تشكل المقتنيات الخاصة بالجماعة الفنية، التى يحتفظ بها متحف المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، إرثا فنيا ضخما، نظرا لما يحفظه من تاريخ يمثل حركة وتطور الفنون المسرحية والموسيقية والغنائية بشكل كبير.يعد الطربوش جزءا أساسيا من الزى العسكرى للجيش المصرى فى عهد محمد على باشا، ولا يصبح مجرد زينة وإنما كان مظهرا للوقار والمكانة الاجتماعية، حيث انتشر بين طوائف الشعب المختلفة، وظل مستخدما فى الدول العربية مثل المغرب، مصر، سوريا، فلسطين، لبنان، تونس، والجزائر، وكان ضروريا لاستكمال المظهر الرسمي، حيث كان يرتديه الملك فاروق، حتى تم إلغاؤه على يد الزعيم جمال عبدالناصر، وأصبح فى سير الذاكرة الشعبية والتراثية.يظل طربوش سيد درويش الملقب بفنان الشعب، أحد مقتنياته الخاصة الذى يحتفظ بها متحف المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، تخليدا لذكراه، والذى ظل يرتديه هو وجلبابه وعباءته مصطحبا معه عوده الخاص يعزف ويتغنى به فى كل مكان. ويقول محمد فاروق مدير المتحف، إن طربوش سيد درويش، صنع فى شارع عبدالعزيز بالقاهرة على يد عبدالرحمن عفيفي. «يا بلح زغلول»، «قوم يا مصري»، «الحلوة دى قامت تعجن فى البدرية»، «طلعت يا محلا نورها شمس الشموسة»، «أنا هويت وانتهيت»، «زرونى كل سنة مرة»، «شد الحزام على وسطك غيره ما يفيدك»، «أهو ده اللى صار»، كأن هذه الكلمات كتبت أمس ولحنت اليوم، وتبدو أغانى سيد درويش كمياه النيل لا تنضب بل تتجدد دائما لتروى ظمأ عشاق الفن فى كل زمان ومكان وتشارك فى كل عصر، وتظل هذه الأغانى يتغنى بها المطربون حتى الآن.تجاوز كل سدود الإرث الموسيقى القديم وتخطاها، التحق بفرقة كامل الأصلى الارتجالية التى حلت، وبعد فترة قصيرة تحول إلى غناء القصائد، والموشحات، والأدوار المأثورة عنه عبده الحامولي، محمد عثمان جلال، إبراهيم القباني، واضطر للعمل بالمقاهي، حيث كان يغنى إلى جانب المقطوعات الدينية، الطقاطيق، والأغاني، والأدوار، والموشحات، استفاضت شهرته وانتشرت ألحانه على ألسنة الناس، ذاع صيته حتى أن كبار فنانى القاهرة أثناء زيارتهم للإسكندرية يبحثون عن المقهى الذى يغنى فيه درويش ليسمعوه، ومن بين هؤلاء الفنانين الشيخ سلامة حجازى الذى أعجب بصوته وألحانه وقدمه على مسرحه بين فصول الروايات التى كان يقدمها. عين ملحنا لفرقة جورج أبيض ولحن أول أوبريت بعنوان «فيروز شاه» ولفت هذا الاستعراض الأنظار ونجحت ألحانه وأغانيه، وتعاقد معه نجيب الريحانى وضمه لفرقته ولحن مجموعة من الاستعراضات «ولو» كان مطلعه شكوى جماعة السقايين، حيث وضع لكل فئة من طوائف الشعب المختلفة ما يناسبها من ألحان التى كانت معبرة عن ظروف المجتمع، عبر بألحانه عن ثورة ١٩١٩ التى جاءت تجسيدا لنضال الشعب وكفاحه من خلال أزجال بديع خيري.أول من اهتم بالتوزيع الآلى لألحانه المسرحية، واستطاع أن يدخل لأول مرة تعدد الأصوات الهارمونى فى وقت واحد، كون فرقته الخاصة فى ١٩٢١ وأطلق عليها «سيد درويش» وقدم ثلاثة أوبريتات، كان يؤدى فيها دور الفتى الأول، ألف العديد من الألحان لمجموعة من الفرق من الفترة ١٩١٧ حتى ١٩٢٣ وهى فرقة عمر وصفي، جورج أبيض، نجيب الريحاني، على الكسار، أولاد عكاشة، منيرة المهدية، سيد درويش، قدم ألحان العديد من المسرحيات الغنائية منها «الهواري»، «كله من ده»، «إش»، «قولوا له»، «العشرة الطيبة»، «فشر»، «ولسه»، «اللى فيهم»، «البربرى فى الجيش»، «كلها يومين»، «البروكة»، «الطاحونة الحمراء» وغيرها، حيث كانت حياته شعلة دائبة الضوء بعطائها الخصب.
مشاركة :