عِبَادة الله شَرفٌ عَظيم، وعَملٌ هَميم، وكُلٌّ مِنّا لَه فَلسفته في العِبَادة.. وحتَّى لَا يَتيه الفِكر في شَرح هَذا الكَلَام؛ دَعونا نُقيّده بالدَّليل والأحكَام..! يَقول الإمَام «علي بن أبي طالب» -كرّم الله وَجهه- في فَلسفته في العِبَادة: (رَبِّ مَا عَبَدْتُكَ طَمَعًا فِي جَنَّتِكَ، وَلاَ خَوْفًا مِنْ نَارِكَ).. ولَم يَكتفِ الإمَام «علي» بهَذا الكَلَام، بَل وسّع الدَّائرة قَليلًا، فقَال: (إِنَّ قَوْمًا عَبَدُوا اللهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ.. وَإِنَّ قَوْمًا عَبَدُوا اللهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ العَبِيدِ.. وَإِنَّ قَوْمًا عَبَدُوا اللهَ شُكْرًا فَتِلْكَ عِبَادَةُ الأَحْرَارِ)..! لَا أُجزم بدِقّة نِسبة هَذه الكَلِمَات إلَى الإمَام «علي» -رَضي الله عَنه-، ولَكنَّني وَجدتُها مَنسوبة إليهِ في بَعض الكُتب، لذَلك أَطرحها هُنَا عَلى أنَّها مَقولات، ولَيست حَقَائق..! إنَّ العِبَادة هي هَمزة وَصل بَين الإنسَان وربّه، لذَلك مِن المُمكن أنْ يَستوعب مَفهوم العِبَادة كُلّ عَمل صَالِح، وفي ذَلك يَقول شَيخنا الجَليل «علي الطنطاوي»: (العِبَادة لَيست في المَسجد وَحده، بَل إنَّ جَميع الأعمَال النَّافِعَة الخَالِصَة لله عِبَادة)..! تَعالوا نَتأمَّل الأفعَال الخيّرة، التي تَدخل في إطَار العِبَادَات، ولنتَذكَّر أنَّ تَبسُّمنا- ونَحن مُجتمع العبوس- في وَجه مَن يَلقانا صَدَقَة «أي عِبَادة»، وأنَّ إمَاطَة الأذَى عَن طَريق النَّاس صَدقة «أي عِبَادة»، وأنَّ مُسَاعدتنا للآخرين صَدقة «أي عِبَادة»، وأنَّ وقوفنَا إلَى جَانب مَن يَحتاجنا صَدقة «أي عِبَادة»، لذَلك يَقول الأثَر: (اللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا دَامَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ)..! لقَد اختَصر الشَّاعِر المُتفَائل «إيليا أبي ماضي»؛ مَعنى التَّعبُّد، عِندَما رَأى النَّاس يَتعبَّدون الله؛ مِن خِلال صَبرهم عَلى الجوع، ولِبسهم الأصوَاف والخِرق البَالية، فقَال في ذَلك: لَيْسَ التَّعَبُّدُ أَنْ تَبِيتَ عَلَى الطّوَى وَترُوحَ فِي خُرقٍ مِنَ الأَثْوَابِ لَكِنَّهُ إِنْقَاذُ نَفْسِ مُعَذَّبٍ مِنْ رِبْقَةِ الآلاَمِ وَالأَوْصَابِ حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ نُذكّر أنَّ كُلّ عَمَل مُثمر جيّد مُفيد للنَّاس هو عِبَادة، ابتدَاءً مِن التَّبسُّم في وجُوه الآخرين، وانتهَاءً بغَرس شَجرة مُبَاركة؛ قَد يَستظل تَحتها رَجُل مُتعب بَعد مِئَات السِّنين..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :