل من الأنبا بيمن منسق العلاقات الكنسية بين مصر واثيوبيا والقمص انجليوس النقادى مسؤول الكنيسة القبطية فى اثيوبيا بعمل لقاءات تليفزيونية تحمل معانى الود والاخاء بين الكنيستين والشعبين فى كل مصر واثيوبيا على مدار العصور، وبما يعنى انها لا يمكن ان تتأثر بأى طارئ...وحيث يخطئ من يعتقد ان الازمة والتى حدثت مؤخرا بين الكنيستين حول دير السلطان قد تدعو الى الخصام او المقاطعة بينهما ..خاصة أن تاريخ العلاقة بين الكنيستين يبلغ حوالى ١٧٠٠ عام، وأنها "أى تلك الازمات..وغيرها..حتى ازمة سد النهضة " من الممكن ان تحل بالحوار والدبلوماسية الهادئة بدون اى تفريط فى الحقوق التاريخية، وبدون ادنى تنازل عن الحكم الصادر من المحكمة الاسرائيلية العليا لمصلحتنا... فقد حكمت محكمة العدل العليا الإسرائيلية أعلى سلطة قضائية فى اسرائيل بتاريخ 16 مارس 1971م لصالح الكنيسة القبطية لما لديها من مستندات تثبت ملكيتها وحيازتها للدير كوضع قانونى دائم فى الأراضى المقدسة، ولكن للأسف رفضت السلطة الحاكمة تنفيذ قرار المحكمة .يذكر ان الكنيسة المصرية القبطية الأرثوذكسية أصدرت بيانا مؤخرا بخصوص دير السلطان فندت فيه الادعاءات الإثيوبية حول ملكية دير السلطان والتى تعد مغالطة تاريخية ، و أكد البيان أن دير السلطان كان وسيظل أحد ثوابت مقدسات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى الأراضى المقدسة لكل مصرى فى العالم أجمع. وهو أحد أديرة الكنيسة القبطية خارج مصر ومبانى الدير ومشتملاته ومكوناته تدل على هويته القبطية شأنه شأن جميع الأديرة القبطية وهو جزء من ممتلكات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى الأراضى المقدسة، فهو مجاور لبطريركية الأقباط الأرثوذكس والكلية الأنطونية وباقى الممتلكات بالمنطقة ...كما تنأى الكنيسة القبطية عن الرد على ما جاء فى بيان الكنيسة الأرثوذكسية التوحيدية الإثيوبية الشقيقة بخصوص دير السلطان والصادر فى 5 نوفمبر 2018 لما فيه من اتهامات ظالمة واهانات جارحة ومغالطات تاريخية بخصوص ملكية وحيازة دير السلطان القبطي كما شكرت الكنيسة كل من قام بالمساهمة فى الحفاظ على الهوية القبطية المصرية لدير السلطان مثمنة دور الحكومة المصرية بكل أجهزتها فى الحفاظ على هذا الدير القبطى كأرض مصرية ,وخاصة أن حكم محكمة الصلح الإسرائيلية الصادر فى 28 أكتوبر 2018م بخصوص الترميم فى دير السلطان اقتصر على أعمال الترميم على الأماكن الخطرة فقط داخل كنيسة الملاك ميخائيل وأن يكون ذلك تحت اشراف مهندس مُعَين من قبل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية . مع ذلك لا تزال العلاقة بين الكنيستين المصرية والاثيوبية قائمة على أسس المحبة والتعاون والاحترام المتبادل وقد ظهر ذلك جليا فى الزيارات المتبادلة المملوءة محبة بين بطاركة الكنيستين فى العصر الحديث. وما نريد توضيحه ان الازمة التى حدثت لا تكون مدعاة أبدا للخصام أو المقاطعة أو وقف الزيارات وغيرها من مظاهر الود والمصالحة...الامر الذى سينعكس بلا ادنى شك على تصرف الجانب المقابل والعمل على حفظ روح الود والصداقة والمحبة حتى لو اختلفنا وتنازعنا.. ولعل تعبير العلاقات الازلية لا يأتى من فراغ وانما يرتبط بعوامل الجغرافيا والتاريخ والسياسة والانثربولوجى وكافة العوامل الحياتية والاستراتيجية منذ الاف السنين.. ولعلى أجد نفسى حاليا بحاجة الى التكرار لأعيد على مسامعكم تناول أهمية اثيوبيا لمصر...فهى احدى دول القرن الافريقى وحوض نهر النيل شديدة الاهمية لمصر وهى تمدها بحوالى ٨٦%من مصادرها المائية..فضلا عن حمايتها العمق الجنوبى لمصر..وفوق ذلك هى دولة محورية وصاحبة حضارة وتاريخ عتيد و هى دولة صاحبة قدرات شاملة فى الاقليم...كما انه يوجد اطار كامل من العلاقات بين البلدين..سواء : ثنائى... أو كنسي..أو اقليمى..وقارى..ودولى..وان هذه العلاقات ضاربة فى القدم..وحديثا تعد من أقدم العلاقات بين مصر وأشقائها الافارقة..ولقد تطورت العلاقات بين البلدين مؤخرا وعادت دبلوماسية القمة بقوة فى اللقاءات المباشرة بين قيادتى البلدين...كما تحسنت العلاقات الكنسية بين البلدين وتبادل الانبا/ماتياس والبابا/ تواضروس الزيارات فى يناير ومارس ٢٠١٥.. فى زيارات ود ومحبة وتصالح دائم..وهو امر لا يمكن الرجوع عنه او تغافله.. ولعل الامر الواجب فعله بصرف النظر عن تغير القيادات والمواقف هو العمل على تحقيق المعادلة الايجابية ومحاولة كسب الود والمصالح معا...والتعامل بحرص واهتمام مع الجانب الاثيوبى ومحاولة فهم سيكولوجية التعامل معه.. وحيث أن هذا يكون فى صالحنا.ولقد أظهر الرئيس السيسى رد فعل طيب للاشقاء فى اثيوبيا وأبدى حسن نية واضحة فى التعامل معهم...سواء فى زياراته المتكررة لاثيوبيا او فى لقائه مع قياداتها السابقة والحالية وكذا خطابه للبرلمان الاثيوبى مارس ٢٠١٥.. الامر الذى كان له بالغ الاثر فى تحقيق التقارب بين الجانبين..ووضع النقاط فوق الحروف فيما يتعلق بنقاط الاتفاق او الخلاف بين الجانبين..كما اعلن صراحة ان العلاقات بين البلدين تاريخية و أزلية..من ثم..فانه من الضرورى والاهمية عدم التضخيم او المبالغة عند الحديث عن العلاقات المصرية-الاثيوبية..وان نضع فى الاعتبار الدور الخفى الذى لعبه الجانب الاسرائيلى فى تصعيد قضية الدير..والتعسف الواضح تجاه الرهبان المصريين..ويجب التصرف بحكمة واستمرار التنسيق بين الكنيسة والخارجية المصرية وكافة الاطراف المعنية بالازمة للحفاظ على مصالحنا وملكيتنا الموثقة للدير...ولكن بدون الاخلال بالتوازن المطلوب والحفاظ على أزلية العلاقات المصرية- الاثيوبية.. يجب علينا الحفاظ على المحددات الحاكمة للعلاقات المصرية الإثيوبية، والتحديات التي تواجهها، كالمحدد المائي والتدفقات المائية لنهر النيل وحيث تأتي من إثيوبيا ، بجوار المحددات السياسية، والمحدد الثقافي، والمحدد الديني، والمحدد الاقتصادي، والمحدد الإقليمي. يجب كذلك دراسة السياسة الإثيوبية، والكشف عن حدود تأثيراتها على مصر، فى ظل صعود آبي أحمد إلى منصب رئاسة الوزراء وتغير السياسة الإثيوبية يرتبط بمدى قدرة القاهرة على بناء سياسات واقعية للتعاطي معها. ومن أجل ذلك يمكن رصد ثلاثة مسارات للعلاقات، أولها التعاون الثنائي، والثاني تعزيز العلاقات تجاه السودان واثيوبيا، أما المسار الثالث فيتعلق بالتعاون الإقليمي .

مشاركة :