كانت هناك أجمة «أى مجموعة أشجار ملتفة» فيها أسد عظيم؛ وهو ملك تلك الناحية، ومعه سباع كثيرة وذئاب وبنات آوى وثعالب وفهود ونمور؛ وكان هذا الأسد منفردا برأيه دون أخذ برأى أحد من أصحابه؛ فلما سمع خوار الثور، ولم يكن رأى ثورًا قط، ولا سمع خواره؛ لأنه كان مقيمًا مكانه لا يبرح ولا ينشط؛ بل يؤتى برزقه كل يوم على يد جنده.فأمر أحد السباع بالذهاب إلى الثور، فلما ذهب إليه قال: إن الأسد أرسلنى إليك لآتيه بك. وأمرني، إن أنت عجلت إليه طائعًا، أو أؤمنك على ما سلف من ذنبك فى التأخر عنه وتركك لقاءه؛ وإن أنت تأخرت عنه وأحجمت، أن أعجل الجرعة إليه فأخبره. قال له الثور: ومن هو هذا الأسد الذى أرسلك إلي؟ وأين هو؟ وما حاله؟ قال له هو ملك السباع، وهو بمكان كذا، ومعه جند كثير من جنسه، فرعب الثور من ذكر الأسد والسباع. وقال: إن أنت جعلت لى الأمان على نفسى أقبلت معك إليه، فأعطاه الأمان.ثم أقبل والثور معه، حتى دخلا على الأسد فأحسن الأسد إلى الثور وقربه وأكرمه وأنس به وأتمنه على أسراره وشاوره فى أمره، ولم تزده الأيام إلا عجبًا به ورغبة فيه وتقربا منه؛ حتى صار أخص أصحابه عنده منزلة.فلما رأى السبع أن الثور قد اختص بالأسد دونه ودون أصحابه، حسده حسدًا عظيمًا، فوشى ذلك السبع بينهما حتى قتل الأسد الثور؛ وتبين القصة أنه إذا ابتلى المتحابان بأن يدخل بينهما الكذوب المحتال، لم يلبثا أن يتقاطعا ويتدابرا.
مشاركة :