تشكل المقتنيات الخاصة بالجماعة الفنية، التى يحتفظ بها متحف المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، إرثا فنيا ضخما، نظرا لما يحفظه من تاريخ يمثل حركة وتطور الفنون المسرحية والموسيقية والغنائية بشكل كبير.وتقدم «البوابة» بالتعاون مع المركز القومى للمسرح، برئاسة الفنان ياسر صادق، على مدار ٣٠ ليلة من ليالى شهر رمضان الكريم، تعريفًا كاملًا حول إحدى تلك المقتنيات الخاصة، والتى تبرز مكانة المركز فى نشر الكنوز الفنية، التى تتمثل فى إكسسوارات، وصور الفنانين المسرحيين من الأجيال القديمة، الذين أثروا المسرح المصرى والعربى بإبداعاتهم الفنية، وظلت أعمالهم الجادة خالدة رغم رحيلهم، بالإضافة لدور المركز فى توثيق تاريخ الفنون المصرية، وتجلياتها وتنوعها على طول الخريطة الثقافية المصرية، والعمل على تقديم الخدمة الثقافية التى تدعم جهود التنوير وأخرى فنية وبحثية جادة فى مجالات عمله.ويقول محمد فاروق، مدير المتحف بالمركز، إن عُود الفنان سيد درويش صُنع بالمصنع الموسيقى المصري، الكائن بشارع محمد على بدرب المنجمة أمام المناصرة نمرة ٤، لصاحبه محمود علي، تصليح جرجس موسى صيدناوى العواد بالشماشرجى فى شبرا عام ١٩١٧.وأضاف، أنه أثناء زيارة الملحن اللبنانى مصطفى يوسف، لمصر فى إحدى دورات المهرجان العربى للمسرح، وتفقده متحف المركز، أكد أن هذا العُود مدون عليه اسم سيد درويش محفورا بداخله، وقد أهدى المركز غطاء لهذا العُود حفاظا عليه من أى تلفيات.وارتبط سيد درويش بالعُود الخاص به، والذى يرافقه فى كل مكان يتجه له، تلك الآلة التى يخرج من أوتارها ألحان يتغنى بها، حتى أصبح الغناء هو السلاح الذى يعبر عن أمانى أفراد الشعب، خاض هو وأصدقاؤه وهم: بديع خيري، وبيرم التونسي، وأمين صدقي، وغيرهم، المعارك الضارية ضد الاستعمار لصالح طبقات الشعب مستخدما اللحن المُعبر عن مضمون الكلام الذى يمس كافة نواحى الحياة الوطنية، والاقتصادية، والاجتماعية، التى تعرض وتدافع عن كافة القضايا التقدمية التى تمس أفراد الشعب.وسيد درويش أول من أبدع الأناشيد الحماسية الثورية، حيث لحن الأناشيد المستقلة وأخرى من مسرحياته، و«المواويل»، كما لحن ٣١ مسرحية غنائية خلال الست سنوات التى قضاها فى القاهرة ما بين عامى ١٩١٧ و١٩٢٣، إضافة إلى «الطقاطيق» وعددها يقارب الـ١٣٢، ولحن أيضا ٢٤ منولوجا، إلى جانب القصائد التى بلغت ٢٢ قصيدة، و«السلامات»، و«الموشحات» التى وصلت إلى ٣٩ موشحا، إلى جانب «الأدوار» التى بلغت ١٠ أدوار، كما لحن ما يقرب من ١٧ «ثنائيات» أى «الديالوجات»، كل هذا التنوع الذى تميز به جعله يستحوذ على النصيب الأكبر فى تطور الموسيقى والغناء المصرى فى مطلع القرن العشرين.ووجد درويش أن المسرح الغنائى هو الساحة الفنية الحقيقية فى تحقيق آماله فى الثورة الموسيقية المصرية التى تعمل فى صدره، بدأ مسرحه الغنائى بأوبريت «فيروز شاه» لفرقة جورج أبيض، واتبعها بمجموعة من الأعمال المسرحية لفرق نجيب الريحاني، على الكسار، أولاد عكاشة، منيرة المهدية، ثم فرقته الخاصة بالاشتراك مع الفنان عمر وصفي، حيث بدأ فى الغناء المسرحى فى أعماله التى توجه المجتمع ومعبرة عن آمال شعبه، كانت الأحداث والدراما المسرحية تربط بين هذه اللوحات من خلال ربط درامى بسيط، وتطور الدراما الغنائية للمسرح الغنائى جعلته يتفهم مضمون كلمات اللحن وموقعها فى الدراما المسرحية وانشغل بأحداث الرواية ووضع هذه الألحان فى موقعها الصحيح.واعتبر درويش أن الغناء المسرحى هو الأداة التعبيرية الفعالة القادرة على أن توصل ألحانه إلى الجماهير التى عبر عنها بالموسيقى، وأحبها الشعب لأنها فتحت أمامهم آفاقا جديدة فى صور الحياة وأدخلت فى قلوبهم ووجدانهم ألوانا من الانفعالات والمؤثرات بنغم صادق نابع منهم، لحن العديد من الأعمال، كان أشهرها «أنا المصري» فى الأوبريت الشهير «شهرزاد» حين تسأل الأميرة التترية شهرزاد التى أعجبت بالجندى المصرى «زعبلة»، الذى ترك بلده وأهله ليلحق بحبيبته «حورية» التى كانت تعمل فى بلاط الأميرة، من أنت؟ فرد قائلا: أنا المصرى كريم العنصرين، وصور من خلال هذا اللحن تجسيد العراقة الممتدة من الجدود حتى الوقت الحاضر، هذا التصوير اللحنى يظل معبرا عن الزمن النسبى بإطالة غناء لآلاف السنين مصورا لحنه بالنوت الموسيقية لا نهائية الكون بعدم قفل مازورة نغمات الكون ليتطابق الامتداد اللانهائى للحن مع الامتداد اللانهائى للكون وهذه هى عظمة موسيقاه، ثم «قوم يا مصري»، «يا بلح زغلول»، وغيرها.وتناولت شخصيته فى عدد من الأفلام والمسلسلات منها: فيلم «سيد درويش» وجسد الفنان كرم مطاوع هذا الدور، إضافة إلى مسلسل «أهل الهوى» وجسد شخصية درويش حفيده الفنان إيمان البحر درويش، إلى جانب مسرحية «سيد درويش» للمخرج محمد توفيق، وجسد الفنان محمد نوح هذا الدور، وظلت أعماله باقية حتى وقتنا هذا رغم رحيله.
مشاركة :