قال الدكتور سيد على إسماعيل، أستاذ المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان: إن غالبية الشعب المصرى لا يعرف أن فى وزارة الثقافة مركزًا قوميًا للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية!! وأقول أيضًا: إن معظم منتسبى الوزارة، لا يعرفون أين يقع هذا المركز، وما هو دوره تحديدًا!! الغريب أن هذا المركز عمره الآن حوالى أربعين سنة!! وقام برئاسته واحد وعشرون رئيسًا، بواقع عام ونصف العام لكل رئيس فى المتوسط، وهذا هو السبب المباشر لعدم ظهور هذا المركز ونشاطه، بسبب كثرة رؤسائه، وعدم تمكنهم من العمل، بسبب قصر مدة الرئاسة، واستثنى هنا ثلاثة، ممن تركوا بصمة واضحة فى المركز ونشاطه، لأن مدة إدارتهم للمركز كانت أربع سنوات، وهم: ليلى جاد، ومحمود الحديني، وسامح مهران.هناك سبب آخر، أسهم فى عملية التعتيم على نشاط هذا المركز، تمثل فى أكذوبة، تقول: إن المركز يحتفظ بكنوز تراثية فنية لأعلام ورواد المسرح والموسيقى والفنون الشعبية، وهى كنوز لا تقدر بثمن، لذلك يجب الحفاظ عليها: بإخفائها، وعدم تصويرها، وعدم رؤيتها، وعدم لمسها، وعدم معرفة معلومات عنها، وعدم نشر أى شيء يتعلق بها.. إلخ!! وهذه الأكذوبة توارثها كل رؤساء المركز تقريبًا، طوال أربعين سنة!! فظل المركز فى الظل، ونشاطه غير معروف إلا مما ندر!!شاء القدر أن يفضح هذه الأكذوبة رئيس المركز الحالى الفنان ياسر صادق، عندما كسر هذا الوهم المستمر طوال أربعين سنة، وألغى الأكذوبة المتوارثة، واستطاع بشجاعة كبيرة أن يعرض كنوز المركز على العالم أجمع، عندما منح الصحفى حسن مختار الحق فى تصوير كنوز المركز، ونشر صورها والكتابة عنها فى سلسلة يومية بجريدة «البوابة»، طوال شهر رمضان المبارك، ويا حبذا لو تم تجمع هذه المقالات- بصورها- فى كتاب من إصدار المركز، كما صرّح رئيسه، لتظل كنوز المركز متاحة للجميع فى صورة هذا الكتاب.والجدير بالذكر، أن كنوز المركز كثيرة ومتنوعة، وما تم نشر حتى الآن- طوال رمضان- يدل على أن الانتقاء لم يكن انتقاءً عشوائيًا، بل كان مقصودًا لجذب قراء «البوابة» إلى هذا الباب كل يوم لمعرفة أسرار التراث الفني، وما يحتفظ به المركز من كنوز. فعلى سبيل المثال، نقرأ حلقة بعنوان «عبده الحامولي.. حكاية ألمظ وساكنة بك»؛ بوصفهما أبرز النجوم فى عهد الخديو إسماعيل، ومن أهم من برعوا فى استخدام المقامات الموسيقية. وكذلك نقرأ عن «دار الأوبرا.. عروس الفنون» بوصفها أكبر مسرح بُنى فى مصر عام 1869، ونقرأ عن «عود سيد درويش» الذى لحن عليه أغنية «أنا المصرى» والمواويل والطقاطيق، ونشاهد صورة العود المحفوظ داخل المركز! كما نقرأ عن «يوسف وهبي.. ودفتر حسابات الفرقة القومية 1951»، هذا الدفتر يفتح مجال البحث لمعرفة أسرار تاريخية فى مسيرة الفرقة القومية، كما نقرأ أيضًا «يوسف وهبى وسر خطابه لنبيل الألفي».والذى يتتبع مقالات حسن مختار فى «البوابة»، سيندهش من كم الصور المنشورة والمعلومات الدقيقة حول كنوز المركز، مثل مقالاته المعنونة: أمينة رزق وزىّ راسبوتين، ونبيل الألفي وسر روب جائزة الدولة التقديرية، وزكريا الحجاوي «أيوب المصري»، وناجى شاكر وحلم الليلة الكبيرة، والسيد راضى صانع النجوم، وهكذا تستمر حلقات «البوابة»، ونقرأ خلافًا لما سبق عن: أشرف عبدالغفور، زكى طليمات، فتوح نشاطي، داود حسني، توفيق الدقن، عبدالمنعم إبراهيم.. إلخ.لم يكتف حسن مختار بالكتابة عن كنوز المركز ونشر صورها، بل اجتهد فى الكتابة التاريخية حول بعض الفرق المسرحية المنسية، من خلال نُبذ تعريفية بسيطة، ومنها: فوزى منيب.. كشكش البربري، عبدالله النديم.. رائد النضال فى المسرح المدرسي، كاميل شامبير.. عشق آلة الكورنيت.. وقاد أوبرا كارمن.وختامًا أقول: إن الهدف مما كتبته فى هذه المقالة هو أمنية، تمناها كل رئيس تولى رئاسة المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، ألا وهى «الحفاظ على كنوز المركز من الضياع»!! والحقيقة أن كل رؤساء المركز، حاولوا تحقيق هذه الأمنية؛ ولكنهم فشلوا تحت تأثير أكذوبة إخفاء الكنوز وعدم عرضها أو تصويرها أو نشر معلومات عنها، مما تسبب فى تعتيمها وعدم إبراز قيمتها وأهميتها، والوحيد الذى نجح فى ذلك، هو ياسر صادق- من خلال جهود حسن مختار فى «البوابة»- لأنه كشف النقاب عن هذه الكنوز، وعرّف الناس بها، فأصبح الجميع لديه (سجل عهدة) لبعض كنوز المركز، ويستطيع أى فرد الآن أن يذهب إلى المركز ومعه حلقة من حلقات «البوابة»، ويطالب برؤية أو تصوير أو معرفة أو دراسة هذا الكنز الموجود فى المقالة!! هذا هو المكسب الحقيقي.. معرفة تراثنا الفنى المحفوظ داخل أروقة المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية!!متمنيًا للفنان ياسر صادق، أن يأتى اليوم ليكون اسمه هو الاسم الرابع بعد (ليلى جاد، محمود الحديني، سامح مهران)؛ بوصفه رئيس المركز الرابع الذى تخطت فترة رئاسته الأعوام الأربعة!!
مشاركة :