نصت المادة ١٠٠ من الدستور على أن لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء والوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم، ولا تجري المناقشة في الاستجواب إلا بعد 8 أيام على الأقل من يوم تقديمه، وذلك في غير حالة الاستعجال وموافقة الوزير، وبمراعاة حكم المادتين 101 و102 من الدستور يجوز أن يؤدي الاستجواب إلى طرح موضوع الثقة على المجلس. ولقد سبق في مقالات عدة طرح موضوع عدم العبث بمواد الدستور وأدواته، دون أن يلتفت إلى تحذيراتنا أحد، فالمشاركة في الانتخابات الأخيرة كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر الدستور، وجعلته خاوياً من محتواه، وشرعت للعبث به وبمواده، ورسخت مبادئ جديدة لا علاقة لها بالمحاسبة والمراقبة، وأضعفت دور النائب الحقيقي، الأمر الذي سبق أن حذرنا منه، فالحفاظ على الدستور أفضل بكثير من المشاركة في تدميره، وهو ما نراه اليوم بعد المشاركة في شرعنة كل ما هو مخالف للدستور ومواده. اليوم نشاهد قوة الحكومة التي بلغت ذروتها وضعف المجلس الذي وصل إلى أسوأ حالاته، حيث التمثيل على الشعب بدلاً من تمثيله، وإخراج مسرحيات عبثية كانت نتائجها عكسية على الدستور ومواده، الأمر الذي جعل معظم النواب يخافون العودة إلى صناديق الاقتراع خوفاً من ناخبيهم لسوء أدائهم الذي أوقعتهم فيه الحكومة، ليتبعوا أهواءها ضاربين عرض الحائط بقسمهم ووعودهم لناخبيهم. ما حصل في جلسة استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء لم يكن مفاجئاً ولا هو بغريب، ولكن الغريب أن يصوّت نوابٌ طالبوا بجلسة العفو الشامل، وترفض الحكومة حضورها، فيوافقون على إحالة الاستجواب للتشريعية وبجلسة سرية ليثبتوا بالدليل القاطع أن كل ما كنا نشاهده مجرد أدوار مرسومة ومعدة لهم ليمثلوا على الأمة. يعني بالعربي المشرمح: يا ممثلي الأمة مثلوا مثل ما تبون، واعقدوا صفقات كما تشاؤون، ولكن اتركوا الدستور ومواده لنا، فلا تعبثوا به باستجوابات كرتونية تجعلون أهم مواده معرضة للعبث، ولا تجعلوا منه أداة لمبتغاكم ومبتغى الفاسدين.
مشاركة :